أصدرت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض كتاباً جديداً بعنوان "صناعة السَّدو بين الماضي والحاضر" من تأليف فاطمة بنت عوض المطيري. يتناول الكتاب - الصادر في طبعته الأولى 1444هـ / 2022م - نوعاً من أنواع التراث التقليديّ الأصيل في المملكة العربية السعودية يُسمى "السَّدو"، ويُعدُّ من أعرق الصناعات التقليدية في شبه الجزيرة العربية وأقدمها. وتقول الباحثة في مقدمة الكتاب: "لم أكن أول من دوّن في هذا الموضوع، ولكن سبقني من سبق من الباحثين والباحثات الأفاضل... فأردتُ أن أشاركهم الجهود وأضيف ما لديّ من المعرفة والخبرة التي استوحيتها من معايشتي لجيل عاصر هذا الفن بكل تفاصيله، فمارسته منذ الصغر، وخضتُ غماره هاوية وعاشقة لفنونه الجميلة، ساعية إلى نشر ثقافته من جانب، وتطويره من جانب آخر ليتناسب مع الحياة المعاصرة". وتناول الكتاب كل ما يتعلق بصناعة "السدو" بدءاً من المعنى اللغوي للكلمة ثم نبذة عن السدو ومنتجاته القديمة، حيث تعد صناعة "السَّدو" من الحرف التقليدية اليدوية البحتة التي تنفذ يدويّاً وبدون أي آلات كهربائية أو إلكترونية، والمواد الأساسية في صناعته هي (الصوف أو الوبر أو القطن)، والسدو فن من الفنون الجميلة التي مارستها المرأة العربية في شبه الجزيرة العربية قديما ومازالت تمارس حتى اليوم. ركز الكتاب على أهمية السدو قديمًا، ومن منتجاته القديمة: بيت الشَّعر، والرواق، والبجاد، والعدول والمزاود، والخُروج، والسفايف، والبُسط أو المفارش، والمساند. ويتناول الكتاب كذلك: مراحل صناعة (السّدو) التقليدية، وتتمثل في مرحلة: إعداد الصوف، وتنظيفه وتهيئته للغزل، وتلوينه وبرمه عبر أدوات إعداد الصوف ومنها: المنفاشة، والتغزالة، والمغزل أو المبرم، ثم إعداد آلة السدو القديمة التي تتكون من الأوتاد والنيرة والعقال والقلادة والمدراة، والمنشزة والميشع واللحمة. أما آلة السدو المطورة فمنها ما يصنع من الخشب ومنها ما يصنع من الحديد، ويمكن التحكم في طولها وعرضها بحسب مقاسات قطع السدو المراد تنفيذها. وأوضحت المؤلفة في الكتاب خطوات عمل قطع السدو من مرحلة عمل آلة السدو ثم مرحلة نشر خيوط " السدو" ثم مرحلة نسج الخيوط، وإنهاء أطراف قطعة السدو وتقفيلها. ويتضمن الكتاب بيان أبرز النقوش والأشكال الهندسية المستخدمة في صناعة السدو مثل: الشجرة، والعويرجان، والمذخر وضروس الخيل، والأعمدة والحبة، ونقوش الضليعة، ونقوش العين. وتحت عنوان "صناعة السدو" في وقتنا الحاضر، تناولت المؤلفة أشكال هذه الصناعة العريقة ورأت أنها تمثل ماضياً عريقاً وثقافةً عظيمةً، صنعها شعب عظيم تعامل مع بيئة قاسية، وأنتج موروثاً شعبياً أصيلاً، وقد نال هذا الفن مؤخراً الاهتمام والرعاية من قبل المؤسسات المهتمة بالثقافة والتراث وظهر ذلك واضحاً جليّاً بعد انطلاق رؤية المملكة 2030 التي تتطلع إلى إنشاء مجتمع حيوي نابض بالحياة يستطيع تحقيق أحلامه وطموحاته ضمن اقتصاد وطني مزدهر. ويتحدث الكتاب عن صناعة تقليدية عالية الجودة، وعن مجالات الاستفادة من قطع السدو في تزيين القطاعات الحكومية، وتجهيز غرف المجالس في المنازل، والمهرجانات والفعاليات التراثية، وتصميم وصناعة لوحات فنية، ودمجها في صناعة الأثاث والجلديات والحقائب، وتوظيف السدو في تجهيزات ومستلزمات الرحلات البرية، والإهداءات التذكارية التراثية، ودمجه في صناعة الملابس التراثية وغير التراثية بتصاميم تخدم مختلف الأذواق. كما أبرز الكتاب مجموعات من المنتجات الحديثة لصناعة السَّدو، مثل الحقائب والقطع الفنية واللوحات الجدارية. وقد تضمن الكتاب الذي يقع في (112) صفحة مجموعة كبيرة من الصور التي تبين جماليات فن السدو ومجالات استخدامه ومنتجاته المتنوعة، ويشكل أحدث إصدارات المكتبة التي تركز على تناول مختلف القضايا الثقافية والتراثية والعلمية والتاريخية فضلا على إصدار مجموعات كبيرة من الكتب العلمية وكتب السير والرحلات والأدب المترجمة عن مختلف اللغات العالمية.
مشاركة :