يتعامل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع «الإطار التنسيقي»، بطريقة مركبة؛ إذ يحتاج هو إلى ظهير سياسي يدافع عن حكومته في البرلمان العراقي، في حين يحرص «الإطار» نفسه على احتكار «النجاح» الذي قد يحققه خلال الشهور الأولى من ولايته. والتقى السوداني، أول من أمس (السبت)، مجموعة من الصحافيين والمراقبين السياسيين، لاستعراض برنامجه وأهداف حكومته، وغلبت على الحضور مجموعات معروفة بدفاعها عن سياسة «الإطار التنسيقي»، وانخرطت كثيراً في مهاجمة حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي. وعموماً، يحظى السوداني بدعم سياسي، وسط حالة من الهدوء في الرأي العام إزاء أدائه الحكومي، في حين يقول مقربون منه، إن الرجل «منظم جداً، ويحرص على أن تقترن إجراءاته بنصوص قانونية، ومظلة دستورية»، وفقاً لما ذكره مستشار سياسي مقرب من القصر الحكومي، لكن من الواضح أن قوى «الإطار التنسيقي» تراقب بحذر خطوات السوداني. صحيح أن الدافع المعلن من هذه المراقبة هو تأمين الدعم اللازم للحكومة، غير أن الأحزاب النافذة في هذا التحالف السياسي حريصة على احتكار أي تقدم تحرزه الحكومة، في ظل رغبة متحكمة بها تتعلق بترميم «البيت الشيعي» المتضرر سياسياً منذ عام 2019، إلى جانب منع السوداني من أن يتحول إلى «أيقونة» سياسية تحظى بدعم شعبي، قبل أي انتخابات جديدة. ولهذا، كما يبدو من تركيز المعلقين السياسيين، تركزت تعليقات الرأي العام على الكابينة التي شكلها السوداني، بوصفها «حكومة الإطار». وفي هذا السياق، نقل الصحافي مازن الزيدي، وهو أحد الذين حضروا الاجتماع مع السوداني، أن الأخير أكد «ارتباطه بشكل قانوني مع (الإطار التنسيقي)»، مشيراً إلى أن الطرفين لديهم «التزامات متبادلة، وليست تنازلات سرية»، لكن البيان الرسمي الذي أصدره السوداني عقب لقائه الصحافيين والمراقبين السياسيين، لم يتضمن أي إشارة إلى انتمائه السياسي ولا ارتباطه بقوى «الإطار التنسيقي». ومن جملة محاور مختلفة في البيان، غالبيتها عن البرنامج الحكومي، أكد السوداني أن توقيت مقتل المواطن الأميركي ستيفن ترول، مقصود، ويقف خلفه من يسعى لاختبار الحكومة، وقال: «لدينا من الخيوط ما يوصلنا إلى الجناة، وأتابع شخصياً سير التحقيقات»، في حين استغرق كثيراً في حديثه عن الإحباط من «التركة الثقيلة» التي تركتها الحكومة السابقة. ويبدو أن تحديد تبعية الحكومة بـ«الإطار التنسيقي»، يتعلق بكواليس تكليف السوداني، ومفاوضات تشكيل الحكومة؛ إذ لم يكن رئيس الوزراء الخيار الأول بالنسبة لعدد من قادة الأحزاب الشيعية، إلى جانب أن ما سُرب حينها من معلومات كان يشير إلى أن السوداني سيتحول قريباً إلى أبرز خصوم المالكي، وهذا الأخير متحمس للاستحواذ على النفوذ داخل مؤسسات الدولة. وقال قيادي في «الإطار التنسيقي»، إن السوداني تعرض إلى ضغوط كبيرة من «الإطار التنسيقي» منذ مفاوضات توزيع الحقائب، وحملة تدوير وتغيير وإقالة المسؤولين التنفيذيين، لكن «الرجل تمكن من خلق توازنات خاصة به، هي نفسها منحت (الإطار التنسيقي) إشارات بأنهم يتعاملون مع رئيس وزراء لديه خط لا ينسجم تماماً مع (الإطار)».
مشاركة :