خلافات بين الدول الغربية بشأن التعامل مع أزمة الطاقة

  • 11/2/2022
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتبدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬قبل‭ ‬حلول‭ ‬الشتاء‭ ‬القادم؛‭ ‬بشأن‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة،‭ ‬بسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وأدت‭ ‬القيود‭ ‬الشديدة‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسي‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعتمد‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الصادرات،‭ ‬إلى‭ ‬تدافعها‭ ‬لإيجاد‭ ‬مصادر‭ ‬بديلة،‭ ‬وخفض‭ ‬مستويات‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه؛‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأسعار‭ ‬من‭ ‬الارتفاع‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬فإن‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوث‭ ‬حالات‭ ‬نقص‭ ‬شديد،‭ ‬أو‭ ‬انقطاع‭ ‬للتيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدا‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬ واعتبارًا‭ ‬من‭ ‬يوليو2021،‭ ‬ارتفعت‭ ‬أسعار‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬بنسبة‭ ‬50%‭ ‬تقريبًا،‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بازدياد‭ ‬الوضع‭ ‬سوءًا‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬برودة‭ ‬الطقس‭. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء،‭ ‬برزت‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين،‭ ‬وتبادلوا‭ ‬الاتهامات‭ ‬حول‭ ‬العمل‭ ‬لتحقيق‭ ‬مآربهم‭ ‬الذاتية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬وحدة‭ ‬الجهود‭. ‬وبعد‭ ‬إعلان‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬خفض‭ ‬حصص‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022،‭ ‬اتهم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬المنظمة‭ ‬بـ‮«‬القيام‭ ‬بهجوم‭ ‬سياسي‮»‬‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الخلافات‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬ليست‭ ‬كبيرة‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬للإشارة‭ ‬إلى‭ ‬انقطاع‭ ‬الدعم‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خلال‭ ‬الشتاء‭ ‬المقبل‭ ‬إلى‭ ‬إثارة‭ ‬الشكوك‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬جدوى‭ ‬الحلول‭ ‬المطروحة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬كريستينا‭ ‬لو‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬الآن‭ ‬أعلى‭ ‬بعشرة‭ ‬أضعاف‭ ‬عن‭ ‬المعدلات‭ ‬المعتادة،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬‮«‬تضخم،‭ ‬وإعاقة‭ ‬الصناعات،‭ ‬وترك‭ ‬الناس‭ ‬العاديين‭ ‬يعانون‭ ‬في‭ ‬الشتاء‮»‬‭. ‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يزداد‭ ‬الوضع‭ ‬سوءًا،‭ ‬مع‭ ‬استعداد‭ ‬‮«‬يانيز‭ ‬ليناركيتش‮»‬،‭ ‬مفوض‭ ‬إدارة‭ ‬الأزمات‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بالفعل‭ ‬لـ«سيناريوهين»؛‭ ‬أحدهما‭: ‬يعاني‭ ‬فيه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬من‭ ‬انقطاع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي،‭ ‬والآخر‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة،‭ ‬حيث‭ ‬يؤثر‭ ‬انقطاع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد‭.‬ وفي‭ ‬إدراك‭ ‬لهذه‭ ‬المخاوف،‭ ‬وضعت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬خططا‭ ‬لتقليل‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬للمستهلكين‭ ‬خلال‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تشكيك‭ ‬المحللين‭ ‬في‭ ‬جدوى‭ ‬تلك‭ ‬الخُطط‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭. ‬وكشفت‭ ‬فرنسا‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬خطط‭ ‬لخفض‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬بنسبة‭ ‬10%‭ ‬قبل‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء،‭ ‬مع‭ ‬دفع‭ ‬موظفي‭ ‬الخدمة‭ ‬المدنية‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬معينة،‭ ‬وخفض‭ ‬منظمات‭ ‬الحرارة‭ ‬داخل‭ ‬مرافقها‭ ‬الداخلية،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الأسر‭ ‬والشركات‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬تشغيل‭ ‬التدفئة‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬فقط‭. ‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬ووفقا‭ ‬لـ«خافيير‭ ‬بلاس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬بلومبرج‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬‮«‬واردات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬الشحنات‭ ‬الروسية»؛‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬‮«‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تقليل‭ ‬استهلاك‭ ‬الغاز‭ ‬كثيرًا‮»‬،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الطاقة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬‮«‬أمرًا‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية‮»‬،‭ ‬مستشهدا‭ ‬بألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬تحتاج‭ ‬وحدها‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬استخدامها‭ ‬للطاقة‭ ‬بنسبة‭ ‬‮«‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬20%‭.‬ من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬أشار‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬الوضع‭ ‬غير‭ ‬المؤكد‭ ‬لاحتياطيات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬إيسي‭ ‬ليتو‮»‬،‭ ‬و«كيت‭ ‬أبنيت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التحدي‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يواجه‭ ‬القارة‭ ‬سيبدأ‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬أو‭ ‬مارس‭ ‬عند‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التعبئة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أدى‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الشتاء‭ ‬الماضي‭ ‬إلى‭ ‬استنزاف‭ ‬الإمدادات‭ ‬بنسبة‭ ‬25‭-‬30%‮»‬‭. ‬وأضافت‭ ‬‮«‬لو‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬في‭ ‬العادة،‭ ‬يمكن‭ ‬لأوروبا‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬تعبئة‭ ‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬خلال‭ ‬الصيف»؛‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬الأشهر‭ ‬الباردة،‭ ‬وتشديد‭ ‬الخناق‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬‮«‬دخلت‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬سباق‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬لملء‭ ‬خزاناتها‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬دفعت‭ ‬‮«‬ثمنا‭ ‬باهظا‮»‬،‭ ‬وغير‭ ‬مستدام‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭.‬ ومستشهدا‭ ‬بكيفية‭ ‬تخزين‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬بنسبة‭ ‬90%‭ ‬تقريبًا»؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬فاتح‭ ‬بيرول‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أوروبا‭ ‬‮«‬ستنجو‭ ‬من‭ ‬الشتاء‭ ‬القادم‭ ‬ببعض‭ ‬الأضرار‮»‬،‭ ‬فقط‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تقع‭ ‬مفاجآت‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬تقنية،‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الاعتقاد‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصدمات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محلها‭. ‬وحذرت‭ ‬شبكة‭ ‬الكهرباء‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬انقطاع‭ ‬التيار‭ ‬الكهربائي‭ ‬لمدة‭ ‬ساعات؛‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬الاضطرابات‭ ‬والتقلبات‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الطاقة‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي،‭ ‬اتسمت‭ ‬النقاشات‭ ‬داخل‭ ‬أوروبا‭ ‬حول‭ ‬أفضل‭ ‬السبل‭ ‬لإدارة‭ ‬أزمة‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل،‭ ‬بـ«الخلاف‭ ‬الداخلي‮»‬،‭ ‬و«الاتهامات‭ ‬بالانتهازية‮»‬،‭ ‬و«الرفض‭ ‬لتبني‭ ‬مقترحات‮»‬‭. ‬وأوضحت‭ ‬‮«‬ماتينا‭ ‬جريدنيف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬غالبًا‭ ‬أثناء‭ ‬الأزمات‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬‮«‬تتراجع‭ ‬خلف‭ ‬خطوط‭ ‬الصدع‭ ‬التقليدية‮»‬،‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬‮«‬الشمال‭ ‬مقابل‭ ‬الجنوب‮»‬،‭ ‬و«الأغنى‭ ‬مقابل‭ ‬الأفقر‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سجلت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬اتهم‭ ‬الدبلوماسيون‭ ‬الأوروبيون‭ ‬ألمانيا‭ ‬بـ«اتباع‭ ‬نهج‭ ‬العمل‭ ‬الفردي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬بقيمة‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لحماية‭ ‬مواطنيها‭ ‬وشركاتها‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬مع‭ ‬معارضة‭ ‬مقترحات‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬تحديد‭ ‬سقف‭ ‬للأسعار‭ ‬والاقتراض‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭. ‬وأعلن‭ ‬‮«‬ماتيوز‭ ‬موراويكي‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البولندي،‭ ‬استياءه‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬برلين‭ ‬واتهم‭ ‬‮«‬أغنى‭ ‬دولة‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬‮«‬بمحاولة‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬لكسب‭ ‬ميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬لأعمالها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الأوروبية‮»‬‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬فيكتور‭ ‬أوربان‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المجري‭ ‬أيضًا‭ ‬موقفها‭ ‬بــ«الانتهازية،‭ ‬واستغلال‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬الشعوب‭ ‬الأوروبية‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حث‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬يكونوا‭ ‬‮«‬أنانيين‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬قوميين‮»‬،‭ ‬فإنه‭ ‬يسود‭ ‬شعور‭ ‬بين‭ ‬الألمان‭ ‬بأن‭ ‬أزمة‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬هي‭ ‬خطأ‭ ‬فرنسا،‭ ‬وفقًا‭ ‬لصحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬استيراد‭ ‬باريس‭ ‬للطاقة‭ ‬حاليًا‭ ‬من‭ ‬برلين‭ ‬جراء‭ ‬أعمال‭ ‬الصيانة‭ ‬المعطلة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬فرنسا‭ ‬لمحطات‭ ‬الكهرباء‭ ‬ومحطات‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬الحالية،‭ ‬أو‭ ‬بناء‭ ‬محطات‭ ‬لتحل‭ ‬محلها‭. ‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬مصدر‭ ‬آخر‭ ‬للخلاف‭ ‬السياسي،‭ ‬هو‭ ‬عرقلة‭ ‬فرنسا‭ ‬لبناء‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬يعبر‭ ‬جبال‭ ‬‮«‬بيرينيه‮»‬‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬إسبانيا‭. ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬والبرتغال‭ ‬‮«‬ينظرون‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬خط‭ ‬الأنابيب‭ ‬باعتباره‭ ‬رابطًا‭ ‬مهمًا‭ ‬بين‭ ‬محطات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬غرب‭ ‬أوروبا‭ ‬والعملاء‭ ‬بأوروبا‭ ‬الوسطى‮»‬‭. ‬وعليه،‭ ‬أوضحت‭ ‬‮«‬إليزابيتا‭ ‬كورناغو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الإصلاح‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬بفشل‭ ‬تخطيطي‭ ‬إداري‭ ‬وتقني‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬باريس‭ ‬حيال‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬وإدارة‭ ‬الأزمات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يبدو‭ ‬كفشل‭ ‬‮«‬سياسي‮»‬‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬برلين‭.‬ وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجهود‭ ‬الأوروبية‭ ‬المشتركة‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬المتوقع،‭ ‬هناك‭ ‬نقص‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭. ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أشارت‭ ‬وكالة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬معارضة‭ ‬‮«‬ألمانيا‮»‬،‭ ‬و«هولندا‮»‬،‭ ‬و«الدنمارك‮»‬،‭ ‬لاقتراح‭ ‬رئيسة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬‮«‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين‮»‬،‭ ‬بوضع‭ ‬سقف‭ ‬مؤقت‭ ‬لأسعار‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتدارك‭ ‬ارتفاع‭ ‬التكاليف،‭ ‬بسبب‭ ‬‮«‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬أمن‭ ‬الإمدادات‮»‬‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تكافح‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لتشكيل‭ ‬استجابة‭ ‬متماسكة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬لأزمة‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والطلب‭ ‬الحالية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬‭ ‬بخفض‭ ‬حصص‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬لبقية‭ ‬العام،‭ ‬وهو‭ ‬خفض‭ ‬قدره‭ ‬2‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يبررها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قلق‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬بشأن‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬بسبب‭ ‬التباطؤ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭. ‬ وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكيات،‭ ‬علق‭ ‬‮«‬جون‭ ‬ألترمان‮»‬،‭ ‬و«جوزيف‭ ‬ماجكوت‮»‬‭ ‬و«بن‭ ‬كاهيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‮»‬،‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬خفض‭ ‬الإنتاج،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬أعضاء‭ ‬أوبك‭ ‬بلس‭ ‬يحاولون‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬سيطرتهم‭ ‬على‭ ‬السوق‮»‬،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬سيُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬تحدٍ‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭. ‬وبالفعل،‭ ‬وصفت‭ ‬‮«‬جانيت‭ ‬يلين‮»‬،‭ ‬وزيرة‭ ‬الخزانة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬القرار‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مفيد،‭ ‬وغير‭ ‬حكيم‮»‬‭. ‬واتهم‭ ‬‮«‬توماس‭ ‬واريك‮»‬،‭ ‬المسؤول‭ ‬السابق‭ ‬بالخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬بإضعاف‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقبلة‭.‬ وأدى‭ ‬غضب‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬من‭ ‬التحالف‭ ‬النفطي‭ ‬إلى‭ ‬إعرابهم‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬تراجعه‭ ‬عن‭ ‬القرار‭. ‬ويرى‭ ‬‮«‬ماثيو‭ ‬لين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬سبيكتاتور‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قراره‭ ‬سوف‭ ‬‮«‬يأتي‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬ستزيد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إنتاجها،‭ ‬بينما‭ ‬يعاني‭ ‬التحالف‭ ‬من‭ ‬‮«‬انخفاض‭ ‬طويل‭ ‬الأجل‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يتضاءل‭ ‬اعتماد‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬غضب‭ ‬المراقبين‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬بخفض‭ ‬حصص‭ ‬إنتاجهم‭ ‬استجابة‭ ‬للصعوبات‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬الحالي‭ ‬والمخاوف‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬‮«‬غير‭ ‬محله‮»‬،‭ ‬وخاصةً‭ ‬عندما‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬أيضًا؛‭ ‬لأنها‭ ‬زادت‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬عبر‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للطاقة‭ ‬لتعويض‭ ‬الخسائر‭ ‬في‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسية‭. ‬وبالفعل،‭ ‬سعت‭ ‬‮«‬ألمانيا‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬توقيع‭ ‬إعلان‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مايو،‭ ‬بينما‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬إيطاليا‮»‬،‭ ‬تتفاوض‭ ‬أيضًا،‭ ‬بشأن‭ ‬أربعة‭ ‬مليارات‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬إضافية‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬من‭ ‬‮«‬الجزائر‮»‬‭.‬ وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬شكك‭ ‬المحللون‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬أكبر‭ ‬منتج‭ ‬لطاقة‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تحدد‭ ‬برنامجًا‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬لمساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬في‭ ‬تعويض‭ ‬خسائرها‭ ‬من‭ ‬واردات‭ ‬الطاقة‭ ‬الروسية‭. ‬وقدم‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬بيزنس‭ ‬إنسايدر‮»‬،‭ ‬تقريرًا،‭ ‬بأن‭ ‬منتجي‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬‮«‬يجنون‭ ‬أرباحًا‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬بيع‭ ‬شحناتهم‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا،‭ ‬والتي‭ ‬تدفع‭ ‬أسعارًا‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«لوران‭ ‬سيغالن‮»‬‭ ‬من‭ ‬مدونة‭ ‬‮«‬ريديفايننج‭ ‬إنرجي‮»‬،‭ ‬تمت‭ ‬عمليات‭ ‬بيع‭ ‬بحوالي‭ ‬275‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لواردات‭ ‬طاقة‭ ‬كلفتها‭ ‬60‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬فقط‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬يجب‭ ‬أيضًا‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬الأسئلة‭ ‬حول‭ ‬القيادة‭ ‬العالمية‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إدارتها‭ ‬للأزمات‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬قد‭ ‬تزايدت‭. ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬رد‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬على‭ ‬مزاعم‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬العالم‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬‮«‬معركة‮»‬‭ ‬نووية‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬الحال،‭ ‬إبان‭ ‬أزمة‭ ‬الصواريخ‭ ‬الكوبية‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬القادة‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحدثوا‭ ‬بحكمة‭ ‬عند‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‮»‬‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭ ‬الشتاء‭ ‬القادم،‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬تأمين‭ ‬إمدادات‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬الطاقة؛‭ ‬تهدد‭ ‬الانقسامات‭ ‬السياسية،‭ ‬والانقسامات‭ ‬المتصاعدة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬بتقويض‭ ‬وحدة‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الشتاء‭ ‬لم‭ ‬يبدأ‭ ‬بعد،‭ ‬فإن‭ ‬احتمالات‭ ‬حدوث‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أغنى‭ ‬دول‭ ‬أوروبا،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تُثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬احتياطاتها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭.‬ يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬أعضاء‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬موحدة‭ ‬لأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬قد‭ ‬قوض‭ ‬مهمتها‭ ‬التعاونية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬إدارة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لأزمة‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي‭ ‬والوضع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يهدد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬دورها‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

مشاركة :