تطل علينا الحاجة الحمداوية من نافذة جوجل في ذكرى ميلادها بدُفها الشهير، الذي رافقها طول مسيرتها الغنائية وملابسها المغربية المميزة، لتذكرنا صورتها بواحدة من أعظم مَن غنوا فن العيطة بالمغرب العربي، وأيقونة الغناء الشعبي، التي تعد جزءًا مهمًا من تاريخ الموسيقى والغناء المغربي. كان نبوغ الحاجة الحمداوية في فن العيطة مقدرًا لها منذ ولادتها، إذ حين ولدت في عام 1930 بحي مرس السلطان في مدينة الدار البيضاء بالمغرب استقبلتها أسرة محبة لهذا النوع من الفن، فكان والدها من عشاق العيطة، ودائمًا ما كان يستدعي فرق شيخات وشيوخ العيطة ليطرب بهم في المناسبات العائلية وأفراح المنزل. وخلال نشأتها في هذا المنزل المحب للفن والمشجع له نمت موهبة الحاجة الحمداوية، لتشق طريقها نحو صناعة تاريخ فني لها يخلد حتى يومنا هذا، وسيظل لما بعده مستمرًا. كان المسرح هو أول ما بدأت به الحاجة الحمداوية حياتها الفنية، إذ اختارت هذا النوع من الفن كمسار لحياتها حين انضمت لفرقة الفنان بوشعيب البيضاوي المسرحية، ولم يمض وقت على اعتلائها خشبة المسرح حتى التقطت صوتها أذن البيضاوي، الذي كان مغنيًا، بالإضافة لكونه ممثلًا. وكان البيضاوي هو مكتشف موهبتها الغنائية، وبفضله انتقلت الحاجة الحمداوية إلى طريق الغناء الشعبي، لتصبح منذ ستينيات القرن الماضي رمزه البارز وواحدة من رواد هذا الفن في المغرب. الحاجة الحمداوية مع رايموند البيضاويةالعار يا العار#الحاجة_الحمداوية #Hamdaouia pic.twitter.com/CDhpY3ORew— فن العيطة و ما جاوره (@Aita_Ayta) April 6, 2021 من دابا يجى، و منين أنا ومنين انت، وهيا هيا، إلى مما حياني، والكاس حلو، وغير ذلك الكثير من الأغاني الشعبية، التي اشتهرت بأدائها الحاجة الحمداوية، واعتاد الجمهور المغربي والعربي سماعها بصوتها، لتصنع بها مسيرة غنائية ثرية على امتداد حياتها الفنية. وضعت الحاجة الحمداوية بصمتها الخاصة على فن العيطة غير مكتفية بمجرد أداء الأغاني بصوت طرب، وصنعت لها مدرستها الغنائية، التي مزجت بها بين الكلمات التراثية والتوزيع العصري، الأمر الذي جعلها فنانة فريدة ذات أسلوب مميز باسمها، وسرعان ما انتشر صوتها من الداخل المغربي ليسمع في مختلف بلدان العالم. في صيف عام 2020، قررت الحاجة الحمداوية أن تعتزل الغناء أخيرًا بعدما وصلت لسن الـ 90، وفي مؤتمر صحفي قررت نقل قائمة أغانيها وموروثها الفني حصريًا للفنانة الصاعدة كزينة عويطة، معلنة بذلك نهاية مشوار فني امتد على نحو 7 عقود، لامس خلالها غناؤها وصوتها قلوب الجمهور المغربي والعربي.
مشاركة :