لبنان: احتجاجات وإقفال طرق رفضًا لإخلاء سبيل سماحة

  • 1/16/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

توسعت حركة الاحتجاجات في مختلف المناطق اللبنانية يوم أمس الجمعة رفضا لقرار القضاء العسكري إخلاء سبيل النائب والوزير السابق ميشال سماحة المتهم بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان والتخطيط للقيام بأعمال إرهابية. وواصل شبان غاضبون قطع عدد من الطرقات، فيما نفذ آخرون وقفات احتجاجية واعتصامات كان أبرزها مساء في منطقة الأشرفية ببيروت قرب منزل سماحة، ومن جهة ثانية، بدأ عدد من السجناء إضرابا عن الطعام وطالبوا بمعاملتهم مثل الوزير السابق الذي أفرجت عنه محكمة التمييز العسكرية الخميس. ففي بيروت واصل عدد من الشبان منذ ليل الخميس قطع عدد من الطرق في العاصمة بيروت احتجاجا على تخلية سبيل سماحة. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن شبانا غاضبين قاموا بقطع الطريق في منطقة الكولا في بيروت بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات، مضيفة أن آخرين قطعوا طريق قصقص بالاتجاهين. ورُفع في منطقة الأشرفية، حيث يسكن سماحة حاليا، عدد من اللافتات الاحتجاجية التي كُتب عليها «ويل لأمة لا تحكم بالعدل»، «العار ثم العار لهكذا محاكمة تبرّئ مجرم»، و«منطقة الأشرفية ترفض استقبال مجرمين». ولقد استدعت التحركات الشعبية والاحتجاجات السياسية، طلب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام من المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، بصفته نائبا لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، استيضاحات حول طبيعة القرار الذي صدر عن محكمة التمييز العسكرية القاضي بتخلية سبيل سماحة. وحثّ سلام رئاسة مجلس القضاء الأعلى على «القيام بما يلزم لتسريع المحاكمة الجارية أمام محكمة التمييز العسكرية تمهيدا لإصدار حكمها النهائي في هذه الدعوى، إحقاقا للحق أولا ونظرا لأهمية الملف وحساسيته باعتباره يتعلق بقضية تمس الأمن القومي لبلد خاض وما زال يخوض معركة مع إرهاب متعدد الأشكال يستهدف استقراره ونسيجه الاجتماعي ووجهه الديمقراطي». وأكد سلام أنه «بقدر ما يتمسك بمبدأ فصل السلطات الذي نص عليه الدستور اللبناني، يتطلع دائما مثل جميع اللبنانيين إلى سلطة قضائية لا تنحني إلا لقوة الحق ولا تعمل إلا لخدمة العدالة ولا تسخر القانون إلا لحماية الفرد والمجتمع». وفي هذه الأثناء، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية أمس «أن عددا من السجناء الإسلاميين بدأوا منذ منتصف ليل الخميس، إضرابا عن الطعام والماء والدواء، احتجاجا على الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بإخلاء سبيل سماحة»، لافتة إلى أن المضربين عن الطعام في السجن أقفلوا غرفة الطعام وأبواب زنزاناتهم احتجاجا في وقت اتخذت القوى الأمنية الاحتياطات كافة، ووضعت سيارات الإسعاف في حالة تأهب. كذلك قطع عدد من النسوة من أهالي ما يُعرف باسم «الموقوفين الإسلاميين»، الطريق أمام سراي مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، احتجاجا على إطلاق سراح سماحة، وطالبن بـ«محاكمة أبنائهن الذين مر على توقيفهم عشرات السنوات من دون محاكمة وهم لم يرتكبوا جرما مقارنة بجرم سماحة». هذا، وفي حين وصف الخبير القانوني الدكتور حسن الرفاعي، وهو نائب ووزير سابق، قرار المحكمة إخلاء سبيل سماحة بـ«الفضيحة»، فإنه شدد على وجوب إعادة المحكمة العسكرية إلى صلاحياتها الضيقة السابقة ما يعني اهتمامها فقط بالقضايا المتعلقة بأفراد الجيش وقوى الأمن. وقال الرفاعي لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تم توسيع صلاحياتها في العام 1962، علما بأن محاكم استثنائية كهذه ليست موجودة إلا في بلدان ذات نظام ديكتاتوري أو شمولي، وبالتالي هي لا تتماشى مع النظام اللبناني». وأوضح أن في أدراج مجلس النواب مشروع قانون لتقليص صلاحيات المحكمة العسكرية، معتبرا أنه «ينبغي على النواب الضغط على رئيس المجلس نبيه بري للمسارعة بطرحه على التصويت وإقراره، خاصة أن الانتقادات لأداء وأحكام (العسكرية) لا تقتصر على فريق سياسي دون آخر بل على كل الفرقاء دون استثناء، باعتبار أنه كان هناك حملة انتقاد كبيرة للمحكمة في وقت سابق على خلفية أحكام مخففة لمتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل». من جانب آخر، لفت بالأمس ما أدلى به المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد الذي بينت التحقيقات والتسجيلات أنّه كان يرافق سماحة في رحلة نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان من دون علمه بوجودها في السيارة، إذ قال في بيان: «تعاطفت مع عائلة سماحة في محنتها حتى الإفراج عنه، كونه ليس من الأخلاق التخلي عنهم في ساعة الشدة... اليوم اكتمل الواجب الأخلاقي لكن ميشال سماحة خان ثقتي وأخطأ بحقي حين رافقني من دمشق وهو يعلم ما كان يخفيه في سيارته، من اليوم وصاعدا كل في طريقه، انتهينا». وسياسيا، استمرت المواقف الاحتجاجية لقوى 14 آذار من إخلاء سبيل سماحة، في وقت التزمت قوى 8 آذار الحليفة للنظام السوري الصمت. واعتبر النائب في تيار «المستقبل» عقاب صقر أن «الحكم العار الذي أصدرته ما تسمى بهيئة المحكمة العسكرية، مثّل المشهد الأخير في مسلسل اغتيال العدالة والدولة في لبنان». وأضاف في بيان: «البكاء على أطلال منازل العملاء والإرهابيين لم يعد ينفع، المطلوب اليوم التوجه لإقفال وكر من أوكار تشريع الإرهاب والعمالة والازدواجية لمرة أخيرة ونهائية. فلا مكان لهذه المحكمة بشكلها الحالي». كذلك قال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي - غير المحسوب على 14 آذار - بأنه «بعيدا عن مشاعر الغضب والاستنكار التي أججها إخلاء سبيل ميشال سماحة، فإن ما حصل أصاب في الصميم نزاهة القضاء اللبناني ومفهوم العدالة والمساواة بين اللبنانيين أمام القانون والقضاء»، مشددا على أن «ما حصل يجب أن يشكل حافزا للضغط على كل المستويات لإنهاء الملفات القضائية العالقة وإحقاق الحق وتسريع المحاكمات في القضايا المتراكمة منذ سنوات». وسأل النائب في تيار «المستقبل» عاطف مجدلاني «ماذا بقي من كيان الدولة وهيبتها وصدقيتها، بعد صدور قرار الإفراج عن مجرم نقل المتفجرات في سيارته من سوريا، وحاول توزيعها على من يلزم في لبنان، وأعطى توجيهاته بناء على أوامر أسياده، بهدف تنفيذ تفجيرات شبه عشوائية هدفها الأول قتل الأبرياء، وزرع الفتنة الداخلية لإشعال القتال بين اللبنانيين؟» واعتبر أن «أخطر ما في عملية إطلاق سماحة من السجن، أنها قضت على آمال اللبنانيين في إمكانية بناء دولة، وأجهضت أحلامهم بمستقبل أفضل». أما عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب شانت جنجنيان فاعتبر أنه «آن الأوان لإعادة النظر بالمحكمة العسكرية كضابطة عدلية وناظرة في الجرائم العادية». وقال: «مبروك سلفا الأمان لمن سيقف من الإرهابيين أمام قوس المحكمة العسكرية، حيث إخلاء سبيلهم مؤكد وبراءتهم مؤمنة في ظل التوجيهات التي تمليها تركة الوصاية السورية على الضباط القضاة».

مشاركة :