حالة من الغموض تكتنف العملية السياسية في السودان لحل الأزمة السياسية المستمرة منذ الإطاحة بنظام عمر البشير قبل نحو 3 سنوات ونصف. تقرير ستراتفور أشار تقرير أعده مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأمريكي “ستراتفور” إلى إن المكونين المدني والعسكري في السودان يقتربان من التوصل إلى اتفاق على مشروع لدستور البلاد. ومع ذلك، فقد جاء في التقرير أن لجان التظاهر السودانية ترفض تقديم أي تنازلات للجيش بتلبية مطالبه. ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر تشرين الأول 2021، ظلت هذه اللجان تنظم مظاهرات واحتجاجات أسبوعية تنديدا بتولي الجيش السلطة والإطاحة بحكومة عبد الله حمدوك الذي عاد في وقت لاحق ثم استقال. وعلى مدار هذه الفترة قاد رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس نشاطاً واسعاً من أجل استعادة مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد، وانضمت إليه “إيقاد” والاتحاد الإفريقي، فيما عرف بالآلية الثلاثية. وفي وقت لاحق، بدأت “الرباعية الدولية” والتي تقودها الولايات المتحدة، وبريطانيا والإمارات والسعودية، تحركات واسعة أسفرت عن عقد اجتماعين بين المدنيين والعسكريين. ووسط هذه التطورات وعلى نحو مفاجئ أعلن البرهان في يوليو الماضي خروج المؤسسة العسكرية من أي عملية تفاوضية. وبحسب التقارير فإن الجيش سيتنازل عن السلطة إذا توصلت الجماعات السياسية المدنية ولجان التظاهر إلى اتفاق بشأن حكومة تكنوقراط جديدة. وسيحصل الجيش على بعض الضمانات للعمل باستقلالية، والتحرر من الملاحقة القانونية على أحداث العام الماضي وأحداث ثورة 2019. تفاهم لا اتفاق بداية، قال شهاب إبراهيم الطيب، القيادي بقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، إن هناك تفاهمات بين القوى السياسية، لكن لا يوجد اتفاق لتقاسم السلطة في السودان. وأضاف الطيب خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن المتظاهرين يطالبون برحيل المكون العسكري عن السلطة، وكذا محاسبة الضالعين في قتل المتظاهرين. كما أوضح الطيب أن فرص الحل في السودان تتعطل بسبب المكون العسكري، مشيرا إلى أن هناك انقسام عسكري – عسكري بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو. واستكمل: “ما أسهل خطاب المزايدات والتخوين، لكن الخطاب السياسي يجب أن يقدم رؤى وحل للأزمة في السودان، وكذا العمل السياسي يجب أن يؤدي في نهاية المطاف إلى الانتقال إلى المسار الديمقراطي”. لم الشمل من جانبه، قال عبد العزيز أوري، القيادي بقوى الحرية والتغيير، (التوافق الوطني)، إن كل القوى السياسية في السودان تسعى نحو “لم الشمل”، موضحا أن لا يوجد تفاهمات مع من جلسوا بعيدا عن الجماهير السودانية. وأوضح عبد العزيز أوري أن قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) لم ترفض أي وثيقة أو مبادرة للحل في السودان، لكننا لا يجب أن نترك العمل للنقابات. وشدد عبد العزيز أوري على أن قوى الحرية والتغيير (التوافق الوطني) تمثل الأغلبية الصامتة، ولسنا دعاة اقتتال، لكننا نحتج على التنسيقات والمباردات خلف الأبواب المغلقة. وفي سياق ذي صلة، أعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان تراجع معدل تضخم أسعار المستهلك إلى مئة وسبعة في المئة في سبتمبر الماضي بعد أن كان مئة وسبعة عشر في المئة في أغسطس.. وفي حين تحدث البعض عن تراجع معدل الأسعار في بعض السلع خلال سبتمبر بالفعل، أثار البعض الآخر جدلا حول مدى دقة التقارير التي يصدرها الجهاز المركزي للإحصاء في شأن معدلات التضخم، بسبب غياب ما يعرف بموازنة الأسرة. أوضاع معيشية متردية وقال أبو القاسم إبراهيم، المحلل الاقتصادي، إن معدلات التضخم شهدت ارتفاع كبيرا جدا خلا العام الماضي. وأكد أبو القاسم إبراهيم أن الحكومة السودانية السابقة بقيادة عبد الله حمدوك اتخذت إجراءات قاسية جدا، لكنها لم تجد الدعم الكافي لمواصلة الإصلاح الاقتصادي. وأوضح أبو القاسم إبراهيم أن عام 2022، وبعد أن تأكد عدم وجود أي دعم دولي، شهد بناء ميزانية طوارئ، ما أثر على الشارع السوداني بالسلب، حيث فقد الآلاف وظائفهم وفرصهم في التعليم. الاقتصاد والسياسة من جانبه، قال الدكتور باسم حشاد مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بالفعل على الأوضاع الاقتصادية السودان. وأكد باسم حشاد أن الاقتصاد السوداني ينهار في الأصل بسبب التناحر على السلطة، وبسبب الخلافات بين القوى السياسية في البلاد، مشيرا إلى أن الحلول موجودة ولكن ليس في هذه الأوضاع السياسية في السودان. وأوضح باسم حشاد أن الاستقرار السياسي مطلب رئيس لإجراء أي عملية إصلاح سياسي، لأنه الباب الرئيس نحو خريطة التنمية في السودان.
مشاركة :