أبرزت جائحة «كورونا» أهمية تأمين سلاسل إمداد موثوقة وفعالة من حيث التكلفة وقادرة على سد حاجة المستهلكين والقطاعات الرئيسية خلال الأزمات، وباتت حماية شبكات المصنعين والموزعين والمستهلكين والحيلولة دون توقف عملها أولوية قصوى أكثر من أي وقت مضى لدى قادة الأعمال لمواجهة التحديات المستقبلية، ويؤكد خبراء أن التحول الرقمي يسهم في تعزيز مرونة سلاسل التوريد والتخطيط المسبق للنمو واستمرارية الأعمال. ويمكن للتكنولوجيا الرقمية تحسين عمليات سلاسل التوريد من خلال قوائم الجرد الافتراضية والطلب التنبؤي، خاصة في أوقات عدم اليقين، ويمكن أن يؤدي استخدام بيانات المستشعر في الوقت الفعلي وتقنية التتبع المدعومة بالتحليلات إلى تحسين إدارة المخزون من خلال تجنب الأخطاء وتمكين التخطيط الاستباقي للمخزون. ويشير الخبراء إلى أن دمج التوائم الرقمية ونماذج المحاكاة الافتراضية وتسخير البيانات حل مشكلة الحركة الحقيقية للمخزون عبر سلسلة التوريد ومقارنتها بما تم التخطيط له، ويتيح ذلك رؤى أفضل للمخزون وتحديد الفائض والمهلة الزمنية والجودة والإنتاج وتكرار الشحن على متطلبات المخزون، لذلك، يمكن لسلسلة التوريد الرقمية المدعومة بالتحليلات تحسين المخزون وتعزيز المرونة دون المساس بالكفاءة. مرونة واستدامة وقالت الدكتورة شيرين نصار، المدير العالمي للدراسات اللوجستية ومدير ماجستير إدارة اللوجستيات وسلسلة التوريد في جامعة هيريوت وات دبي: يجب أن تصبح سلاسل التوريد مرنة ومستدامة، فقد كشفت الجائحة عن المخاطر التي ممكن أن تواجهها الشركات عندما تكون سلاسل التوريد غير مجهزة للعمل، لذلك، فإن المرونة ضرورية لتلبية المتطلبات المتغيرة للمستهلكين وضمان النمو المستدام. ويمكن تعريف سلاسل التوريد الرقمية بحسب «باين أند كومباني» بأنها «قدرة سلسلة التوريد على معالجة المدخلات أو إعادة توجيهها أو استبدالها، واستخدام البيانات في تحقيق مرونة سلاسل التوريد من خلال الرؤية والاستجابة لمتغيرات السلسة في الوقت الفعلي». وأضافت: مع استمرار زيادة توافر البيانات بشكل كبير، فإن اعتماد تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وبلوك تشين وشبكة الجيل الخامس يجعل من السهل جمع البيانات في الوقت الفعلي، وفقاً لتقرير حديث من شركة «أكسنتشر» للأبحاث فإن السحابة والذكاء الاصطناعي والتوأم الرقمي تعد من بين أفضل التقنيات التي يتطلع المديرون التنفيذيون المسؤولون على سلاسل التوريد إلى نشرها في مؤسساتهم، ويمكن للأنظمة المزودة بهذه التكنولوجيا أن تسمح للتتبع ورؤية سلسلة التوريد خلال المراحل المختلفة بشكل أكبر وأكثر دقة، ويسمح ذلك بمستوى جديد من شفافية سلسلة التوريد والتعاون على مستوى القطاع. ويمكن للأنظمة المزودة بالذكاء الاصطناعي أن تجمع معلومات حول نشاط المنافسين، وردود فعل العملاء ويمكنها حتى تحديد الفرص والاتجاهات، ليس ذلك فحسب، بل يمكن لتقنيات سلسلة التوريد الرقمية، مع التعلم الآلي والبيانات الضخمة، تحليل البيانات والتعلم منها بطريقة تمنح مديري سلسلة التوريد الرؤى التي يحتاجون إليها في الوقت الفعلي للاستجابة بسرعة للاضطرابات والأحداث غير المتوقعة وتفادي الأعطال والتكلفة. أهمية التنويع ويعد تنويع قاعدة الموردين أمراً ضرورياً لتلبية طلبات المستهلكين وتحقيق المرونة لسلاسل التوريد، على الرغم من أن مديري سلسلة التوريد قد قللوا من عدد الموردين في شبكتهم لتقليل التعقيد في عملية التشغيل واللوجستيات، فإن هذه الاستراتيجية غير مجهزة للاضطرابات والتغيرات غير المتوقعة، إن الحفاظ على موردين متعددين يقلل من الاعتماد على مورد واحد أو عدة موردين، على هذا النحو، ينبغي النظر إليها على أنها أولوية. وقالت الدكتورة شيرين نصار: على الرغم من أن تقنيات سلسلة التوريد تسهل بلا شك مرونة الأعمال، إلا أن وتيرة التحول الرقمي تتطلب تحديات لا مفر منها، وهذا يشمل جاهزية القوى العاملة والتحديات الفنية والتنظيمية. ومع ذلك، نظراً لأن المديرين التنفيذيين يدركون الفوائد والفرص في نشر تلك التقنيات، يتم تخصيص المزيد من الاستثمارات الرقمية للموظفين والتحديات الرقمية الأخرى. تكامل رقمي وأكد الدكتور أيمن غنيم الأمين العام المساعد في الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي أن تفعيل التحول الرقمي ضمن إطار من التكامل العربي يسهم في تعزيز أمن سلاسل الإمداد في المنطقة العربية، وقال: «أصبح تأمين سلاسل الإمداد أكثر إلحاحاً في هذه الفترة بسبب الضغوط العالمية التي تهدد سلاسل الإمداد سواء كانت تتعلق بمنتجات وبضائع حقيقية أو خدمات رقمية أو إلكترونية مثل الإنترنت وخدمات الدفع الإلكتروني وغيرها، وإذا استطعنا أن نكتفي ذاتياً في المنطقة من هذه الخدمات فسنكون في وضع أفضل وأقل خطورة في المستقبل في حال حدوث أزمات. وأردف: تاريخياً، كانت الصين أول دولة انتبهت إلى ضرورة الإقليمية وعدم الاعتماد على العولمة لتأمين سلاسل الإمداد. ولحماية نفسها في حال حدوث أي حظر عليها أنشأت تطبيقات صينية رئيسية يعتمد عليها الشعب الصيني اليوم في تعاملاته مثل «وي تشات» و«علي بابا» وقامت في المقبل بمنع تطبيقات «فيسبوك» و«تويتر» وغيرها. وإذا نظرنا إلى المنطقة العربية نجد أن نقاط التواصل الداخلية الإنترنت في العالم العربي على سبيل المثال لا تزيد على ثلاث نقاط بالرغم من أن 90% أو أكثر من كابلات الإنترنت في العالم تمر بالعالم العربي وتحديداً في قناة السويس، ولو تمكنا من إنشاء مراكز بيانات وخوادم كافية للخدمات العامة بشكل أكبر وتزويد عدد نقاط الاتصال فسنتمكن من الاتصال بين الدول العربية حتى لو انقطعت تلك الكابلات لسبب أو لآخر. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :