سلفا كير يتهم نائبه السابق بتدبير محاولة انقلاب فاشلة

  • 12/17/2013
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لندن: مصطفى سري اتهم رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت مجموعة موالية لنائبه السابق المقال الدكتور رياك مشار، بالضلوع في عملية انقلابية فاشلة، بدأت في وقت متأخر من مساء أول من أمس، واستمرت حتى صباح الاثنين، معلنا حظرا للتجوال في شوارع المدينة من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباح اليوم التالي بالتوقيت المحلي، مؤكدا أن الأوضاع «تحت السيطرة». بينما دعا الأمين السابق لحزب «الحركة الشعبية» الحاكم، باقان أموم، إلى الحوار السلمي وإجراء المصالحة بين قيادات الحزب؛ مؤكدا حدوث حملة اعتقال واسعة وسط قيادات الحزب عقب الإعلان عن فشل عملية الانقلاب. وقال كير، الذي كان يرتدي البزة العسكرية، في مؤتمر صحافي عقده صباح أمس وسط وزرائه وقيادات الأمن، إن «مجموعة رفضت الخيار الديمقراطي للبلاد واتجهت لقلب (نظام) الحكم»، مسميا نائبه السابق مشار ومجموعته بكونهم وراء العملية. وأضاف كير: «لكن انقلابهم فشل، والأوضاع عادت إلى الهدوء»، مشددا على أن المتورطين في العملية سيجري تقديمهم إلى محاكمة عادلة، وأن «القيادات التي قامت بهذا الفعل أخفت نفسها، ودفعت بالجنود إلى الحرب.. ولكن سنلقي القبض عليهم ونقدمهم إلى المحكمة». وأعلن كير حظر التجوال من الساعة السادسة مساء إلى السادسة صباحا، بدءا من أمس، من دون أن يحدد أجل هذا الحظر، داعيا المواطنين إلى معاودة أعمالهم بشكل طبيعي، مؤكدا أن الشرطة والأجهزة الأمنية والقوات المسلحة ستتولى حمايتهم وتحقيق الاستقرار. وقدم رئيس جنوب السودان تفاصيل حول كيفية تدبير «الانقلاب»، وقال إن الحزب الحاكم كان في حالة انعقاد لمجلس التحرير الوطني، الذي انتهى أول من أمس. وأضاف: «سمحنا للرفاق بالذهاب إلى أداء صلاة الأحد، ولكن عندما عاد الجميع فوجئنا بخروج تلك المجموعة، التي يبدو أنها كانت تدبر للانقلاب»، متابعا «غابوا عن بقية الجلسات ليخططوا لقلب الحكم.. لكنهم فشلوا». وأشار كير إلى أنه لا يعلم مكان مشار، وحول الأنباء التي تتردد عن أنه ربما لجأ إلى السفارة الأميركية، قال كير: «لا أعلم أين رياك مشار، وما تردد عن أنه في السفارة الأميركية معلومة لا أعرفها، وطبعا لن نداهم السفارة للقبض عليه»، لكنه أضاف أن «الأجهزة الأمنية قبضت على عدد كبير منهم (الانقلابيين)». من جانبها، نفت السفارة الأميركية في جوبا على حسابها على موقع «تويتر» شائعات لجوء مشار إليها، وقالت إنها تراقب الوضع الأمني في البلاد. ونقلت تقارير إخبارية أن السفارة أعلنت أنها مغلقة مؤقتا عقب بدء الاشتباكات. وخلال كلمته، قال كير إن «هذا عمل إجرامي، ولمن يقف خلفهم أن يعلم أن خطتهم فشلت.. سنكشف لاحقا عن تفاصيلهم وأوراقهم ومن يقف وراءهم من الخارج». وأضاف: «التحقيقات إذا ثبتت ضد أي مجرم فسيذهب إلى المحاكمة، لأننا لا نريد أن تسود الفوضى.. بل تكون دولة القانون». وتابع كير: «لا يمكن لمن يحمل بندقية أن يتجه للسيطرة على الإذاعة والتلفزيون، ومنها يقول إنه سيطر على الحكم.. عهد الانقلابات انتهى، وللأبد. والجيش يسيطر على الوضع تماما، وسيجري اعتقال أي متورط». وبينما قالت مصادر، فضلت عدم تعريفها، لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات الأمنية قامت باعتقال عدد من القيادات في حزب «الحركة الشعبية» الحاكم عقب المؤتمر الصحافي لكير، موضحة أن من بين المعتقلين وزير الأمن السابق واياي دينق أجاك، ووزير الداخلية الأسبق قيير شوانق، ووزير الشباب دكتور شيرنيو أتينق.. وأضافت المصادر أن حملة الاعتقالات سوف تستمر بحسب ما أعلنه كير في مؤتمره بملاحقة المتورطين، بينما ما زال رياك مشار غائبا ولم يعرف مصيره. من جهته، أوضح الأمين العام السابق لحزب «الحركة الشعبية» الحاكم، باقان أموم، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع في بلاده غير واضحة حتى الوقت الراهن، معربا عن أسفه على الأحداث الجارية، وداعيا إلى ضبط النفس. ونأى أموم عن وصف ما حدث بأنه «انقلاب عسكري»، مؤكدا حدوث حملة اعتقال واسعة أمس. وقال: «لا بد من حل الأزمة سلميا حتى تعود (الحركة الشعبية) لتقديم قيادة قادرة تستطيع وضع رؤية واضحة لبناء الأمة والدولة عبر الخيار الديمقراطي وتوفر السلام والاستقرار.. إننا ندعو إلى نبذ العنف، والطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة الماثلة هو إتاحة الحريات والسعي لحل الخلافات عبر الحوار السلمي والسياسي وتوحيد شعب جنوب السودان». وكانت مجموعة يقودها رياك مشار وباقان أموم، وعدد آخر من قيادات الحزب، بينهم دينق ألور عضو المكتب السياسي وأرملة زعيم ومؤسس الحركة ربيكا قرنق، أعلنوا في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي أن رئيس الحزب والدولة سلفا كير يقود البلاد نحو الهاوية، غير أن كير رد عليهم بعنف وقال إنه لن يسمح للمجموعة المناوئة له بأخذ الأمور بيدهم، وكان كير قد سبق مجموعة مشار بإقالتهم من مناصبهم الحكومية والحزبية منذ يوليو (تموز) الماضي. وكان عدد من شهود العيان تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» قالوا إن القتال اندلع بين جنود قوات الجيش الحكومي وعناصر مسلحة في وقت متأخر من مساء الأحد، واستمر حتى الساعات الأولى من صباح أمس. وأكدوا أن الشوارع ظلت خالية من المارة، لكن أصوات الرصاص والمدافع كانت تسمع من ناحية القيادة العامة للجيش، مرجحين أن يكون ما حدث «تمردا عسكريا». وتضاربت الأقوال حول الخسائر المادية أو البشرية، وقال الشهود إن الأجواء في شوارع العاصمة جوبا ما زالت متوترة، وإن هناك خوفا في أوساط المدنيين من انتقال المعارك إلى الولايات الأخرى، مشيرين إلى انقطاع البث الإذاعي والتلفزيوني، قبل أن يعود صباح أمس. من جانبه، قال المتحدث باسم جيش جنوب السودان، فيليب أقوير، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش تسيطر على الأوضاع، التي عادت إلى الهدوء بعد تبادل إطلاق النار الكثيف الذي شهدته جوبا، غير أنه لم يؤكد عدد الضحايا الذين سقطوا خلال الأحداث، حيث تقول مصادر غير حكومية إن العدد وصل إلى نحو 20 قتيلا، بينهم مدنيون وعدد من الجرحى، إلى جانب هروب الكثيرين إلى مباني الأمم المتحدة ومطار جوبا الدولي خوفا من القتال. من جهته، ذكر متحدث باسم الأمم المتحدة أن نحو 800 مدني لجأوا إلى مقر للمنظمة الدولية قرب المطار، وأضاف عبر الهاتف لوكالة «رويترز» أن سبعة عولجوا لإصابتهم بطلقات نارية، بينهم طفل في الثانية من العمر. وكانت مبعوثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، هيلدا جونسون، دعت في وقت سابق من فجر الاثنين إلى وقف القتال، وقالت إنها على اتصال مع قادة البلاد. بينما نقلت وكالة «الأناضول» التركية نصيحة السفارة البريطانية في جوبا لرعاياها بالتزام منازلهم، وتجنب التحرك إلا للضرورة. من جانبه، قال إتني ويك إتني، المتحدث الرئاسي، إن الاشتباكات المسلحة بدأت بين جنود الحرس الرئاسي في ثكنة جبل. وأضاف أن «الجميع في حالة ترقب، ومبعوثة الأمم المتحدة تقوم بمهمة مكوكية بين معسكري كير ومشار لإنهاء القتال». واختلف الصحافيون والنشطاء من جنوب السودان حول من يقف وراء الانقلاب، حيث اتهم بعضهم مشار، والأمين العام السابق لـ«الحركة الشعبية» باقان أموم، قائلين إن جنودا موالين لمشار هم من بدأوا عملية إطلاق النار. وأضافوا أن الاشتباكات اندلعت في قاعدة «بلفام» حيث مقر القيادة العامة، وكذلك في ثكنات الجيش في قاعدة «الجبل» حيث يوجد الحرس الجمهوري. بينما ذهب صحافيون ونشطاء آخرون إلى أن ما حدث هو تدبير من الجناح الحاكم بقيادة سلفا كير لتصفية خصومه، بعد أن فشل في ذلك عبر مؤسسات الحزب.

مشاركة :