طهران تبحث عن رئيس لبناني بلا لون ولا طعم

  • 11/2/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يشكل انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون من دون أن يتمكن الأخير من تنصيب صهره النائب جبران باسيل رئيساً بعده، أو حتى أن يتمكن من البقاء دقيقة واحدة في القصر الجمهوري بعد انقضاء ولايته، خبراً سيئاً لمحور الممانعة الذي تقوده إيران على المستوى الإقليمي و"حزب الله" على المستوى اللبناني المحلي. فمن المعلوم أن الحزب لم يستطع أن يفرض رئيساً من فريقه على غرار ما فعله عام 2016 عندما أدت سنوات من الضغط الأمني والاغتيالات الموجهة للقوى السيادية التي تسمى في تلك الحقبة "قوى 14 آذار" الى إيصال الجنرال ميشال عون الى الموقع الدستوري الأول في لبنان. هذا ما مكّن "حزب الله" أن يبسط سيطرته على كل الرئاسات في النظام السياسي اللبناني، فضلاً عن بسط سيطرته على مؤسسات الدولة بشقيها المدني والأمني، وبالتالي استطاع "حزب الله" أن يتحكم بالقرار الوطني والسيادي في لبنان، ومن أهم تجلياته محافظته على سلاحه في الداخل بعيداً من أي محاسبة أو رقابة، والإمساك بقرار الحرب والسلم وفقاً لأجندته الخارجية غير ذات الصلة بلبنان. هكذا يمكن القول إن اختيار الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية عام 2016 أوصل من الناحية العملية الحزب المذكور الى قصر الرئاسة. وإذا كان تراءى للبعض أن رئيس الجمهورية الذي وصف نفسه بـ"القوي" يمتلك مفاتيح قراره وهوامش حركته كرئيس، فإن الحقيقة كانت مختلفة تماماً. فقد ازداد رئيس الجمهورية ميشال عون بعد انتخابه في الحادي والثلاثين من تشرين الأول (أكتوبر) 2016 انحيازاً، لا بل التصاقاً بالقوة التي حملته الى الرئاسة باستخدامها مختلف الوسائل بما فيها وسائل الإكراه والعنف والابتزاز الأمني الداخلي. من هنا، يبدو للمراقب أن خروج عون من القصر الرئاسي من دون أن يتمكن "حزب الله" من إحلال رئيس يدين له أيضاً بالولاء هو فشل للحزب المذكور في إعادة تنصيب رجل له في رئاسة الجمهورية، لا سيما أن رصيد عهد الرئيس ميشال عون أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه كان سلبياً للغاية، لما أصاب الفريق الذي تقوده إيران إقليمياً بأضرار فادحة أفقدته الى حد ما ورقة المبادرة في الحركة السياسية التي كان يمسك بها وحده من دون شريك. أصبح لزاماً على "حزب الله" أن يتنهج سلوكاً مختلفاً. لماذا؟ لأن الركون مرة جديدة الى أسلوب القتل والاغتيالات التي طبعت مرحلة التحضير للإمساك بالبلاد، ثم إيصال عون إلى سدة الرئاسة لم تعد بمتناول اليد بالسهولة التي يعتقدها البعض. ثم إن خيار الحزب إياه يميل الى المحافظة على ما أمكن من المكاسب التي حققها سابقاً مع المحافظة على أقصى درجات الاستقرار الأمني في البلاد باعتبار هذه الأخيرة قاعدته التي يمسك بها بشكل أو بآخر، ولا يريد هو أو مرجعيته الإقليمية التفريط بها أو حتى تعريضها للاهتزاز. ولعل اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل الذي وُقع قبل أيام يؤشر الى رغبة إيرانية بالتهدئة عكسها سلوك ذراعه اللبنانية خلال مرحلة التفاوض الحاسم، ثم لحظة القبول بالمقترح الأميركي الذي جاء بشكل عام مرضياً لإسرائيل، وبمقدار أقل للبنان. تقديرنا أن طهران مهتمة باستقرار أمني في لبنان تسيطر عليه بشكل أو آخر. إنه قاعدة متقدمة للنفوذ الإيراني في لبنان. من هنا قد يكون في حسابات "حزب الله" التي يحظى فيها بهوامش للقرار المحلي توافق عليها القيادة الإيرانية، اختيار رئيس جديد للجمهورية يكون مقبولاً نوعاً ما، ويثير حساسيات أقل من وريث الرئيس عون، لأن الإصرار على فرض النائب جبران باسيل، أو أي مرشح رئاسي ينتمي علناً وجهاراً الى التحالف الذي يقوده "حزب الله" بيد من حديد سيفاقم من الأزمة اللبنانية، ويؤجج الغضب على فريق "الممانعة" أضعاف ما هو الآن. لذا نعتقد أن البحث الآن في الفريق الإيراني الهوى في لبنان جارٍ عن مرشح رئاسي لا لون ولا طعم له يمكن أن يشكل مطيّة سهلة للمشروع الإيراني وللحزب المذكور وحلفائه، لأنه لن يحظى سوى بهوامش ضيقة للغاية في معادلة يهيمن فيها "حزب الله" بمساعدة القوى المتواطئة معه، أو تلك المستسلمة ويا للأسف!

مشاركة :