مقالة خاصة: فلسطينيون يصارعون لحصاد ثمار الزيتون في الضفة الغربية بسبب قيود إسرائيلية

  • 10/24/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يجد الفلسطيني شريف التميمي من حي تل الرميدة في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية نفسه في سباق مع الزمن لعله يتمكن من حصاد أشجار الزيتون الخاصة به في وقت قصير بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة عليه خلال موسم الحصاد. وعادة ما يبدأ موسم حصاد الزيتون في الأراضي الفلسطينية في منتصف أكتوبر ويستمر لمدة 45 يوما، إلا أن بعض المزارعين يجدون صعوبة في اللحاق بالموسم، خاصة أولئك الذين يمتلكون أراضي محاذية أو قريبة من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ويشكو التميمي (42 عاما) وهو أب لأربعة أبناء من أن السلطات الإسرائيلية شددت أخيرا من قيودها على المزارعين، خاصة إجبارهم على تقديم طلبات رسمية لها من أجل الحصول على تصاريح للوصول إلى أراضيهم. وتمكن أخيرا التميمي من الحصول على تصريح خاص لدخول أرضه التي يمتلك أوراقا ثبوتية بها وتبلغ مساحتها 3.5 دونم (الدونم يعادل 1000 متر مربع) بعد معاناة وطول انتظار وأجواء من القلق والتوتر خوفا من ضياع موسم الحصاد عليه. إلا أن تحديد ساعات معينة في النهار أمام التميمي لحصد ثمار الزيتون من داخل أرضه كبيرة المساحة كانت بمثابة مفاجأة وتحدي بالنسبة له ولمزارعين آخرين، كما يقول لوكالة أنباء ((شينخوا)). ولا تكمن الصعوبات بالنسبة للتميمي وجيرانه المزارعين في تحديد وقت الحصاد فقط، ولكن الوصول إلى أراضيهم أيضا يستغرق ساعات طويلة نتيجة اضطرارهم لاجتياز العديد من الحواجز والبوابات الالكترونية الإسرائيلية المنتشرة في محيط الحي. ويقول التميمي "حتى لو وصلنا إلى أراضينا مبكرا فإن المستوطنين الإسرائيليين يهاجموننا عمدا من خلال رشقنا بالحجارة أو شتمنا بألفاظ نابية وعندما نحاول الدفاع عن أنفسنا يتصلون بالجيش الإسرائيلي الذي يطردنا حتى دون الاستماع إلى حججنا". ونتيجة لذلك، يشرح المزارع الفلسطيني أنه نادرا ما يتمكن من إنهاء حصاده كاملا، ويقول "بأفضل الأحوال أستطيع جمع طن واحد من الزيتون الذي بالكاد يكفي لتلبية احتياجات أسرتي السنوية من الحصاد". ويشير التميمي إلى أن أشجار الزيتون الخاصة به تنتج 80 في المائة أقل مقارنة بالسنوات ما قبل فرض القيود الإسرائيلية عليهم، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي هو منع الجيش الإسرائيلي المستمر لهم من الوصول إلى أراضيهم خلال العام والاعتناء بأشجارهم. ويقع حي تل الرميدة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة بحسب اتفاق وقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1997 بشأن الخليل يقسمها إلى قسمين (H1) الذي يخضع للسيطرة الفلسطينية و(H2) تحت السيطرة الإسرائيلية. ولم يكن الحال أفضل بالنسبة للمزارع أكرم أبو شخدم (35 عاما) الذي يواجه نفس صعوبات سلفه التميمي، متهما السلطات الإسرائيلية بمحاولة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم من أجل منحها لصالح المستوطنين. ويقول أكرم أبو شخدم ل(شينخوا) إن السلطات الإسرائيلية "تبذل قصارى جهدها لإجبار المزارعين الفلسطينيين على هجرة أراضيهم القريبة من المستوطنات من أجل منحها للمستوطنين للعيش فيها". ويتابع أبو شخدم الذي يمتلك أرضا بمساحة 1.5 دونم أن المزارعين "لن يتخلوا عن أرضهم وحقهم في البقاء عليها رغم كافة الصعوبات والعراقيل حتى لو اضطروا للموت فوقها". وتقع أراضي التميمي وأبو شخدم قرب مستوطنة "رمات يشاي" وبؤرة تل الرميدة الاستيطانية المقامتين على أراضي الحي، علما بأن إسرائيل احتلت الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي. ويقول عيسى عمرو منسق شباب ضد الاستيطان، وهي منظمة غير حكومية إن المزارعين في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية يعانون من "تصعيد غير مسبوق لصالح النشاط الاستيطاني، مستغلين غياب وجود السلطة في تلك المناطق". ويضيف عمرو أن المنظمة تساعد قرابة 3000 متضامن أجنبي سنويا في تقديم خدمات للمزارعين بدءا من توثيق الاعتداءات عليهم عبر الكاميرات والهواتف النقالة وانتهاء بمساعدتهم في حصاد محاصيلهم. ومن ضمن هؤلاء المتضامنين الأجانب، وصل المتضامن الإيطالي جولاني قبل أيام إلى حي تل الرميدة بالخليل في محاولة لتوفير حماية للمزارعين في موسم حصاد محصول الزيتون. ويقول جولاني وهو يجلس تحت شجرة داخل أرض التميمي إن المزارعين الفلسطينيين "يعانون كثيرا للتمتع بالحد الأدني من حقوقهم الطبيعية بسبب القوانين الإسرائيلية المفروضة عليهم". ويضيف أن المتضامنين الأجانب الذي يصلون إلى الضفة الغربية حاملين رسالة سلام "لم يسلموا من هجمات المستوطنين أثناء المشاركة في مساعدة المزارعين"، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يتطلعون للعيش بسلام ولكن يبدو بأن "آمالهم ستبقى بعيدة المنال في ظل الواقع الصعب الذي يعيشونه". ويعيش في الضفة الغربية أكثر من نصف مليون مستوطن إسرائيلي في 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية إلى جانب 3.2 مليون فلسطيني، بحسب إحصائيات إسرائيلية وفلسطينية، وكثيرا ما تحولت المواجهات بين الجانبين إلى أعمال عنف. ويبلغ عدد أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية قرابة 12 مليون شجرة، منها قرابة 9 ملايين شجرة زيتون مثمرة، والباقي غير مثمر، فيما يدر القطاع الزراعي الفلسطيني دخلا يقدر في حدود 800 إلى 900 مليون دولار سنويا. ويساهم القطاع الزراعي الفلسطيني في الدخل الإجمالي الفلسطيني بنسبة 20 إلى 25 في المائة، حسب إحصائيات رسمية لوزارتي الزراعة والاقتصاد.

مشاركة :