نظم اتحاد كتاب وأدباء الإمارات- فرع دبي، مساء أمس الأول في مقره الكائن في منطقة الطوار، أمسية لتكريم الأديب والمترجم الإماراتي محمد صالح القرق، بحضور الهنوف محمد عضو مجلس الإدارة- المسؤولة الثقافية في الاتحاد، وإبراهيم الهاشمي رئيس الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد في دبي، وسالم بو جمهور رئيس الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد في أبوظبي. وشارك في الأمسية د.عمر عبد العزيز رئيس قسم البحوث والدراسات في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، والشاعر والإعلامي عياش يحياوي، وقدمها الباحث محمد عبدالله نور الدين. قال نور الدين مفتتحا الأمسية: نجتمع اليوم للاحتفاء بقامة أدبية عملت بصمت على مدى عقود طويلة، وكانت ذاكرة حية تسجل المكان والزمان والثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، إنه الشاعر والمترجم محمد صالح القرق، مثقف إماراتي موسوعي في مجال العلوم الإنسانية، ولد في مدينة دبي عام 1936 ودرس في مدرستي الفلاح والأحمدية، وكان منذ صغره مولعا بالأدب والثقافة ونهل من معين الكتب التي كانت تحتويها مكتبة والده، يجيد لغات كثيرة كالفارسية والأردو والإنجليزية، ومن أهم منجزاته العلمية والأدبية ترجمته المتميزة الفذة لرباعيات الخيام، وهو اليوم حاضر بيننا وبين أصدقائه المقربين، لنلقي الضوء على تجربة مهمة قل نظيرها في ميدان المعرفة والثقافة. وفي حديثه عن تجربة القرق، أكد د. عبد العزيز أن من يريد التعرف إلى صالح القرق عليه أن يبدأ بمكتبته الشخصية فريدة المثال والتي تضم عيون المعرفة الإنسانية وأندرها، حيث كان القرق وعلى مدى عقود من الزمن يجلد الكثير من الدوريات والإصدارات المهمة ومن يتجول في مكتبته بوسعه أن يقرأ ما كان يُكتب في الثلاثينات والأربعينات، ويستطيع أن يستعيد محطات مهمة في الجدل الفكري والثقافي الذي كان سائدا في العالم العربي في حقبات مختلفة. وأشار عبد العزيز إلى أن الأنساق اللغوية المتعددة التي يعرفها محمد القرق معرفة عالمة وذوقية في آن واحد، أسست عنده منطقاً رياضياً عاقلاً في تفهم أبعاد ودلالات النصوص التي يقرأها، وهذه المسألة مكنته من التمتع بطاقة خاصة في ما يتعلق بالاسترجاع الذاكراتي للشعر والنصوص، فلا تخلو جلسة شخصية معه من استعادة ومضات من عيون الشعر العربي أو من الحكم أو الحكايات، والبانوراما الواسعة لتضاريس المعرفة الفكرية العربية. وأشار عبدالعزيز إلى أن القرق يتمتع بذائقة موسيقية عالية، مثلت رافدا من روافد قدرته على التعمق في معنى النصوص الأدبية المختلفة، كل هذه العوامل اجتمعت لتجعل منه فارسا في ميدان واسع، ويكون إنسانا ينتمي إلى الثقافة العالمة الحقيقية القائمة على استبصار ما وراء الكلمات والنصوص وأبعادها. من جانبه قال يحياوي: إن القرق، ليس شاعراً مشغولاً بالأسئلة الوجودية الكبرى فقط، ولاهو مترجماً فذاً لرباعيات الخيام، ولاهو صاحب واحدة من أكبر المكتبات الخاصة في الخليج العربي، بل هو إلى جانب كل ذلك ورشة عمل ثقافية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، جال طوال حياته في صروح المعرفة والعلم، ناهلا من كل البقاع، خائضا في شتى المعارف. كما تحدث عن حياة القرق ونشأته، وأهم المفاصل التي أثرت في سياق تكوينه كمثقف أصيل متجذر في الثقافة العربية نفسيا ولغويا، إضافة إلى فهمه المتعمق للكثير من الثقافات واستيعابها والغور في أعماقها، نتيجة احتضانه لملكات خاصة في اللغة والتحليل المنطقي لكل ما تراه عينه. وعرج يحياوي على دور الشيخ محمد أحمد القمبري في تكوين الوعي الثقافي لدى محمد صالح القرق، حيث كان القمبري عالماً فاضلاً وصديقاً لوالده، تتلمذ القرق على يديه، فعلمهُ مبادئ اللغة العربية وأصولها، وفتح عينيه على أعمال الخيام الأدبية وأهميته كشاعر وأديب فذ، وأنبت فيه ثمرات المعرفة الأولى، ودفعه نحو ساحات الثقافة الواسعة.
مشاركة :