«كتب تطوير الذات».. بين مصدق ومشكك

  • 1/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كنت أتنقل بين صفحات «تويتر»؛ بحثا عن بعض من الكتب في تطوير الذات، ووجدت ردود أفعال متباينة في مسألة القراءة والاطلاع على هذه النوعية من الكتب. البعض كان مغالىا ويدافع عنها بشدة، والبعض الآخر كان مجافيا ومعرضا عنها بقسوة. فهما بين طرفي نقيض.. الأول يمدحها بغلو، والآخر يذمها بازدراء ويعتقد أنها أوهام عصافير! ولذلك، وددت أن أدلو بدلوي من خلال تجربتي المتواضعة؛ لأنني كنت ولا زلت أقرأ تلك الكتب. وأحضر من وقت إلى آخر بعضا من الدورات. بالإضافة إلى أني مهتم بكتابة مقالات في مواضيع تطوير وتنمية الذات، وقصص الإلهام والنجاحات. ومن هنا، أحببت أن أوضح اللبس القائم بين الفريقين؛ لعلي ارسم صورة وسطا بين طرفين متضادين في هذه المسألة. في البداية، دعونا نوضح أن كتب تطوير الذات لا تملك عصا سحرية للتغيير، وليست هي وصفات لمعجزات خارقة للعادة. وهي أيضا ليست قوانين ومعدلات هندسية وحسابية تعطيك الجواب بالمليمتر!!، بل هي نظريات وتجارب للبشر يخطئون ويصيبون، وفيها ما يصلح للبعض وقد لا ينطبق على الشخص الآخر مائة بالمائة. ومن الذكاء أن نختار منها ما يناسب مواهبنا الفطرية وقدراتنا الواقعية. ولنتذكر دائما في هذا الصدد قوله عليه الصلاة والسلام: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له. ومن النقاط المهمة، أن التغيير يبدأ من الداخل وليس من الكتب! بمعنى لا بد أن يكون هناك استعداد نفسي ومعنوي ثم عملي للتغيير والتحسين، وقد جاء في محكم التنزيل إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. أضف إلى ذلك أن كتب تطوير الذات لا يكفي أن تكتفي بقراءة كتاب أو كتابين أو حتى عشرة، وتعتقد أنك سوف تتغير في ليلة وضحاها، بل هي عملية مستمرة؛ لأن النفس البشرية لها إقبال وإدبار، وهي تحتاج إلى وقود مستمر ومنظم. ومن هذا الباب لا بد من قراءة هذه النوعية من الكتب بشكل متواصل، فإن لها دورا في أن تشعل الحماسة في نفوسنا، لتبقي تلك الشمعة التي بين جنبينا متقدة، نعم هي قد تخفت ولكنها لا تنطفئ. ولا بد من الإشارة إلى أن بعض الكتب التي ألفها كتاب غربيون هي مستوحاة من بيئتهم وطريقة نشأتهم، وليس كل ما فيها مناسبا لنا؛ لأنها تحتوي على الغث والسمين. وهناك بعض من الكتّاب يحاولون جاهدين رفع المعنويات وقد يستشهد البعض منهم بكثرة من كتبهم الدينية. فعلى سيبل المثال كتاب(the power of positive thinking) والذي انتشر واشتهر في حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وما زال له صدى وتأثير، فقد استشهد واقتبس بكثرة من الإنجيل. ونحن في المقابل -ولله الحمد- في غنى عن تلك الاستشهادات والاقتباسات؛ لأننا نملك خير كتاب بلا منازع ولا منافس، وهو القرآن الكريم الذي يستطيع أن يرفع معنويات ونفسيات عاليا محلقين حتى نلامس السحاب، وكفى به دليلا وهاديا ومنيرا. ومن الضروري أيضا أن نتنبه إلى أن كتب تطوير الذات ليست طبيبا نفسيا لحل المشاكل الطبية المزمنة، بل هي وجهات نظر الآخرين وتجاربهم. ولذلك لا بد من التعامل معها أنها خطوط عريضة وإرشادات عامة للتخفيف من القلق وضغوط الحياة. كذلك فيها نصائح لمعرفة طرق التحفيز والتطوير. ومنها ما يوضح أساليب كتابة التخطيط وصناعة الأهداف. ومنها ما يذكرنا بقصص الناجحين المثابرين في الحياة؛ لنستلهم منهم لا لنصبح نسخا مكررة!! إن كل فرد منا خلقه الله بموهبة كامنة في داخله، ومهمتنا هي اكتشاف تلك الموهبة؛ لتضيء لأنفسنا وللآخرين دروبهم كما فعل من كان قبلنا. وأخيرا.. نحن نملك كامل الاختيار أن نقرأ ونُميّز؛ لنرتقي ونتقدم، أو نبقى واقفين مشككين ومتشائمين بينما القافلة تسير!

مشاركة :