تونس – قال زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي إن توسع الاحتجاجات في الشوارع من شأنه أن يحدث تغييرا مع التقاء "الشارع السياسي بالشارع الاجتماعي"، مشيرا إلى أن الظروف المعيشة القاسية ستدفع الناس إلى الخروج، وأنه يعول كثيرا على هذه التحركات للعودة إلى الديمقراطية. ويرى مراقبون أن حركة النهضة الإسلامية تحاول توظيف الصعوبات الاجتماعية و"المتاجرة" بانشغالات المواطنين اليومية كورقة ضغط في الصراع السياسي مع الرئيس قيس سعيّد، من خلال تركيزها في أكثر من مناسبة على غياب بعض المواد الأساسية في الأسواق. ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن الحركة تسببت منذ 2011 في تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية، وإرباك المشهد من خلال تدمير الاقتصاد واستهداف القدرة الشرائية للتونسيين، معتبرين أن الهدف من تواتر التصريحات هو تأجيج الصراع مع مؤسسة الرئاسة. وأكد الغنوشي خلال اجتماع بقواعد الحزب في بنزرت شمال تونس، أن حركة الاحتجاجات في الشارع لا يزال يسيطر عليها الشارع السياسي عبر احتجاجات جبهة الخلاص المعارضة. وتابع زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل "لحظة التقاء الشارع الاجتماعي مع الشارع السياسي ستكون لحظة التغيير. الشارع السياسي وحده لن يفعل شيئا". وتعد حركة النهضة أبرز خصوم الرئيس قيس سعيّد، وهي أبرز فصيل مكون لـ"جبهة الخلاص الوطني" التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات البرلمانية المقررة في السابع عشر من ديسمبر المقبل. واتهم الغنوشي الرئيس قيس سعيّد بأنه هو من يحرك الشارع الاجتماعي عبر سياسته التي فشلت في توفير المواد الأساسية للمواطنين، قائلا "لن نستعجل الأمور.. ظروف المعيشة القاسية ستدفع الناس إلى الخروج". وأقرّ زعيم حركة النهضة بأن العشر سنوات الماضية لم تكن سنوات الازدهار الاقتصادي، إلا أنه في المقابل لم يتم خلالها تسجيل أي فقدان "للزيت والسكر"، منتقدا وصف هذه الفترة بـ"العشرية السوداء". ولاحظ الغنوشي أن التقدم الاقتصادي يحتاج إلى استقرار سياسي وأن الهيئة الانتخابية السابقة هي من أوصلت قيس سعيّد إلى الرئاسة، واصفا مسار الخامس والعشرين من يوليو بالانقلاب. وقال إن "الجهات الأجنبية تضغط على قيس سعيّد للعودة إلى الديمقراطية ومجلس النواب، لكنها لم تصل بعدُ إلى حد وصف ما حصل بالانقلاب"، واصفا الرئيس التونسي المنتخب بـ"المنقلب". وأكد الغنوشي أنه سيقاوم هذا المسار، في إشارة إلى خارطة الطريق التي وضع ملامحها الرئيس سعيّد، بعودة الديمقراطية، مشددا على أنه يعول على الشارع وعلى حركة الشارع. وأشار إلى التحركات الاحتجاجية التي حصلت في مدينة جرجيس (جنوب شرقي) وحي التضامن (أحد أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة)، ووصفها بأنها التقاء بين ما هو سياسي وما هو اجتماعي. واعتبر ما حدث "التقاء المعارضات وضغط الوضع الاقتصادي على الناس وتطور الوضع الخارجي"، معتبرا أن كلها عوامل من شأنها الضغط على قيس سعيّد. وادعى الغنوشي أنه جنب البلاد حربا أهلية عام 2013 إثر لقاء عقده مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، تمهيدا للحوار الوطني الذي "فشل عندما عمد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى إقصاء النهضة في حوار مماثل في شهر يناير من ذات السنة"، وفق شهادته. وقال "عندما تم إقصاء النهضة لم ينجح الحوار الذي أطلقه الاتحاد". وتزايد منسوب العزلة السياسية للحركة خصوصا بعد القرارات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، والتي عجلت بتجميد نشاط البرلمان وحكومة هشام المشيشي التي كانت تدعمها النهضة وحلفاؤها.
مشاركة :