بعد أن شهد شهر ديسمبر/كانون الأول 2015 نقلة نوعية مع إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أول خطوة عملية لرفع أسعار الفائدة منذ أكثر من 9 سنين، فإن منظور ساكسو بنك للربع الأول من السنة الجديدة يركز على ردم الفجوة، أي معاينة التغيّر الذي سيطرأ على كيفية استجابة مختلف أصناف الأصول خلال دورات رفع أسعار الفائدة. قال ستين جاكوبسن، كبير الاقتصاديين لدى ساكسو بنك: سيكون الربع الأول بمثابة بداية قاسية للعام الجديد، حيث سيسوده الارتباك والتقلب المتزايد وحالة من التخمين بخصوص الخطوات التالية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، ولكن عند النظر إلى الصورة الكاملة سنرى أننا ننتقل إلى نموذج جديد من التكاليف الهامشية لرأس المال، وهو ما يعتبر تطوراً إيجابياً. فقد يكون الربع الأول الأسوأ في دورة النفط الخاضع لضغوط هائلة؛ إذ إن رفع العقوبات عن إيران سيحفز الأخيرة للعودة إلى التصدير مجدداً، بدءاً من المخزونات النفطية المتراكمة، ومن ثم عبر ضخ 500 ألف برميل يومياً إلى السوق التي تعاني تخمة في المعروض أصلاً. وفي السياق ذاته ستميل المخزونات الأمريكية إلى الارتفاع خلال الأشهر الأربعة الأولى، وهو ما قد يزيد الضغط على منشأة كاشينج المهمّة التي تمثّل مركزاً رئيسياً لتخزين السلع المستقبلية لخام غربي تكساس. العملات الأجنبية ويعمل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الفترة الحالية على تعديل سياسات الفوائد مجدداً أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي يعتمد منظور الأسواق المالية بالعملات كافة، الرئيسية والثانوية منها، على خطوات رفع أسعار الفائدة التي ينفّذها بنك الاحتياطي الفيدرالي، وقدرة السوق على التأقلم مع وقع هذه الخطوات. ومن المتوقّع الآن أن يرتفع الدولار الأمريكي في ظل الجهود التي يبذلها بنك الاحتياطي الفيدرالي حالياً لتعديل سياسات الفائدة التي اتسمت بتساهلها الاستثنائي منذ الأزمة المالية العالمية. السندات مع مطلع العام الجديد سيسود موضوع واحد جداول الأعمال ويستأثر باهتمام المستثمرين في شتى أنحاء العالم، ألا وهو عامل الائتمان؛ إذ إن تكلفة الائتمان ستكون مقياساً للأداء على الصعيدين الوطني والمؤسسي مع عودة أسعار الفائدة إلى الارتفاع. وفي حال حدوث أي ارتفاع اقتصادي مفاجئ خلال الربع الأول، فسيكون من المنطقي فتح صفقة بيع سند ألماني في المحفظة المالية. وإذا نجحت أسواق الملكية في حماية نفسها من تداعيات الأزمة الائتمانية في قطاعي الطاقة والتعدين، وهو ما ينصّ عليه السيناريو الذي نطرحه، فمن المرجح عندها أن يكون 2016 عاماً جيداً فيما يمر المستثمرون عبر منحنى آخذ في الاستواء على صعيد الأرباح بالدولار أمريكي والأسعار السلبية للسندات الحكومية الأوروبية على مدى مدة الاستحقاق البالغة خمس سنوات، وكذلك في السندات الحكومية اليابانية. الاقتصاد الكلّي وسيصمد الاقتصاد العالمي في وجه الارتفاع الأول لأسعار الفائدة الأمريكية منذ عقد كامل، ولكن الكفّة تميل لمصلحة الاقتصادات المتطورة أكثر من الأسواق الناشئة. غير أن تبعات أي ارتفاع في تكاليف رأس المال لن تكون سلبية بالكامل في الوقت الراهن، وسيواصل النمو العالمي مساره الصاعد. فبولندا تتمتع منذ مدة بسمعة حسنة نظراً لاقتصادها المتطوّر والقائم على أسس راسخة، فضلاً عن قدرته على مقاومة الركود، غير أنها للأسف ستكون حسّاسة جداً لارتفاع تكاليف رأس المال، ولاسيما في ما يخص قطّاع الطاقة. من هنا نرجّح أن يتعرض النمو في بولندا لنكسة خلال عام 2016. وبالنسبة لآسيا والمحيط الهادئ، تحتفل الصين خلال الربع الأول من العام الحالي برأس السنة الصينية لـقرد النار الأحمر، ويمكن القول إن هذه السنة ستتسم بسوء الأداء في السوق، ومزيد من التقلّبات والمساعي الطموحة في آن معاً. وستكون التمزّقات والتشظيات أكثر شدّة في عام 2016 في ضوء التوترات الجيوسياسية والمخاطر المرتفعة على جداول الأعمال، واحتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي سيلقي بظلاله على المشهد الحالي الذي ينطوي أصلاً على الكثير من الصعوبات والتحديات.
مشاركة :