الوطن بين طرفي نقيض

  • 11/3/2022
  • 22:44
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استضافت بلادنا في حقبة زمنية سابقة أفرادا كثرا ينتمون إلى جماعة «الإخوان» الإرهابية، الذين كانوا حينها يتعرضون للاضطهاد والتنكيل في بلادهم، ما جعلهم في أمس الحاجة إلى العون، عون لم توفره لهم أي بلد كما وفرته لهم هذه البلاد، ولكن بدلا من شكرها وحفظ جميلها بدؤوا في زرع مفاهيم وتوجهات تصادم استقرار وأمن الدولة المستضيفة لهم، في مظهر لا يعبر إلا عن سوء نواياهم تجاهها وتجاه كل ما كانت تمثله من رؤى وقناعات دينية معتدلة.فعملت هذه الأدوات الإخوانية إلى استقطاب أعيان محلية وقعوا في براثنها، إما جهلا أو عمدا، وهم من قام لاحقا بتشكيل نواة بني عليها حركة ما عرف باسم «الصحوة»، والتي نهجت وبقوة في التحشيد واستقطاب الأتباع ونشر فهمها الخاص للدين بينهم، الأمر الذي منحهم القدرة على التغلغل داخل النسيج المجتمعي، والتمكن من ترسيخ مفاهيم دينية متشددة بل ومتطرفة، كان أبرزها « التكفير».ولقد ظل هذا الوضع قائما إلى أن أتى عهد الملك سلمان -حفظه الله- وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، اللذين عملا على استئصال هذا الفكر، وتحييد خطر جميع دعاته بكل حزم وصرامة، ما تسبب في تحجيم تأثير أفكارهم المتطرفة على المجتمع، وساعد على كشف ضلال ذرائعهم الدينية. ولكن هذا لا يعني أن هذه المعضلة الخطيرة المتمثلة في تبني أفكار ومبادئ «الصحوة» قد اختفت نهائيا من التداول والوجود، فالواقع يقول بوجود أطراف من المجتمع ما زالت تعاني من رواسبها، وهذا ما يجعل الحرب عليها مستمرة.ولكن في المقابل، بدأ بعض المنتمين إلى الطرف المناهض للصحوة «وبحسن نية»، في إصدار تهمة لا تقل تطرفا وخطرا عن تهمة «التكفير» وهي «الطعن في الوطنية»، ضد أناس لم تثبت عليهم هذه التهمة «قانونيا».الخطير في الأمر، أن من يطلقون هذه التهمة يغفلون عن حقيقة وجود أطراف معادية، تنتظر إثارة مثل هكذا قضية حتى تتمكن من فعل ما تتقنه، وهو الصيد في الماء العكر، والسعي إلى دق أسفين بين أبناء المجتمع الواحد، تماما كما كان يفعل كثير من أتباع «الصحوة»، الذين كانوا يكفرون المختلف معهم بكل تهاون وبلا أدنى تردد، تحقيقا لأجنداتهم الخفية.وجب أن نتعلم من درس «التكفير»، وأن نحرص على ألا نقع في مثلبة مماثلة، وأن نعلم أن كل ما علينا فعله عند اكتشاف أشخاص أو جماعات محلية نرى أنهم يحملون أجندات متطرفة ومعادية لوطننا، هو إبلاغ الجهات المعنية في الدولة بهذا الأمر، حتى نتمكن عند ثبوت هذه التهمة عليهم (وليس قبل ذلك)، من تعريتهم والنيل منهم والتنويه بخطرهم وتحذير من تأثروا بهم من مغبة السمع والطاعة لهم.أخيرا، إن ما يجري حاليا في بلادنا بقيادة ولاة أمرها من نهضة شاملة في مختلف المجالات، يؤكد أننا نعيش قفزة تنموية وتطويرية هائلة وغير مسبوقة، ليس فقط في الأمور المادية وإنما أيضا في النواحي الفكرية بل وحتى الدينية، وهذا ما يجب أن يجعلنا نبذل الغالي والنفيس للحفاظ على هذه النهضة، وحمايتها ومهاجمة كل من يريد النيل منها وإحباط مساعيها، خاصة أولئك الذين هم «منا وفينا».[email protected]

مشاركة :