أوصى البرلمان اللبناني اليوم (الخميس) حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، بمواصلة مهامها بتصريف الأعمال وفق الأصول الدستورية. وجاءت التوصية في بيان تلاه رئيس البرلمان نبيه بري، في ختام جلسة خصصت لتلاوة ومناقشة رسالة وجهها الرئيس السابق ميشال عون، إلى مجلس النواب قبل يومين من انتهاء ولايته في 31 أكتوبر الماضي بشأن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال وسحب التكليف من ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة. وقال بري إن البرلمان في رده على رسالة عون "يؤكد ضرورة المضي قدما وفق الأصول الدستورية من قبل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة ورئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي للقيام بمهامه كحكومة تصريف أعمال". وأوضح أن هذا الموقف جاء "حرصا على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات". ورأى أن "تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة في يونيو الماضي جاء دستوريا"، مشيرا إلى أن طلب عون بسحب البرلمان للتكليف "لم يرد أي نص دستوري بشأنه"، وأنه "يتطلب تعديلا دستوريا لسنا في صدده". من جهته، قال ميقاتي في مداخلة خلال الجلسة إن أهم نتيجة تترتب لاستقالة حكومته بسبب بدء ولاية البرلمان في مايو الماضي هي تصريف الأعمال لـ"ضرورة استمرارية سير المرفق العام وانتظام أداء المؤسسات الدستورية". ونفى أن يكون "تأخر في تشكيل الحكومة أو تغاضى عن الأمر" على "حد قول عون في رسالته إلى البرلمان"، لكنه عزا ذلك إلى أنه لم يتلق أي جواب من عون على التشكيلة التي كان قد سلمه إياها في 29 يونيو الماضي. وأكد أن تصريف الأعمال سيكون "تحت سقف الدستور والقوانين المرعية الإجراء"، مشددا على أولوية انتخاب رئيس للبلاد. وأوضح أن الحكومة ستمارس تصريف الأعمال "بالمعنى الضيق" وفق الدستور، مضيفا "عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا سأستشير المكونات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب بدعوة مجلس الوزراء إذا لزم الأمر". وشدد على ضرورة "أخذ الدعوات إلى التهدئة بعين الاعتبار"، داعيا إلى "التعاون لتمرير هذه المرحلة الصعبة". وكان عون قد كلف ميقاتي في يوليو الماضي بتشكيل حكومة جديدة بعد حصوله على أصوات 54 نائبا من أصل 128، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب خلافاته مع عون حول تقاسم الحصص الوزارية. من ناحية ثانية، شهدت الجلسة البرلمانية انسحابات لنواب من كتلة "التغيير" و"حزب الكتائب" لاعتبارهم أن "البرلمان هيئة انتخابية ولا يمكنه القيام بأي عمل سوى انتخاب رئيس للبلاد". وانتهت ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر الماضي دون انتخاب خلف له خلال المهلة الدستورية المحددة بآخر شهرين من ولاية رئيس البلاد. وكان عون قد دعا في كلمة خلال احتفال وداعي رسمي وشعبي لدى مغادرته القصر الجمهوري قبل يوم من انتهاء ولايته، البرلمان إلى اتخاذ إجراءات فورية لتجنب الفراغ المزدوج الرئاسي والحكومي في البلاد. وانتخب عون رئيسا للبنان في 31 أكتوبر من العام 2016 بعد عامين ونصف من الفراغ الرئاسي بسبب الخلافات السياسية على شخصية توافقية، وهو السبب ذاته الذي أدى إلى إخفاق البرلمان أربع مرات في انتخاب خلف لعون منذ سبتمبر الماضي، ما أدخل البلاد في فراغ رئاسي هو الرابع منذ عام 1988. ويترافق الفراغ الرئاسي الحالي مع تولي حكومة تصريف أعمال للسلطة التنفيذية، وذلك في حالة غير مسبوقة في تاريخ لبنان، مما فتح الباب أمام جدل واشتباك دستوري وسياسي حول إدارة البلاد في ظل الفراغ الرئاسي. وكان الرئيس اللبناني السابق قد أعلن الأحد الماضي توقيع مرسوم استقالة حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي. وتأتي هذه التطورات في وقت تعاني فيه البلاد منذ العام 2019 أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي واحدة من بين أسوأ ثلاث أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق وشح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى.
مشاركة :