أظهر الفيلم الوثائقي الذي صدر عام 2018 عن حياة ستيفن جيرارد أن النجم الإنجليزي كان - ولا يزال على الأرجح - يعاني من تداعيات ما حدث في أبريل (نيسان) 2014، عندما انزلق داخل الملعب خلال مباراة فريقه ليفربول أمام تشيلسي، ليتسبب في دخول هدف في مرمى ليفربول، وإبعاد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز عن الريدز. وقال جيرارد: «لا يمر يوم إلا وأفكر فيه فيما كان سيحدث لو لم يحدث هذا». وبالتالي، هناك انطباع بأن تأثير الإخفاقات يدوم لفترة أطول بكثير من تأثير النجاحات. وعندما دخل جيرارد عالم التدريب، قاد رينجرز بشكل رائع، وأعاد له سمعته كنادٍ عملاق. وبدا كأن المدير الفني الشاب يسير في طريق واضح للجميع، وهو أن تجربته مع غلاسكو رينجرز ستكون نقطة انطلاق لتولي القيادة الفنية لليفربول يوماً ما، ربما بعد قيادة نادٍ كبير آخر في إنجلترا. وكان اسم جيرارد الكبير كلاعب يعني أنه لن يبذل مجهوداً كبيراً، من أجل إقناع الأندية الأخرى بالتعاقد معه كمدير فني. وبالتالي، بدت رحلة عودة البطل الأسطوري إلى ليفربول تسير بشكل جيد ومباشر. ومع ذلك، كان هناك خطر غير معلَن، يتمثل في أنه إذا فشل جيرارد في مهمته مع رينجرز أو في أي مكان آخر؛ فلن يكون من المنطقي أن يتعاقد معه ليفربول لقيادة الفريق خلفاً للمدير الفني الألماني يورغن كلوب. والآن، وبعد 11 شهراً من توليه القيادة الفنية لأستون فيلا، يجد جيرارد نفسه عاطلاً عن العمل، وبعيداً عن قيادة ليفربول أكثر من أي وقت مضى. من الواضح أن جيرارد سيتعامل مع إقالته بشكل سيئ. فرغم أنه شخص قوي ويفكر بعمق كبير، فإنه من الصعب أن يرى جوانب إيجابية في إقالته من تدريب أستون فيلا. في الحقيقة، هناك بعض الأسباب التي تجعل المدير الفني البالغ من العمر 42 عاماً يشعر بالقلق أو الخوف بشأن الخيارات التي ستكون متاحة أمامه بعد ذلك. وربما بات يتعين على جيرارد أن يعيد بناء مسيرته التدريبية من خلال العمل في دوري الدرجة الأولى، وهي البطولة التي لا تقدم أي ضمانات. ومع ذلك، يجب الإشادة بجيرارد، لأنه قرر في البداية عدم العمل على مستوى الشباب في ليفربول، ورأى أنه من الأفضل بالنسبة له اختبار نفسه في مهام تدريبية أكثر صعوبة وأكثر تعرضاً للضغوط. وكانت هناك أيضا جرأة - وإن كان البعض يرى أنها سذاجة - في تولي القيادة الفنية لأستون فيلا. لقد تضررت السيرة الذاتية لعدد هائل من المديرين الفنيين على مدى العقد الماضي - بما في ذلك ضرر تسبب في إنهاء مسيرة البعض - من خلال تولي القيادة الفنية للنادي الذي رحل عنه جيرارد للتو، مثل ريمي غارد، الذي تولى القيادة الفنية لأستون فيلا، وهو في منحنى تصاعدي رائع في مسيرته التدريبية، لكنه أقيل من منصبه، بعد 23 مباراة فقط، وروبرتو دي ماتيو الذي أقيل بعد عشر مباريات. ومن الواضح أن هذه التجربة الفاشلة قد أنهت فرص هذين المديرين الفنيين في العمل مرة أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز! لقد كانت فترة عمل جيرارد أطول، لكنها لم تكن أكثر نجاحاً، حيث لم يحقق الفوز إلا 12 مرة في 38 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز. وبعد الخسارة الثقيلة بثلاثية نظيفة أمام فولهام أصبح أستون فيلا على بُعد مركز واحد فقط من المراكز المؤدية للهبوط. وعلاوة على ذلك، لم يسجل الفريق سوى سبعة أهداف في أول 11 مباراة في الدوري. صحيح أنه كانت هناك بعض الأسباب التي أدت إلى ذلك، مثل المستوى الباهت للاعب خط الوسط البرازيلي فيليب كوتينيو، والإصابات التي تعرض لها لوكاس ديني ودييغو كارلوس وبوبكر كامارا، لكن جيرارد كان يعرف منذ فترة أن موقفه غير مستقر. هناك نظرية واسعة الانتشار، وربما معقولة، مفادها أن توقعات وطموحات جمهور أستون فيلا مرتفعة بشكل مبالغ فيه. ومع ذلك، من المفترض أن جيرارد قد اعتاد مثل هذه الضغوط، منذ أن كان صغيراً، ويعرف جيداً أنه كان يتعين عليه إحراز تقدُّم ملموس حتى يرفع هذه الضغوط عن كاهله. وحتى أولئك الذين يصرون على أن رحيل مساعد جيرارد السابق، مايكل بيل، كان سبباً أساسياً في تراجع نتائج الفريق، ربما نسوا أن النتائج كانت متشابهة سواء في ظل وجود بيل أو بعد رحيله. في الحقيقة، ربما كان يتعين على جيرارد أن يستمر لفترة أطول مع رينجرز، لا سيما أنه كان يحظى بتقدير كبير هناك. لقد أعاد جيرارد المكانة والكبرياء لهذا النادي العريق، الذي كان الأمر قد وصل به للخروج من المنافسات الأوروبية أمام فريق متواضع من لوكسمبورغ! لقد أعاده جيرارد للمشاركة في بطولة الدوري الأوروبي أولاً، ثم قاده للحصول على لقب الدوري الاسكوتلندي في موسم 2020 - 2022، لكن جيرارد شعر بعد ذلك بأنه من الصعب عليه البقاء في غلاسكو، بينما عائلته تقيم في إنجلترا. لا يوجد أدنى شك في أن جيرارد قد رفع مستوى الطموحات والمعايير في رينجرز، كما تمكن من حرمان الغريم التقليدي لرينجرز، سيلتك، من الفوز بلقب الدوري الاسكوتلندي الممتاز للمرة العاشرة على التوالي. لكن ما حدث قبل هذا الموسم وبعده (لعب هذا الموسم من دون جمهور بسبب تداعيات تفشي فيروس «كورونا») يطرح العديد من التساؤلات، حيث تعرض جيرارد لانتقادات لاذعة بعد الخسارة أمام هاميلتون، بهدف دون رد، في مارس (آذار) 2020، بعد أيام من الخروج من كأس اسكوتلندا، عقب الخسارة من هارتس. وخلال الموسم الماضي، تعرض رينجرز، الذي لا يزال يضم تقريباً نفس العناصر التي كانت تلعب تحت قيادة جيرارد، لهزيمة قاسية من سيلتك بقيادة المدير الفني اليوناني، أنجي بوستيكوغلو. من الواضح أن هناك رغبة كبيرة من جانب اللاعبين الإنجليز المعتزلين حديثاً في أن ينجحوا في عالم التدريب، ويصبحوا من أفضل المدربين في البلاد، لكن من الواضح أن هذا الأمر صعب للغاية على أرض الواقع. يفضل غاري لينيكر تحليل المباريات في الاستوديوهات التلفزيونية، ويفضل ديفيد بيكام امتلاك نادٍ على العمل في مجال التدريب، ومر توني آدمز بوقت عصيب للغاية مع وايكومب واندررز. ويتولى جون تيري دوراً استشارياً في الطاقم التدريبي لتشيلسي، ويعمل ريو فرديناند محللاً للمباريات، بينما تولى بول سكولز القيادة الفنية لنادي أولدهام في سبع مباريات فقط. ربما يظهر واين روني رائداً في هذا المجال، لكن كان من الصعب تقييم الفترة التي قضاها مع نادي ديربي كاونتي، الذي كان يعاني من مشكلات هائلة، قبل أن يحتل فريقه دي سي يونايتد المركز الأخير في جدول ترتيب دوري المؤتمر الشرقي الأميركي. وبينما تجد هذه الأساطير صعوبة في ترك بصمة في عالم التدريب، فإن غراهام بوتر القادم من دوري الدرجة الأولى هو رجل المرحلة حالياً. ربما يقترب غاريث ساوثغيت، الذي لم يكن لاعباً من العيار الثقيل، من نهاية مرحلته مع المنتخب الإنجليزي، لكن تظل الحقيقة أنه مدير فني جيد، وقاد المنتخب الإنجليزي لتحقيق نتائج غير مسبوقة. ومن الواضح أن نجم إيدي هاو آخذ في الارتفاع مرة أخرى، لكن من الواضح أيضاً أن الإدارة السعودية ساعدته كثيراً في ذلك. فمن يبقى إذن من العصر الذهبي السابق للمنتخب الإنجليزي؟ يقوم فرانك لامبارد، زميل جيرارد السابق في خط وسط المنتخب الإنجليزي، بعمل معقول الآن مع إيفرتون رغم الموارد المحدودة، لكن لم يتقدم أي منهما إلى المكانة التي كانت متوقَّعة لهما في عالم التدريب. لم يتحدث جيرارد أبداً على الملأ عن رغبته في قيادة ليفربول يوماً ما، لكننا جميعاً نعرف أن هذا هو هدفه الأساسي. ومع ذلك، يُعدّ هذا حلماً بعيد المنال للغاية في الوقت الحالي.
مشاركة :