«برلمان الشباب».. تفكير خارج الصندوق

  • 10/28/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لعلها من محاسن الصدف تلك التي أتاحت لي الحوار مع نيابي شاب يترأس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب، لم يكن مطروحا للنقاش معه سوى تلك الأزمة العالمية التي قد تضرب الأخضر واليابس في العام 2023، العالم يقف وعلى رأسه الطير، والخبراء يتوقعون ما لا يحمد عقباه، والدول تدخل في سباق مع الزمن درءا للمخاطر، واستعدادا للحرب العالمية الاقتصادية القادمة.  كان النائب أو المرشح عن إحدى دوائر العاصمة أحمد صباح السلوم يتحدث معي على انفراد، لم يكن اللقاء سوى تفكير بصوت مسموع حول مرحلة دولية عصيبة، وعن سجالات اللحظة بين الأمم.  يا ترى يا هل ترى؟ ما الذي يجنبنا في البحرين تداعيات أزمة اقتصادية حقة؟ ما هي الإحداثيات التي ينبغي تتبع جدولها حتى ننأى بالبلاد والعباد من هول الصدمة المالية المحدقة؟  ما هي رؤية نوابنا الشباب الذين يسعون لاستقبال مشوار التعاطي مع قضايانا بقلب ملؤه الإيمان بالرسالة، وبعقل مفتوح على التفكير خارج الصناديق المغلقة وبعيدا عن بروتوكلات الزمن البطيء؟  المفاجأة أن تفكير الشباب لم يرتكن على إجابة يحاصرها سؤال، ولم يركز على معلومة مستقاة من علامة استفهام شاهقة، لكنه الجواب الشافي على أسئلة لم نسألها، وإزاحة كاملة لكلمة أزمة ماحقة تحدق بالبلاد والعباد، إنها الوفورات التي سوف نتجنب ما لا يمكن أن نتوقعه من فرص وآمال، بدلا من أن نجهضه من تطلعات وخطط استراتيجيات.  السلوم فاجأني بحق وهو يتحدث عن الأزمة، عن سنوات الوفرة والطفرة العاقلة، عن كيفية الاستفادة من تحول العجز في الموازنة العامة للدولة إلى فائض، عن آليات توظيف هذه الفوائض نظرا للارتفاع المتوقع في أسعار النفط، كنتيجة مباشرة لأزمة الطاقة وشح الإنتاج من أكبر منتجي الذهب الأسود في العالم «أوبك بلس» بعد تخفيضها للإنتاج اليومي بمقدار مليوني برميل يوميا.  هذا الوضع مع زيادة الطلب سوف يؤدي حتما إلى زيادة قادمة لا محالة في الأسعار، وإلى حالة من الارتباك في الاقتصاد العالمي نتمنى أن ننظر إليها بعناية وليس بتجاهل، أن نتعامل معها بعقلانية وتحرر وليس بافتراض البلاء قبل وقعه.  فرصتنا كبيرة لكبح التضخم هكذا يقول السلوم خاصة بعد أن تراجعت أسعار شحن البضائع لتراجع المخاطر في منطقة الخليج، التأمين ضد مخاطر الحرب أيضا لم تفرض مخاطره رسوما إضافية، ولم تعد البضائع التي تأتي إلينا تعاني من مكروه سوى ارتفاع تكلفة الإنتاج والتصنيع نظرا لزيادة أسعار النفط.  هذا الاعتبار الذي لا يمكن الفكاك منه هو نفسه الذي يدفعنا إلى التفاؤل والتفكير بعناية خارج ما يسمى بالصندوق الأسود للحالة المرتبكة القادمة، هو بالتحديد ما يجعلنا نتحدث عن قطاع اقتصادي قادر على النهوض من وسط ركام التحديات الافتراضية الراهنة، قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي تشرف برئاسة جمعيتها يمكنه القيام بأدوار جديدة بعد أن تحرر من القيود التي أنهكته، ومن المسؤوليات التي قللت من حركته، والتداعيات التي كانت تفرض نفسها عليه بفعل الأنظمة المالية غير المواتية، والحالة المصرفية التي لا تفرق بين المتعاملين عندما يتعلق الأمر بقروض شخصية أو مثيلتها لزيادة الإنتاج وتحقيق النماء المستدام.  التفكير خارج الصندوق يدفعنا إلى البدء فورا من التفكير خارج نطاق الأزمة، إلى الابتكار لتصويب مسار استغلال الفوائض المالية في مشروعات إنتاجية أكثر قدرة على تحجيم الاستيراد، واستخدام التكنولوجيا الفارقة والذكاء الاصطناعي في تحقيق التميز والإبداع والوصول بالبلاد والعباد إلى مملكة الخدمات الممتازة قبل عام 2030.  هنا كانت لمحاسن الصدف جدارتها وأنا أحاول التفاهم مع جيل قادم من البرلمان إلى البرلمان بكل وعي بدقة المرحلة، بالتحديات التي سوف تشهدها لو لم نتفق على الأولويات، لو أحسنا التفاهم مع التحدي الأساسي الذي يكمن في توظيف الوفورات لا في استجدائها، في توفير الفرص لا في البحث الممنوع عن مكنونها ومحتواها ومخارج ألفاظها، هي فكرة وطريقة تفكير لشباب يحاول ثم يجرب فتنجح محاولاته وتثمر تجاربه.

مشاركة :