بحث مسؤول عسكري روسي رفيع، اليوم في الجزائر، في سبل التعاون مع مسؤوليها في ميدان التسليح، والتنسيق لمواجهة تحديات الأمن وتهديدات الإرهاب في دول المنطقة، التي تشهد توترات متزايدة، وخصوصاً ليبيا ومالي. وجاءت هذه الزيارة قبل أيام من انطلاق مناورات عسكرية بين الجيشين الروسي والجزائري، منتصف الشهر الحالي، اعتُبرت «الأضخم» منذ سنوات. وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان اليوم أن رئيس أركان الجيش، الفريق أول سعيد شنقريحة، استقبل في مقر القيادة العسكرية مدير «القسم الفيدرالي للتعاون العسكري والفني لفيدرالية روسيا» ديمتري شوغاييف إيفغينيفيتش. وحضر اللقاء ضباط ألوية وعمداء من وزارة الدفاع وأركان الجيش الوطني، وسفير فيدرالية روسيا لدى الجزائر، فاليريان شوفيف، حسب البيان ذاته، الذي لم يذكر شيئاً عن فحوى المحادثات. ويرجح متتبعون أن زيارة المسؤول العسكري الروسي مرتبطة بالمناورات العسكرية الكبيرة، المرتقبة منتصف الشهر الحالي، بمنطقة بشار قرب الحدود مع المغرب (جنوب غربي). ويطلق على العمليات المنتظرة «درع الصحراء 2022»، وستشارك فيها وحدات البنادق الآلية الروسية المتمركزة في شمال القوقاز، ونحو 80 عسكرياً جزائرياً، حسبما أعلنته «الخدمة الصحفية للمنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا»، في الثامن من أغسطس (آب) الماضي، والتي أكدت أن التمارين المقررة «ستحاكي معارك ضد جماعات إرهابية والكشف عن مخابئها، والقضاء عليها في مناطق صحراوية». وكانت مصادر مهتمة بالشراكة العسكرية الجزائرية - الروسية الطويلة أكدت لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن مشروع إجراء مناورات في بشار، نوقشت أهدافه وخطوطه العريضة خلال زيارة ديمتري شوغاييف إلى الجزائر في مارس (آذار) الماضي، واجتماعه بشنقريحة وعدد من أطر وزارة الدفاع. وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذه المناورات لا تخلو من دلالات سياسية قياساً إلى مكان إجرائها، وذلك في ظل التوتر الحاد بين الجزائر والمغرب، الذي تعاظم منذ قطع العلاقات بينهما صيف العام الماضي. كما أن التنافس على التسلح بين البلدين في المنطقة، ومساعيهما لتكثيف التعاون العسكري بين القوى الكبرى في العالم، شهد مستويات لافتة في السنين الأخيرة. لكن يوجد إجماع داخل الأوساط السياسية والإعلامية بالمنطقة على أن احتمال وقوع مواجهة بين البلدين المغاربيين مستبعد. يشار إلى أن موازنة الجيش الجزائري حُددت بـ22 مليار دولار ضمن المخصصات القطاعية لقانون المالية 2023، وهي الأضخم على الإطلاق، علماً بأنها كانت في حدود 7.5 مليار دولار في 2022. كما تحتل صفقات السلاح مع روسيا، جانباً مهماً في الموازنة الجديدة. وتلقت الجزائر، باستياء بالغ، تهديداً غير مباشر لها من طرف وزير خارجية إسرائيل، يائير لابيد، عندما زار المغرب في 12 أغسطس 2021، وإطلاقه تصريحات عدت «مستفزة»، إذ قال: «نحن نتشارك مع بعض القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة، التي باتت أكثر قرباً من إيران، وهي تقوم حالياً بشن حملة ضد قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي بصفة مراقب». وكان شنقريحة قد زار روسيا في يونيو (حزيران) 2020، حيث التقى كبار مساعدي وزير دفاع فيدرالية روسيا، سيرغي شويغو، وبحث معهم «سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين جيشي البلدين، وتطوير العمل العسكري المشترك، من خلال تبادل الخبرات والتجارب، وقد ثمن الطرفان التعاون القائم بين الجيشين الجزائري والروسي، نظراً لأهميته البالغة»، حسبما ذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية يومها. ووفق اختصاصيين في القضايا الاستراتيجية، باتت الجزائر حلقة رئيسية في سياسة روسيا، المغاربية والأفريقية، ليس فقط نتيجة للاعتبارات الآيديولوجية القديمة التي تميز العلاقات الجزائرية - الروسية منذ استقلال الجزائر، بل الأمر يتعدى ذلك، بحسبهم، إلى العمل أيضاً على تطوير المصالح الاقتصادية، بالتركيز على ثلاثة قطاعات رئيسية هي الطاقة (النفط والغاز)، والتعاون الفني في المجالات الصناعية والتنموية، إضافة إلى التعاون العسكري.
مشاركة :