يقف حارس الأمن في متحف "باربيريني" للفنون بمدينة بوتسدام الألمانية، في حيرة إزاء عدم معرفته كيف يتصرف، ثم يتجه نحو لوحة للفنان الفرنسي الراحل مونيه، حيث يقف شخصان يرتديان سترات بلون برتقالي واضح للغاية، بالقرب من اللوحة، ويبدو أنهما يحاولان فعل شيء ما، والحارس لا يعرف كيفية إيقافهما. يصرخ حارس الأمن، بلا حول ولا قوة قائلًا: "مرحبًا؟ مرحبًا؟"، ليرد أحد الرجلين، الذي ربما قد يكون تفاجأ لوهلة، قائلًا بنفسه: "مرحبًا"، وذلك قبل أن يقوما بتلطيخ اللوحة التي تنتمي إلى سلسلة من اللوحات الانطباعية الفرنسية لمونيه، تحمل اسم "هيستيكس" (أكوام القش)، بالبطاطس المهروسة. ويدور الموضوع الرئيسي لكل لوحة ضمن هذه السلسلة، حول أكوام الحصاد التي قد تكون من الشعير أو الشوفان. صنع متحف باربيريني اسمًا لنفسه بوصفه قبلة للفنون، منذ افتتاحه قبل أكثر من خمسة أعوام في مكان يقع على مقربة كبيرة جدًّا من برلين، غير أنه لم يتصدر عناوين نشرات الأخبار المحلية بعد. لكن الأمر حاليًّا، بسبب ما قام به اثنان من نشطاء جماعة "لاست جينيريشن" (الجيل الأخير)، في أكتوبر الماضي. #صور | #صحيفة_اليومنشطاء البيئة يغلقون الطُرق أمام «الاتحاد الاشتراكي» بـ #برلين #مستقبل_الإعلام_يبدأ_من_اليومhttps://t.co/yJEFg3UXWO pic.twitter.com/6W1XoOUtvt— صحيفة اليوم (@alyaum) October 22, 2021 ويقوم حاليًا النشطاء التابعون للجماعة المعنية بقضايا التغير المناخي، شأنهم شأن نشطاء الجماعات البيئية الأخرى، بمهاجمة الأعمال الفنية في جميع أنحاء أوروبا، بعناصر مختلفة -غالبًا ما تكون من الطعام- للفت الانتباه إلى قضايا تغير المناخ، والضغط من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة. وقام النشطاء في وقت سابق من أكتوبر الماضي، باستهداف عمل كلاسيكي خاص بالرسام الهولندي المعروف يوهانيس فيرمير، وهو "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي"، في أحد المتاحف بهولندا. ويظهر في مقطع فيديو نشر على موقع "تويتر"، رجلان يقتربان من اللوحة، ثم قام أحدهما بلصق رأسه بالغراء على الزجاج أمام العمل الفني، وسكب عليه سائلًا أحمر، فيما قام الرجل الآخر بلصق يده على الحائط بجوار اللوحة. ولم يلحق باللوحة -التي انتهى الفنان الهولندي من عملها خلال الفترة بين عامي 1665 و1667- أضرار تذكر، بحسب ما قاله متحف "موريتشيوس" الذي توجد به اللوحة الأثرية في لاهاي، وأغلقت بعض قاعات المتحف. وقد يكون من أبرز مظاهر الاحتجاج حتى يومنا هذا، الواقعة التي قام خلالها مجموعة من نشطاء المناخ برش حساء الطماطم، في وقت سابق من أكتوبر الماضي، على عمل "صن فلاورز" (دوار الشمس) للفنان الهولندي الشهير فينسنت فان جوخ، المعروضة في المعرض الوطني بلندن. وهناك وقائع مماثلة حدثت في مجموعة من المدن الأخرى، من بينها مانشستر وجلاسجو. وكما هو الحال في بوتسدام؛ لم يتعرض العمل الفني الموجود في لندن إلى أي أضرار، حيث كان مغطى بالزجاج. أما في ألمانيا، فهناك الكثير من المتاحف التي تعيد النظر حاليًّا في الإجراءات الأمنية التي تتخذ داخل معارضها الفنية، التي عادة ما تكون قيِّمة وحساسة، خوفًا من حدوث المزيد من وقائع الاحتجاج. من جانبه، قال المدير الإداري لجمعية المتاحف الألمانية، دافيد فويومه، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن هناك الكثير من المؤسسات التي قامت بالفعل بتعزيز إجراءات الحماية التي تتبعها. ولا يرى فويومه أن مجرد تعيين المزيد من أفراد الأمن هو الحل، حيث يتعرض الموظفون هناك للكثير من الضغط في مثل هذه المواقف، ويقول: "نحتاج إلى إعداد الموظفين لمثل هذه الوقائع"، مضيفًا أن الاستشارة يجب أن تكون جزءًا من العملية. وقد أظهر الهجوم على لوحة الفنان مونيه، إلى جانب مظاهر الاحتجاج الأخرى التي وقعت في أنحاء متفرقة من أوروبا، أن "المعايير الأمنية الدولية عالية المستوى والتي تهدف إلى حماية الأعمال الفنية، ليست كافية في حال قيام النشطاء بتنظيم هجمات، كما أنها تحتاج إلى تعديل"، بحسب ما قاله أورترود فيتايدر، مدير باربيريني، بينما كان يوضح أسباب اتخاذ قرار إغلاق المتحف لفترة من الوقت.
مشاركة :