عبدالله الفيصل.. شاعرٌ ساسَ «الهوى» وأجّجتْ لواعجُهُ «ثورة الشك»

  • 11/3/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قامة أدبية باذخة. امتلك رهافة الحس والشعور والمشاعر، فترجم تلك اللواعج إلى سلاسل من ذهب الكلام والمعاني. الحرمان الذي رافق حياته - كما يُعبّر عنه ديوانه "وحي الحرمان"؛ أجّج فيه العاطفة، فَسَرَدَ لنا أرَقَّ القصائد وأجزلها وأقربها للوجدان. فجّر عنفوان قلمه "ثورة الشك"، ولامس تخوم القلب فناجاه قائلاً: "من أجل عينيك عشقت الهوى". هو الشاعر الذي يستشفُّ الوجدَ من عَيْنَيّ المُحبّين، وينثرها أهازيج فَرَح وسُلُوّ وينفح عبيرها لكل المحرومين. وبرغم الوظائف والوزارات والمناصب التي تقلّدها وحملها باقتدار في خدمة وطنه؛ فإنها لم تُسكّن ثائرةَ حُبّه المتوقّد؛ فَسَطّرَ للتاريخ ملاحمَ العشق ونداءاتِ الوداع وفضاءاتِ المحبة المتوشّحة بالألم والأمل. ولم يَغِبِ الوطنُ عن فِكْرِ وشِعْر عبدالله الفيصل؛ فقد كان له الوطن: كنز الأحفاد وموئل الأجداد ونجد الأمجاد. السيرة الذاتية عبدالله الفيصل بن عبد العزيز آل سعود (18 يونيو 1922 – 8 مايو 2007). هو الأمير والشاعر والابن البكر للملك فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله-، ووالدته هي الأميرة سلطانة بنت أحمد بن محمد السديري، ولد في مدينة الرياض في 5 من شهر ذي الحجة من عام 1341هـ، وقد تولى تربيته في صغره جده الملك عبد العزيز، ولما بلغ الخامسة من عمره انتقل مع والده الملك فيصل إلى الحجاز؛ فتلقى علومه فيها. بدأ العمل الحكومي رسميًا في أواخر الأربعينات الميلادية من القرن الماضي، عندما عيّنه الملك عبد العزيز وكيلًا لنائبه في الحجاز، حيث كان ينوب عنه في إدارة مجلس الوكلاء، وكان حريصًا على مشاركة والده في اهتمامه بمكة المكرمة ومشروعات الحرمين الشريفين، وفي عام 1950، تم تعيينه وزيرًا للداخلية والتي جمع معها وزارة الصحة، تفرّغ بعدها للداخلية، وفيما بعد للأعمال الحرة والقراءة والاطلاع، رافق والده الملك فيصل في العديد من المؤتمرات، ومنها مؤتمر إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 في الولايات المتحدة. وفي المجال الشعري برع الأمير عبد الله الفيصل في نظم القصيدة، واعتُبر واحدًا من فرسانها. تم تكريم الأمير في العديد من المحافل السعودية والإقليمية والدولية. أعماله الشعرية شعره أكثر ارتباطًا بموضوعاته. ولم يظفر المشهد الأدبي إلا بعملين اثنين، وآخر باللهجة العامية، ويشتملان على 131 قصيدة ومقطوعة، تراوح كل قصيدة بين 3 أبيات و21 بيتًا. وطغيان الذاتية لدى الشاعر ومراوحته بين الشكاية والتمرد حملته على اعتماد اللمحة وقصر النفس والإجمال، واقتصار معجمه الشعري على لغة الحب، وهو في وطنياته لا يبرح قاموسه اللغوي، وتشكيله العروضي، وفوق ذلك فقد أسهم في تنشيط الحركة الأدبية والرياضية في المملكة، وحصل على جوائز وأوسمة: محلية وعربية وعالمية، واهتم بدراسة شعره كبار الأدباء، من مثل طه حسين، ومارون عبّود، وقدمت عنه دراسة أكاديمية باللغة الفرنسية، ودراسات أخرى، وكرّمته مؤسسة سعاد الصباح، وصدرت الدراسات في مجلد ضخم تناول كل جوانب شعره». إن وضعه بوصفه أميرًا مسؤولاً قد حرضه على وأد كثير من شعره. وما أفاض به من أعمال شعرية اتسمت موضوعاتها بالذاتية، فكان بهذا رأس الرومانسيين، وإن جاءت له قصائد وطنية، اتسمت بالإنشادية والحماسة. وكل شعره ذو طابع غنائي، وصفاء موسيقي.. واضطلاعه المبكر بالمسؤوليات حال دون خلوصه للشعر. والتقصي الدلالي واللغوي والفني والشكلي والإيقاعي لما أفضى به إلى المشاهد يجلي في عمله الشعري كل الوحدات التي لم يتوافر عليها معاصروه من شعراء العمودية، ومن ثم تجلت الوحدة الموضوعية في القصيدة الواحدة، وقد تتجلى الوحدة في الديوان كله لولا إلمامات وطنية، والمتقصي شعره عنده تلك الوحدة، وأن ألم بقضايا أمته، وأشاد بأمجادها، واستنهض همم الشباب، ولكن ذلك كله لا يخلصه من رومانسيته وذاتيته وعذريته، ومناجاته وخصامه لمن يحب وثورته في بعض الأحيان تجلي العذرية المتصوفة. وفاته صدر بيان من الديوان الملكي السعودي معلنًا وفاة الأمير عبدالله بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود في مدينة جدة بتاريخ 21 ربيع الآخر 1428هـ الموافق 8 مايو 2007. عن عمر يناهز 84 عامًا إثر مرض عانى منه، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.

مشاركة :