تمر الأعوام وتبقى "رواشين" المنطقة التاريخية بجدة شاهدة على الطراز المعماري التقليدي للبيوت المنتشرة في حارات المنطقة العتيقة وهي: (الشام، والمظلوم، والبحر، واليمن)، وذلك في استحضار للماضي العريق ونمط حياة الآباء والأجداد وتقاربهم الاجتماعي. وتعرف "الرواشين" بأنها النافذة أو الشرفة البارزة المصنوعة من أجود ألواح الخشب، والتي تستخدم في تغطية النوافذ والفتحات الخارجية، حيث يتم نحتها "بفن الأرابيسك" وهو عبارة عن أنماط ونماذج هندسية معقدة تخرج في هيئة زخارف متشابكة ومتداخلة ومتقاطعة. وتتميز بجمالها ورونق تصميمها، التي كانت وما زالت تمثل أصالة الزمان والمكان للطراز المعماري الحجازي القديم، ما خول المنطقة التاريخية بجدة لتكون في قائمة التراث العمراني العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" عام 2014. وتتشابه مباني جدة قديما في عدد طوابقها، إذ يراوح ارتفاعها بين أربعة وخمسة طوابق، حيث تصنع واجهاتها من خشب الساج الهندي والجاوي، الذي يوفر التهوية الطبيعية للمنازل، ولأن استخدام الزجاج لم يكن شائعا حينها، فقد استخدم الأهالي "الرواشين" والمشربيات المزخرفة لتغطية النوافذ، أما الأبواب فكانت تصنع من لوحين ثقيلين من خشب الساج وفيها فتحة صغيرة للرؤية. وتتميز "رواشين" جدة عن مرادفاتها في العالم الإسلامي بأنها الأكثر ارتفاعا والأكبر حجما.
مشاركة :