في مجموعتها القصصية «غياب» الشاعرة والقاصة منار السمّاك والخروج عن المألوف

  • 10/22/2022
  • 10:11
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

صدر‭ ‬مؤخراً‭ ‬للشاعرة‭ ‬والقاصّة‭ ‬البحرينية‭ ‬منار‭ ‬السمّاك‭ ‬مجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬جديدة‭ ‬بعنوان‭ (‬غياب‭) ‬وهي‭ ‬المجموعة‭ ‬الثانية‭ ‬لها‭ ‬بعد‭ ‬إصدار‭ ‬قصصي‭ ‬بعنوان‭ (‬سم‭ ‬الأفعى‭) ‬وثلاثة‭ ‬دواوين‭ ‬شعرية‭ ‬هي‭ (‬إليك‭ ‬أكتب‭) ‬و‭(‬قال‭ ‬أحبك‭ ‬ورحل‭) ‬و‭(‬ومضات‭). ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اهتمامها‭ ‬بكتابة‭ ‬وقراءة‭ ‬الشعر‭ ‬والقصة‭ ‬فهي‭ ‬ناشطة‭ ‬نسوية‭ ‬واجتماعية‭ ‬ونقابية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والعربية‭ ‬وعضو‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المراكز‭ ‬الثقافية‭ ‬والأدبية‭ ‬كمركز‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬كانو‭ ‬الثقافي‭ ‬وملتقى‭ ‬القصة‭ ‬بأسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب‭ ‬وجمعية‭ ‬المنبر‭ ‬التقدمي‭ ‬ومنتدى‭ ‬البحرين‭ ‬الإبداعي،‭ ‬وقد‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأمسيات‭ ‬الشعرية‭ ‬والأدبية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬أقيمت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬شباب‭ ‬جدحفص‭ ‬ومركز‭ ‬كرزكان‭ ‬الثقافي‭ ‬والرياضي‭ ‬وجمعية‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭. ‬ تشتمل‭ ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬ست‭ ‬قصص‭ ‬هي‭ (‬غياب‭)‬،‭ (‬الجلسة‭)‬،‭ (‬صداقة‭ ‬في‭ ‬الغربة‭)‬،‭ (‬همسات‭)‬،‭ (‬زوج‭ ‬فاطمة‭) ‬و‭(‬إيقاع‭ ‬الرحيل‭). ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬القصص‭ ‬طويلة‭ ‬نسبياً‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬الثلاث‭ ‬قصص‭ ‬الأولى‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬متوسط‭ ‬الطول‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬القصتين‭ ‬الأخيرتين‭. ‬ تتحدث‭ ‬بعض‭ ‬القصص‭ ‬عن‭ ‬نساء‭ ‬منحرفات‭ ‬وغير‭ ‬وفيات‭ ‬لأزواجهن‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬قصة‭ (‬صداقة‭ ‬في‭ ‬الغربة‭) ‬التي‭ ‬تصور‭ ‬امرأة‭ ‬لعوب‭ ‬تسخّر‭ ‬جمالها‭ ‬للإيقاع‭ ‬بالرجال‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬متزوجة‭ ‬ولديها‭ ‬أولاد‭ ‬وبنات‭.‬ ‮«‬وقف‭ ‬ياسين‭ ‬متسمراً‭ ‬تأخذه‭ ‬الدهشة‭ ‬لما‭ ‬حدث،‭ ‬لقد‭ ‬التهمت‭ ‬شفتاه‭ ‬واحتضنته‭ ‬بقوة‭ ‬وحرارة‭ ‬ثم‭ ‬تركته‭ ‬فجأة‭ ‬وكأنها‭ ‬مفزوعة‭ ‬منه‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬يرتعش‭ ‬ويقشعر‭ ‬بدنه‭ ‬ويصبح‭ ‬كورقة‭ ‬صفراء‭ ‬ذابلة‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭. ‬إنها‭ ‬أم‭ ‬حسن،‭ ‬لقد‭ ‬استطاعت‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬الحرمان‭ ‬والشوق‭ ‬في‭ ‬عينيه‭ ‬وبخبث‭ ‬ودهاء‭ ‬تسللت‭ ‬إلى‭ ‬نفسه‭ ‬لتحدثه‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬يهواه‭ ‬سمعه‭ ‬مستحثةً‭ ‬إياه‭ ‬وهو‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬التجرد‭ ‬من‭ ‬الحياء‭ ‬والخجل‭ ‬ليبوح‭ ‬بأسراره‭ ‬دون‭ ‬إدراك‭ ‬منه‭ ‬لما‭ ‬ستؤول‭ ‬إليه‭ ‬الأمور،‭ ‬رآها‭ ‬أول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬المطعم‭ ‬حين‭ ‬كانوا‭ ‬يتناولون‭ ‬طعام‭ ‬الغداء،‭ ‬وقد‭ ‬لمح‭ ‬في‭ ‬عينها‭ ‬نظرة‭ ‬مكسورة‭ ‬حزينة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬حرمان‭ ‬وحسرة‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تحمله‭ ‬من‭ ‬جمال‭ ‬أخاذ‮»‬ وكذلك‭ ‬قصة‭ (‬غياب‭) ‬التي‭ ‬تتقمص‭ ‬فيها‭ ‬البطلة‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬المحتاجة‭ ‬للمساعدة‭ ‬والمال‭ ‬رغم‭ ‬تظاهرها‭ ‬بالتعفف‭ ‬وترمي‭ ‬بشباكها‭ ‬لصيد‭ ‬ضحاياها‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬وابتزازهم‭ ‬ثم‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنهم‭ ‬كلية‭ ‬بصورة‭ ‬مفاجئة‭.  ‬ فالغياب‭ ‬هنا‭ ‬وفي‭ ‬القصة‭ ‬السابقة‭ ‬هو‭ ‬غياب‭ ‬الأخلاق‭ ‬الدمثة‭ ‬وغياب‭ ‬الصدق‭ ‬والوفاء‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المرأة،‭ ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬يتكرر‭ ‬في‭ ‬قصة‭ (‬إيقاع‭ ‬الرحيل‭) ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬ابتعاد‭ ‬مفاجئ‭ ‬للحبيبة‭ ‬بعد‭ ‬حب‭ ‬جارف‭ ‬بين‭ ‬الحبيبين‭. ‬ ‮«‬قال‭ ‬برجاء‭: ‬هل‭ ‬لازلت‭ ‬أستطيع‭ ‬مناداتك‭ ‬حبيبتي؟‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬بعفوية‭: ‬أنت‭ ‬حبي‭ ‬وإن‭ ‬اضطررت‭ ‬للبعد‭ ‬عنك‭ ‬ستبقى‭ ‬تحتل‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬قلبي‭ ‬لن‭ ‬يمسها‭ ‬غيرك‭. ‬أسكرته‭ ‬إجابتها،‭ ‬أحس‭ ‬بامتنان‭ ‬كبير‭ ‬لها،‭ ‬شعر‭ ‬بحبها‭ ‬يكبر‭ ‬في‭ ‬قلبه‭ ‬وما‭ ‬عودتها‭ ‬إليه‭ ‬سوى‭ ‬رسالة‭ ‬حب‭ ‬خالد‭ ‬سطرها‭ ‬القدر‭ ‬بينهما،‭ ‬مط‭ ‬شفتيه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينبس‭ ‬ببنت‭ ‬شفة،‭ ‬قالت‭ ‬ضاحكة‭ ‬لتكسر‭ ‬حاجز‭ ‬الصمت‭ ‬الذي‭ ‬سيطر‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬بينهما‭: ‬أعذرني‭ ‬فالطعام‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬ولا‭ ‬أظنك‭ ‬تريدنا‭ ‬أن‭ ‬نأكل‭ ‬شيئاً‭ ‬محروقاً‮»‬‭. ‬ ومن‭ ‬الملاحظ‭ ‬على‭ ‬القصص‭ ‬الثلاث‭ ‬السابقة‭ ‬انها‭ ‬تصوّر‭ ‬المرأة‭ ‬الخائنة‭ ‬والخبيثة‭ ‬والسيئة‭ ‬السلوك‭ ‬وهو‭ ‬عادة‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬القصص،‭ ‬خصوصاً‭ ‬التي‭ ‬تكتبها‭ ‬نساء،‭ ‬والتي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬وفاء‭ ‬المرأة‭ ‬وحبها‭ ‬الصادق‭ ‬وتضحياتها‭ ‬والظلم‭ ‬الذي‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭. ‬ ومن‭ ‬القصص‭ ‬الملفتة‭ ‬للنظر‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الإخلاص‭ ‬والوفاء‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬قصة‭ (‬همسات‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬تصاب‭ ‬الزوجة‭ ‬بمرض‭ ‬خطير‭ ‬ويضطر‭ ‬الزوج‭ ‬المسافر‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬قصيرة‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬رحلته‭ ‬للعودة‭ ‬للوقوف‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬محنتها‭. ‬ويسرنا‭ ‬أن‭ ‬نختم‭ ‬مقالنا‭ ‬بهذه‭ ‬المقطع‭ ‬الأدبي‭ ‬الجميل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭:‬ ‮«‬لكن‭ ‬يقينه‭ ‬بدوام‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬المحال‭ ‬يعكر‭ ‬صفو‭ ‬جمعهما‭ ‬ويجعله‭ ‬يقرأ‭ ‬أمامه‭ ‬ساعة‭ ‬الفراق‭ ‬الآتية‭ ‬لا‭ ‬محال،‭ ‬إنها‭ ‬كالملاك‭ ‬في‭ ‬طهارتها‭ ‬ونقاء‭ ‬ذاتها،‭ ‬امرأة‭ ‬عشقها‭ ‬البحر‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تراه‭ ‬وتغنت‭ ‬بمقدمها‭ ‬للشاطئ‭ ‬طيور‭ ‬النورس،‭ ‬فكانت‭ ‬المياه‭ ‬تتسابق‭ ‬في‭ ‬غسل‭ ‬قدميها‭ ‬بينما‭ ‬قناديل‭ ‬البحر‭ ‬تراقبها‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬حين‭ ‬ترفع‭ ‬طرف‭ ‬ثوبها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يصيبه‭ ‬البلل،‭ ‬وتمشي‭ ‬حافية‭ ‬القدمين‭ ‬على‭ ‬الرمال‭ ‬الفضية‭ ‬تنعشها‭ ‬نسمات‭ ‬البحر‭ ‬العليلة‮»‬‭.‬

مشاركة :