تعتبر زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لمملكة البحرين زيارة تاريخية وهي الأولى من نوعها لتؤصر روابط الإخاء الإسلامي المسيحي بمشاركة أكثر من عشرين ألف سائح. حيث غدت مملكة البحرين وديعة وهادئة كحمامة سلام في قلب الخليج العربي ملوحة بأغصان الزيتون والأعلام الصفراء التي عانقت علم المملكة بلونه الأحمر الزاهي. وجاءت زيارة البابا فرنسيس للمشاركة ضمن فعاليات «منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، تلبية لدعوة من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة ومثالاً للإخاء الإسلامي المسيحي. لهذه الزيارة آثار إيجابية على العديد من المحاور والأصعدة ومن أهمها قطاع السياحة في مملكة البحرين والذي يشهد نقلة نوعية منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2022-2026 والتي ركزت على أربع أهداف رئيسة ومنها إبراز مكانة البحرين كمركز سياحي عالمي وتنويع المنتج السياحي. تعتبر زيارة البابا فرنسيس واحدة من أهم الوسائل والسبل التي ستعمل على إبراز مكانة البحرين على خارطة العالم السياحية والتي يقصد بها المقاصد السياحية التي تجذب أكبر عدد من السياح بسبب توفر وتنوع مناطق الجذب السياحي: الطبيعي وغير الطبيعي. وستضيف هذه الزيارة الترويج لواحدة من أهم أنواع السياحة العالمية وهي السياحة الدينية وتُعرف أيضًا باسم السياحة المقدسة. وهي واحدة من أقدم أشكال السياحة وتُعرّف بأنها السفر لأغراض دينية أو روحية، مثل الحج وزيارة الأماكن المقدسة. تعتبر السياحة الدينية من أكثر أنواع السياحة التي تدر دخلا على المقاصد السياحية ومنها سياحة الحجيج والعمرة الى مكة المكرمة والمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، والسياحة الدينية المسيحية الى الفاتيكان في روما والتي تعتبر رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم المسيحي الغربي، وكذلك الحج المسيحي الى المغطس عمَاد السيد المسيح عليه السلام في الأردن. تشير إحصائيات منظمة السياحة العالمية لعام 2017 الى أن عدد الرحلات الدينية حول العالم بلغ 600 مليون رحلة داخلية ودولية وبلغ عدد السياح الذين يسافرون بهدف ديني ما بين 300-330 مليون سائح. بلغ عدد المشاركين في الاحتفالية الدينية لقداس يوم السبت الموافق 5/11/2022 ما يقارب العشرين ألف مشارك من المواطنين والمقيمين في مملكة البحرين ودول الخليج العربي (السعودية، الامارات، الكويت، قطر، وعُمان)، إضافة الى جنسيات اخرى. وفي حساب المضاعف السياحي فإن الأثر الاقتصادي للمشاركين في الاحتفالية الدينية لم يشمل خدمات النقل فقط، بل امتد الى خدمات الإيواء وخدمات الطعام والشراب وزيارة المواقع السياحية والأثرية وغيرها. وصول المقصد السياحي البحريني إلى خارطة العالم السياحية له آثار ايجابية اقتصادية على الدخل القومي وإنعاش حركة السوق التجاري في المملكة. هذا يتم من خلال استغلال المناسبات والأحداث العالمية التي تجذب أعدادا كبيرة من السياح والذين بدورهم يقومون بشراء المنتجات في المملكة واستخدام التسهيلات والخدمات السياحية من فنادق وإرشاد وزيارات لأماكن مختلفة كالمتاحف والقلاع التاريخية والشواطئ وغيرها من مناطق الجذب السياحي في مملكة البحرين. سياحة الأحداث والمناسبات هي أيضاً من أنواع السياحات المهمة والواعدة والتي تهدف إلى جذب السياح ذوي الدخل المرتفع والذين عادة يسافرون لأهداف تتعلق بالعمل والاستثمار أو الاحداث الكبرى. تعتبر هذه الزيارة من الأحداث المهمة في علم السياحة وتنظيم هذه الاحتفالية بهذه الضخامة في مملكة البحرين مؤشر هام على قدرات المملكة الإدارية والتنظيمية والسياحية والأمنية على محاكاة هذه الفعالية بفعاليات أكبر وفئات مختلفة ثقافية وفنية أُقيمت وتقام الآن على أرض مملكة البحرين. سياحة الاحداث والمناسبات تنطوي تحت ركيزة سياحة الأعمال في الاستراتيجية الوطنية البحرينية للسياحة، والتي تعتبر أيضا من الروافد الهامة للإقتصاد في مملكة البحرين. أخيراً وليس آخراً، كان للحدث الدور الأهم والأبرز إعلامياً في ترويج مملكة البحرين سياحيا وعلى المستوى الإقليمي والعالمي. فقد تصدّر الخبر محطات التلفزة والإذاعات العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي وجهت أنظار العالم ككل الى مملكة البحرين كجزيرة سلام ومحبة ومقصد آمن لكل السياح بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. سيرسخ في ذهن المشاهدين والمراقبين أينما كانوا في دول العالم صورة ذهنية إيجابية عن مملكة البحرين وعن واقع التسامح الديني الذي تعيشه المملكة بتنوع المقيمين فيها وبتعدد دياناتهم وأعراقهم. الصورة الذهنية هي عنصر أساسي لجذب السياح. تستند هذه الصورة إلى تصورات الأفراد عن المقصد السياحي، والتي تحدد سلوكهم السياحي، وبالتالي اختيارهم للمقصد السياحي. { أستاذ مساعد في إدارة السياحة والضيافة، قسم الإعلام والسياحة والفنون/ جامعة البحرين
مشاركة :