عندما شارك ماركوس راشفورد لأول مرة مع مانشستر يونايتد تحت قيادة المدير الفني الهولندي لويس فان غال في عام 2016، كان يُنظر إليه على أنه خيار مؤقت لسد العجز في خط الهجوم في تلك الفترة، لكنه تألق ونجح بسرعة في حل المشكلة التي كان يعاني منها الفريق في الخط الأمامي. ثم عاد اللاعب الإنجليزي الدولي للمشاركة كمهاجم صريح وكحل قصير الأمد تحت قيادة مدير فني هولندي آخر، وهو إريك تن هاغ. لقد أدى ولع كريستيانو رونالدو بإثارة الجدل إلى إبعاد الأضواء والتركيز عن راشفورد، الذي يتألق في المركز الذي كان يعتقد البرتغالي المخضرم أنه يستحق أن يشارك فيه بصفة أساسية. لقد استعاد راشفورد ثقته الكبيرة في نفسه، وأصبح واثقاً من قدرته على صناعة الفارق مرة أخرى، وهو الأمر الذي ظهر جلياً يوم الأحد الماضي عندما أحرز هدف المباراة الوحيد وقاد مانشستر يونايتد للفوز على وستهام والحصول على ثلاث نقاط ثمينة. خلال الموسم الماضي، فشل راشفورد في تسجيل أي هدف خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نهاية الموسم، لكنه يتألق بشكل لافت للأنظار هذا الموسم، حيث سجل ستة أهداف مهمة للغاية في أول تسع مباريات له هذا الموسم. ومن الواضح للجميع أن راشفورد قد استعاد عافيته تماماً وأصبح يقدم أفضل مستوياته بعد عام فشل خلاله في إحداث تأثير واضح مع فريق كان يعاني بشدة. ووسط كل الأشياء الإيجابية التي يحققها راشفورد مرة أخرى مع مانشستر يونايتد - بمساعدة تن هاغ الذي يدعمه ويشركه على حساب أسطورة النادي كريستيانو رونالدو – سيتعين على المهاجم الشاب أن يبرر للجميع أنه يستحق اللعب كأساسي من خلال تسجيل المزيد من الأهداف. لقد أصبح يُنظر إلى راشفورد على أنه الخيار الأفضل على المدى القصير، وربما الطويل أيضاً، للمدير الفني الهولندي الذي يسعى لترسيخ فلسفته في فريق ظل يعاني لفترة طويلة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعزز مكانة راشفورد في صفوف الفريق بعد أن فشل خلال الموسم الماضي في التعافي من تداعيات إهداره لركلة جزاء حاسمة مع المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2020. وعلاوة على ذلك، فإن الهدفين الحاسمين اللذين أحرزهما في مرمى آرسنال وليفربول قد جعلا جمهور مانشستر يونايتد يدعمه بقوة بعد فترة محبطة لم يقدم خلالها اللاعب أداء مقنعاً. لكن أمام توتنهام، لم يتمكن راشفورد من استغلال الفرص السهلة التي أتيحت له، لكنه كان محظوظاً لأن فريقه فاز في تلك المباراة بهدفين دون رد، ومن المؤكد أن إهداره لهذه الفرص كان سيكلفه كثيراً لو لم يفز فريقه أو كان متأخراً في النتيجة. لكن بشكل عام، كان أداؤه في تلك المباراة جيداً أيضاً. من السهل أن ننسى أن راشفورد يبلغ من العمر 25 عاماً فقط، نظراً لأنه بدأ مسيرته مع الفريق منذ ستة أعوام ونصف العام. ويمكن القول إن هذه البداية المبكرة للاعب كانت بمثابة نعمة ونقمة في الوقت نفسه، فبعد أن سجل هدفين في مرمى ميتلاند الدنماركي اكتسب شهرة كبيرة وتوقع الكثيرون أن يصل اللاعب إلى مستويات مذهلة، لكن لم يُسمح له على الإطلاق بالتطور في مركز رأس الحربة الصريح، وتعرضت مسيرته الكروية للكثير من الانتكاسات بسبب التغييرات الكثيرة في المديرين الفنيين وطرق اللعب. لقد أراد العديد من المديرين الفنيين أشياء مختلفة من راشفورد، سواء مع النادي أو المنتخب الإنجليزي، وهو الأمر الذي أجبره على التكيف وتغيير الطريقة التي يلعب بها ربما كل موسم تقريباً. ويرى راشفورد أن أفضل مركز له هو اللعب كجناح أيسر لأنه يجيد الركض في المساحات الخالية ومراوغة المنافسين. ومع ذلك، يجب على راشفورد أن يعمل جاهداً على أن يكون المهاجم الأساسي للفريق وأن يتحمل المسؤولية كرأس حربة ويحدث الفارق في المباريات الكبيرة. وعندما يكون راشفورد في أفضل حالاته، فإنه يمتلك القدرات والإمكانيات التي تؤهله لإحراز الأهداف بشكل منتظم، وهو الأمر الذي أظهره في موسم 2019 - 2020 عندما أحرز 17 هدفاً في 31 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز، وهي الفترة التي كان يلعب فيها بشكل أساسي كجناح أيسر. لقد حصل على حرية كبيرة داخل الملعب في ذلك الموسم تحت قيادة المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير، الذي كان يؤمن بأن راشفورد يقدم أفضل مستوياته عندما يلعب بحرية. والآن، عاد راشفورد ليلعب بحرية وسلاسة مرة أخرى، بعد أن كان يفرط في التفكير في كل تسديدة أو تمريرة أو إنهاء للهجمة. لقد عمل تن هاغ على إعادة الابتسامة على وجه راشفورد مرة أخرى، وتخفيف الضغوط الهائلة التي كان يشعر بها، حتى يمكنه أن يستمتع مرة أخرى وهو يلعب كرة القدم. ومن الواضح للجميع أن المدير الفني الهولندي يثق تماماً في قدرات لاعبه الشاب، على عكس الانطباع الذي تركه المدير الفني الألماني السابق رالف رانغنيك، الذي كان يبقي اللاعب على مقاعد البدلاء باستمرار. وفي مباريات الدوري الأوروبي، اعتمد تن هاغ على الزج براشفورد مع بداية الشوط الثاني أمام أومونيا وشريف تيراسبول من أجل بث النشاط في صفوف الفريق مرة أخرى. وأمام شريف تيراسبول يوم الخميس الماضي، وضع راشفورد حداً لصيامه التهديفي في خمس مباريات وأحرز هدفاً جميلاً بضربة رأس دقيقة وقوية، وأظهر قدرته على إحراز الأهداف بطريقة مختلفة، وكان هذا الهدف هو رقم 99 له بقميص مانشستر يونايتد. ثم أحرز وبالطريقة نفسها هدفه رقم 100 في مرمى وستهام، ليدخل قائمة أفضل 20 هدافاً في تاريخ النادي، وهو ما يعد شيئاً رائعاً بالنسبة للاعب كان قد نسي الطريق إلى الشباك الموسم الماضي!. قد لا يكون راشفورد هو الحل الدائم لمشكلة مانشستر يونايتد الهجومية، لكنه بالتأكيد أفضل حل على المدى القصير، وهو الأمر الذي يسمح لتن هاغ بالتروي وعدم التسرع فيما يتعلق بالتعاقد مع مهاجم جديد.
مشاركة :