صدر مؤخراً للشاعرة والقاصّة البحرينية منار السمّاك مجموعة قصصية جديدة بعنوان (غياب) وهي المجموعة الثانية لها بعد إصدار قصصي بعنوان (سم الأفعى) وثلاثة دواوين شعرية هي (إليك أكتب) و(قال أحبك ورحل) و(ومضات). وإضافة إلى اهتمامها بكتابة وقراءة الشعر والقصة فهي ناشطة نسوية واجتماعية ونقابية في مجال حقوق المرأة البحرينية والعربية وعضو في العديد من المراكز الثقافية والأدبية كمركز عبدالرحمن كانو الثقافي وملتقى القصة بأسرة الأدباء والكتاب وجمعية المنبر التقدمي ومنتدى البحرين الإبداعي، وقد شاركت في عدد من الأمسيات الشعرية والأدبية والاجتماعية التي أقيمت في هذه المراكز بالإضافة إلى مركز شباب جدحفص ومركز كرزكان الثقافي والرياضي وجمعية المرأة البحرينية. تشتمل المجموعة على ست قصص هي (غياب)، (الجلسة)، (صداقة في الغربة)، (همسات)، (زوج فاطمة) و(إيقاع الرحيل). بعض هذه القصص طويلة نسبياً كما في الثلاث قصص الأولى والبعض الآخر متوسط الطول كما في القصتين الأخيرتين. تتحدث بعض القصص عن نساء منحرفات وغير وفيات لأزواجهن كما في قصة (صداقة في الغربة) التي تصور امرأة لعوب تسخّر جمالها للإيقاع بالرجال رغم أنها متزوجة ولديها أولاد وبنات. «وقف ياسين متسمراً تأخذه الدهشة لما حدث، لقد التهمت شفتاه واحتضنته بقوة وحرارة ثم تركته فجأة وكأنها مفزوعة منه مما جعله يرتعش ويقشعر بدنه ويصبح كورقة صفراء ذابلة في مهب الريح. إنها أم حسن، لقد استطاعت أن ترى الحرمان والشوق في عينيه وبخبث ودهاء تسللت إلى نفسه لتحدثه عن ما يهواه سمعه مستحثةً إياه وهو يتخلى عن التجرد من الحياء والخجل ليبوح بأسراره دون إدراك منه لما ستؤول إليه الأمور، رآها أول مرة في المطعم حين كانوا يتناولون طعام الغداء، وقد لمح في عينها نظرة مكسورة حزينة تنم عن حرمان وحسرة رغم ما تحمله من جمال أخاذ» وكذلك قصة (غياب) التي تتقمص فيها البطلة دور المرأة المحتاجة للمساعدة والمال رغم تظاهرها بالتعفف وترمي بشباكها لصيد ضحاياها من الرجال وابتزازهم ثم الابتعاد عنهم كلية بصورة مفاجئة. فالغياب هنا وفي القصة السابقة هو غياب الأخلاق الدمثة وغياب الصدق والوفاء من جانب المرأة، ونفس الشيء يتكرر في قصة (إيقاع الرحيل) التي تتحدث عن ابتعاد مفاجئ للحبيبة بعد حب جارف بين الحبيبين. «قال برجاء: هل لازلت أستطيع مناداتك حبيبتي؟ قالت له بعفوية: أنت حبي وإن اضطررت للبعد عنك ستبقى تحتل مساحة كبيرة من قلبي لن يمسها غيرك. أسكرته إجابتها، أحس بامتنان كبير لها، شعر بحبها يكبر في قلبه وما عودتها إليه سوى رسالة حب خالد سطرها القدر بينهما، مط شفتيه دون أن ينبس ببنت شفة، قالت ضاحكة لتكسر حاجز الصمت الذي سيطر على الوضع بينهما: أعذرني فالطعام على النار ولا أظنك تريدنا أن نأكل شيئاً محروقاً». ومن الملاحظ على القصص الثلاث السابقة انها تصوّر المرأة الخائنة والخبيثة والسيئة السلوك وهو عادة عكس ما نجده في القصص، خصوصاً التي تكتبها نساء، والتي تتحدث عن وفاء المرأة وحبها الصادق وتضحياتها والظلم الذي تتعرض له من قبل الرجل أو المجتمع. ومن القصص الملفتة للنظر التي تتحدث عن الإخلاص والوفاء بين الزوجين قصة (همسات)، حيث تصاب الزوجة بمرض خطير ويضطر الزوج المسافر في مهمة قصيرة إلى قطع رحلته للعودة للوقوف معها في محنتها. ويسرنا أن نختم مقالنا بهذه المقطع الأدبي الجميل من هذه القصة: «لكن يقينه بدوام الحال من المحال يعكر صفو جمعهما ويجعله يقرأ أمامه ساعة الفراق الآتية لا محال، إنها كالملاك في طهارتها ونقاء ذاتها، امرأة عشقها البحر قبل أن تراه وتغنت بمقدمها للشاطئ طيور النورس، فكانت المياه تتسابق في غسل قدميها بينما قناديل البحر تراقبها من بعيد حين ترفع طرف ثوبها كي لا يصيبه البلل، وتمشي حافية القدمين على الرمال الفضية تنعشها نسمات البحر العليلة».
مشاركة :