العواصم - الوكالات: استعانت السلطات الإيرانية بخيّالة الشرطة للسيطرة على الاحتجاجات التي اندلعت قبل أكثر من سبعة أسابيع إثر وفاة مهسا أميني بينما كانت محتجزة لدى شرطة الأخلاق، بحسب تسجيلات مصوّرة انتشرت على الإنترنت. وتهزّ حركة احتجاجية إيران منذ توفيت أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر، بعد ثلاثة أيام على توقيفها. وقادت النساء التظاهرات إذ خلعن وحرقن حجابهن بينما رددن شعارات مناهضة للنظام وواجهن القوى الأمنية في الشوارع رغم حملة القمع التي أودت بالعشرات. وفي خطوة نادرة من نوعها، نشرت السلطات مجموعة من عناصر الشرطة على متن أحصنة في شوارع طهران لإخماد الاحتجاجات، وفق تسجيل نشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتحققت فرانس برس من صحته. وشوهدت وحدة خاصة ضمن دورية تقف أمام صف من الأعلام الوطنية الإيرانية على طريق رئيسي في حي صادقية الواقع في شمال غرب طهران. وتضم قوة خيالة الشرطة المعروفة بـ«أسواران» خيولا تركمانية وعربية. وسبق أن شوهدت وحدة الفرسان في شوارع العاصمة الإيرانية في الماضي، وخصوصا خلال مراسم استعراضية، لكن نشرها أثناء تظاهرات يعدّ أمرا غير مألوف. واتبعت السلطات الإيرانية تكتيكات عدة للسيطرة على الاحتجاجات التي يعتبرها المسؤولون «أعمال شغب». وأطلقت قوات الأمن النار مباشرة على المحتجين مستخدمة الذخيرة الحية والخرطوش والغاز المسيل للدموع وحتى كرات الطلاء. كما فرضت الحكومة قيودا على الإنترنت شملت منع الوصول إلى «إنستجرام» و«واتسآب»، بينما نفّذت حملة اعتقالات واسعة. وقالت السلطة القضائية في إيران أمس إن المحاكم ستتعامل بحزم مع من يتسبب في اضطرابات أو يرتكب جرائم خلال موجة الاحتجاجات مما يشير الى أن السلطات تعتزم إصدار أحكام قاسية على المتظاهرين الذين ستتم إدانتهم. وقال مسعود ستايشي المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية: «الآن يطالب أبناء الشعب حتى المحتجين الذين لا يدعمون الشغب السلطة القضائية والأجهزة الأمنية بالتعامل بأسلوب حازم ورادع وقانوني مع القلة التي تثير الاضطرابات». وحث أعضاء البرلمان الايراني المتشددون السلطة القضائية على «التعامل بحسم» مع الجناة. وتساءل ستايشي: «الى متى يمكننا تحمل هذا..». وتم توجيه اتهامات إلى أكثر من ألف شخص في إقليم طهران وحده على صلة بما تصفه الحكومة بأنه «شغب». وأوضح ستايشي أن صحفيتين إيرانيتين تواجهان اتهامات بالتآمر على الأمن القومي والدعاية ضد الدولة، مضيفا أنهما محتجزتان بموجب مذكرة توقيف مؤقتة وأن قضيتهما توشك على الانتهاء، من بينهما الصحفية نيلوفر حميدي من صحيفة شرق الداعمة للإصلاح والتي كانت أول من لفت أنظار العالم الى أن شيئا ما يحدث بشأن أميني عندما نشرت صورة لوالديها وهما يتعانقان في أحد مستشفيات طهران. أما الصحفية الثانية فهي الهه محمدي التي غطت جنازة أميني في مسقط رأسها مدينة سقز الكردية حيث انطلقت الاحتجاجات. وطالب نحو 300 صحفي ايراني الشهر الماضي بالإفراج عنهما. وذكرت «منظمة حقوق الإنسان في إيران» ومقرها النرويج أن قوات الأمن قتلت 186 شخصا على الأقل في الحملة الأمنية التي استهدفت الاحتجاجات الأخيرة. وقتل 118 شخصا في تظاهرات منفصلة اندلعت منذ 30 سبتمبر في سيستان-بلوشستان، وهي محافظة يقطنها السنة على وجه الخصوص تقع عند الحدود الجنوبية الشرقية بين إيران وباكستان. مع ذلك صب طلاب من جامعة العلوم والثقافة في طهران جام غضبهم أمس على قوات الحرس الثوري والحكام من رجال الدين. ونشر حساب على تويتر يركز على الاضطرابات ويضم 330 ألف متابع تغريدة تقول: «سيسقط ضحايا من الحرس الثوري هذا العام.. فليسقط النظام بأكمله». ويشارك أفراد من مختلف الفئات في الاحتجاجات التي تخرج في أنحاء البلاد والتي يلعب الطلاب والنساء دورا بارزا فيها. كما أيد العديد من الرياضيين والفنانين الاحتجاجات. وأمس انتقدت وزارة الرياضة الإيرانية مشاركة رياضيّة في مسابقة خارجية للتزحلق بالعجلات من دون وضع الحجاب، مؤكدة أنها لم تكن تمثّل إيران بشكل رسمي. وأفادت وزارة الرياضة بأن «نيلوفر مرداني شاركت بلا إذن في مسابقة للتزحلق بالعجلات على حلبة في تركيا»، وفق ما أوردت وكالة «فارس» للأنباء. وأضافت أن «هذه الرياضية لم تكن ترتدي الزي الخاضع لموافقة الوزارة»، وهي شاركت في المسابقة «بشكل شخصي». وشددت على أن مرداني «لم تعد جزءا من المنتخب الوطني» لهذه الرياضة منذ الشهر الماضي، وأن المنتخب الإيراني لم يشارك أساسا في المسابقة. وتوجت مرداني في فئتها خلال المسابقة التي أقيمت في مدينة اسطنبول. ووفق وسائل إعلام محلية، رفعت الكأس في السادس من نوفمبر على المنصة من دون أن تضع حجابا على رأسها، وارتدت قميصا قطنيا أسود اللون كتب عليه «إيران» بالأبيض. وكانت المتسلّقة الإيرانية إلناز ركابي شاركت في مسابقة آسيوية في أكتوبر من دون حجاب، بل اكتفت في المنافسات النهائية بوضع عصابة على الرأس، في خطوة فسّرت على أنها تأييد للاحتجاجات التي أعقبت وفاة أميني. ولقيت ركابي استقبالا ترحيبيا لدى عودتها الى طهران من قبل عشرات تجمعوا خارج مبنى المطار لتحيّتها.
مشاركة :