أسئلة عديدة تطرح فيما يخص المصالحة السورية الحمساوية الأخيرة وعن سر انقلاب موقف النظام السوري اتجاه الحركة الفلسطينية رأسا على عقب، بعد أن فشلت الوساطات مرارا وتكرارا في كسب ود دمشق. الغريب أنه وفي سنة 2019 نفت دمشق وبشدة الاشاعات التي تحدثت عن عودة العلاقات مع حركة حماس، ووصل الحد الى شن هجوم حاد على الحركة واعتبار أن الشعب السوري قد لفظها بعد أن تبين أنها تدعم الإرهاب في سوريا.... وجاء البيان الذي نشر على موقع وكالة الأنباء السورية الرسمية في يوم 7 يونيو 2019 كالتالي: "أكد مصدر إعلامي أنه لا صحة لكل ما تتم إشاعته ونشره من تصريحات حول عودة أي علاقات مع حركة حماس مشيرا إلى أن كل ما يتم تداوله من أنباء لم ولن يغير موقف سورية من هؤلاء الذين لفظهم الشعب السوري منذ بداية الحرب ولا يزال. وقال المصدر في تصريح لـ سانا إنه لا صحة لكل ما تتم إشاعته ونشره من تصريحات حول عودة أي علاقات مع حركة حماس مضيفا إن موقف سورية من هذا الموضوع موقف مبدئي بني في السابق على أن حماس حركة مقاومة ضد “إسرائيل” إلا أنه تبين لاحقا أن الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة عندما دعمت الإرهابيين في سورية وسارت في المخطط نفسه الذي أرادته “إسرائيل”. هذا التصريح الذي نشر عبر منبر رسمي في سوريا مستعملا أداة "لن" النافية، وفي زمن ليس ببعيد، يكفي لإبراز مدى عمق الجرح الذي خلفته حماس في ظهر القيادة السورية بعد أن اختارت مغادرة مكتبها في دمشق قبل أن يغرق القارب بمن فيه، ولكن ما الذي تغير؟ وما الذي جعل القيادة السورية تغفر لحماس ذنبا لا يغتفر؟ الحقيقية أنه وحتى مع اسراع حماس بإعلان عودة العلاقات مع النظام السوري قوبل هذا الإعلان من طرف وسائل الاعلام السورية وفي مقدمتها صحيفة الوطن شبه الرسمية ببرود. هذا البرود يعكس بوضوح أن من يسكن قصر الشعب قد ذهب الى مصالحة مع حماس مضطرا وتحت شعار "مكره أخاك لا بطل". سوريا أعادت قراءتها للمشهد الفلسطيني بعد أحداث الربيع العربي وتصالحت مع السلطة الفلسطينية بعد جفاء دام 32 سنة وأعادت مكتب حركة فتح الى دمشق سنة 2015، وهو ما يعني أن احتضانها للفصائل الفلسطينية مجددا سيكون له تداعيات على علاقاتها مع السلطة الفلسطينية التي ترى في نفسها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. كما أن توجه الأسد نحو حماس سيكون بمثابة نكران للجميل لحركة فتح التي حافظت على جودة العلاقات منذ إعادة تطبيعها للعلاقات مع لدمشق، ودافعت بشدة على ضرورة عودة سوريا في الجامعة العربية، وربما ستتحول سوريا الى حلبة صراع فلسطيني فلسطيني عندما تلتقي السلطة والحركة داخل المخيمات التي يقطنها أزيد من نصف مليون لاجئ، مما سيزيد حتما من هوة الانقسام الموجود قد يتحمله الأسد بشكل غير مباشر. قد يكون الأسد مجبرا الى الذهاب نحو مصالحة شكلية مع حماس، تخدم حليفته إيران التي ترى أن عودة العلاقات مع حماس لها تأثير على إسرائيل في الوقت الحالي خاصة وأنها حققت إنجازا بترسيم الحدود البحرية مع لبنان مع قبول حزب الله لهذا الترسيم على مضض، والهدف من هذه المصالحة هو التأكيد على ان محور الممانعة مستمر وان إيران بإمكانها أن تتأقلم مع المتغيرات التي أفرزها التقارب التركي الإسرائيلي على حساب حركة حماس وان تساعد الحركة في اتخاد تموقع جديد يضمن لها عدم التأثر في حال ما أعلنت أنقرة طلاقها مع حماس على العلن، وهي أيضا رسالة من حماس لإسرائيل بأنها حتى وان استطاعت احكام قبضتها على غزة الا أن هذا لن يمنع الحركة والفصائل الفلسطينية من التمدد إقليميا. بدون أدنى شك فأن علاقات سوريا مع حماس لن تعود لسابق عهدها قبل أحداث الربيع بمجرد أن تقوم قيادات من حماس والفصائل الفلسطينية بزيارة سوريا ولقاء الأسد وتبادل الابتسامات أمام الكاميرات. يكفي فقط مشاهدة كيف مر الاعلام السوري الحكومي مرور الكرام على الزيارة لفهم أنه لم يتلق أية إشارة إيجابية من صناع القرار في سوريا للتعاطي مع هذا الحدث بالشكل الذي يجعله مهما أو إيجابيا. تمة سؤال مهم وهو ما الذي يمكن ان تقدمه سوريا في وضعها الحالي الى محور المقاومة وهي معزولة إقليميا وتتعرض بين الحين والآخر لعدوان إسرائيلي على دمشق وريفها، من دون أن تصدر أي بيان تعلن فيه احتفاظها بحق الرد كما كانت تقوم سابقا. ببساطة فان فاقد الشيء لا يعطيه.
مشاركة :