تشير المعطيات العسكرية والتصعيد الحالي بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وفصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة على جبهات ريف حلب الشمالي، ومحاولات التسلل المتكررة والفاشلة لقوات النظام السوري نحو مواقع عسكرية لفصائل المعارضة بريف إدلب وجنوب غربي حلب، إلى انهيار محتمل لاتفافيات خفض التصعيد ونشوب مواجهات عنيفة بين الأطراف قد تُحدث تغييراً بخريطة النفوذ، نظراً لتصاعد حدة الاعتداءات والعمليات العسكرية والقصف التي تطال غالباً المدنيين وتوقع قتلى وجرحى في صفوفهم. وحسب ناشطين بريف حلب وإدلب شمال غربي سوريا، تشهد خطوط التماس بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من أنقرة، من جهة، و«قسد» من جهة ثانية، في شمال حلب، اشتباكات متكررة تترافق مع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، في وقت تشهد خطوط التماس بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة في إدلب ومنطقة الأتارب جنوب غربي حلب، اشتباكات عنيفة وشبه يومية إثر محاولات تقدم متكررة لقوات النظام على مواقع تابعة للمعارضة أوقعت العديد من القتلى والجرحى في صفوف الطرفين، فضلاً عن القصف المتكرر بالمدفعية الثقيلة والصواريخ الموجهة لقوات «قسد» على المناطق المدنية بريف عفرين ودارة عزة شمال غربي حلب، التي أودت بحياة أكثر من 6 مدنيين على الأقل وإصابة العشرات ضمن مناطق المعارضة، ويدفع ذلك القوات التركية إلى الرد على مواقع ومناطق خاضعة لسيطرة «قسد». وقال أيهم الشهابي، وهو ناشط (معارض) بريف حلب، إن «لـ(قسد) أهدافاً عدة من وراء التصعيد الحالي ضد المناطق المحررة شمال وشمال غربي حلب والخاضعة للنفوذ التركي، أبرزها منع عودة الهدوء والاستقرار ونسف الجهود التركية لإنشاء منطقة آمنة تضمن عودة اللاجئين السوريين والعيش بأمان، بدعم أميركي وروسي في آن واحد، لا سيما أن (قسد) استشعرت مؤخراً خطر وجود (هيئة تحرير الشام) على الجانب الآخر في منطقة عفرين، عقب انخراطها في اقتتال مطلع الشهر الحالي إلى جانب فصائل في (الجيش الوطني السوري) ضد أخرى، وسيطرتها على عفرين ومناطق أخرى محاذية لمناطق سيطرة (قسد) شمال غربي حلب، قبيل خروجها عسكرياً من المنطقة بضغط من تركيا، فيما تؤكد مصادر بقاء جهازها الأمني في المنطقة حتى الآن». وأضاف أن «تصعيد (قسد) ضد مناطق العمليات التركية في (غصن الزيتون) و(درع الفرات) شمال وشمال غربي حلب، تزامن أيضاً مع الجهود التركية الحالية في جمع قوى المعارضة العسكرية وفصائل (الجيش الوطني السوري)، ضمن جيش واحد وتحت قيادة واحدة على أسس أكاديمية، الأمر الذي يسهل على تركيا ضبط مناطق الشمال السوري، والوصول إلى اتفاقيات مع النظام السوري من شأنها وقف الاعتداءات المتبادلة بين الطرفين وتحييد (قسد) تمهيداً لطردها من المنطقة نهائياً». في إدلب، يقول مراقبون حول التصعيد العسكري وارتفاع وتيرة الاشتباكات مؤخراً بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة، التي تركزت على محاور وجبهات مدينة أتارب جنوب غربي حلب ومعارة النعسان شمال شرقي إدلب، ومحاولات قوات النظام السوري التسلل المتكررة نحو مواقع المعارضة للسيطرة عليها والتوغل في المنطقة، أن هذه التطورات تهدف إلى كشف نقاط الضعف في صفوف المعارضة، فيما لو حاولت روسيا خلط الأوراق مع تركيا ودعم قوات النظام السوري بعملية عسكرية واختراق مناطق المعارضة السورية، انطلاقاً من مدينة أتارب (الاستراتيجية) الواقعة على طريق حلب وصولاً إلى باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب، وخلق واقع عسكري جديد يفرض على تركيا تقديم تنازلات لروسيا، وإخضاع مناطق جديدة في شمال غربي سوريا للنظام السوري. حول التصعيد العسكري والقصف الذي يطال المناطق المدنية ومخيمات النازحين، من بينها مخيم «كويت الرحمة» شمال غربي سوريا، قال فريق «منسقي استجابة سوريا»، إنه تم استهداف المخيم الذي يؤوي مئات العائلات النازحة من جديد بقصف صاروخي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، ما أدى إلى مقتل امرأة وإصابة أطفال، وتسجيل نزوح العديد من العائلات خوفاً من تكرار الاستهداف. إذ تعرض المخيم منذ مطلع العام الحالي إلى تسعة استهدافات من قبل العديد من الأطراف، ما يرفع عدد المخيمات المستهدفة منذ مطلع العام الحالي إلى 35 استهدافاً، إضافة إلى سقوط العديد من الضحايا والإصابات نتيجتها، ونزوح المئات من العائلات. وناشد الفريق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لممارسة الضغط على كافة الأطراف لوقف هجماتهم على المدنيين واستهداف النازحين وتجنيبهم مراحل جديدة من النزوح.
مشاركة :