الحوثيون من الداخل.. فرز عنصري وإرهاصات تصدع وشيك

  • 1/17/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

صنعاء الخليج: تنفرد جماعة الحوثي بتركيبة داخلية لا تقل تطرفاً عن توجهات وممارسات الجماعة ذاتها، التي أصبح اسمها مقترناً لدى معظم اليمنيين بالعنف الطائفي المرتكز على ترسبات أيدلوجية منحرفة، تعتقد بأحقيتها في الاستحواذ على السلطة لاعتبارات ذات طابع عرقي وعنصري. يتصدر الصف الأول في السلم القيادي للجماعة مقام السيد الذي يحتكره ومنذ نهاية عام 2004 عبد الملك الحوثي كخليفة لشقيقه الأكبر مؤسس الجماعة حسين الحوثي الذي قُتل في 10 سبتمبر/أيلول من عام 2004، فيما تحتل نخبة محدودة من القيادات، الذين كانوا يمثلون الدائرة الضيقة المحيطة بالأخير مرتبة متقدمة في التصنيف الداخلي للجماعة ومن هؤلاء القائد الميداني الأول لمقاتلي الجماعة أبو علي الحاكم المطلوب دولياً ويوسف المداني أحد أبرز القيادات الميدانية والشيخ صالح هبرة الرئيس السابق لما يسمى بالمجلس السياسي التابع للجماعة. واعتبر الناشط السياسي ورئيس موقع صعدة أونلاين صالح الحكمي الذي نزح وأسرته من صعدة عقب تهديدات الحوثيين بتفجير منزله في حديث لالخليج، أن التركيبة الداخلية لجماعة الحوثي تتسم بتوصيفات متفاوتة لأشخاص القيادات، ترتكز على عملية فرز بطابع عنصري وفئوي، مشيراً إلى أن كافة الصف الأول في السلم القيادي للجماعة يتمثل في المقاتلين القدامى الذين ساندوا زعيم ومؤسس جماعة الحوثي بدر الدين الحوثي وهؤلاء يحظون بامتيازات وتقدير اعتباري داخل الجماعة، يليهم القيادات المنحدرة من عائلات هاشمية الذين يتم اختيار القيادات الميدانية لمقاتلي الجماعة من صفوفهم وبحسب مستويات الولاء الشخصي والتعصب الأيدلوجي لفكر وتوجهات الجماعة. وأكد الحكمي أن التمييز المرتكز على معايير طائفية وعنصرية وعرقية لا يشمل كسلوك تنتهجه قيادة جماعة الحوثي على الشريحة المصنفة بالمقاتلين ومعظمهم من أبناء القبائل الموالية لها، وإنما طال النخب المصنفة كقيادات في الصف الأول، مستشهداً بإقصاء الحوثي لقيادات وشخصيات أسهمت بدور فاعل في دعم وتعزيز الحضور العسكري والسياسي للجماعة خلال السنوات الماضية من قبيل رئيس المجلس السياسي السابق صالح هبرة الذي توارى عن المشهد القيادي في الجماعة، وسط معلومات عن احتجازه بتوجيهات مباشرة من زعيم الجماعة، منوهاً إلى أن هناك جناحاً داخل التركيبة القيادية بشكلها الراهن لجماعة الحوثي يرتبط بعلاقات متشعبة ومتداخلة مع المخلوع علي عبد الله صالح من أمثال أبو علي الحاكم وصالح هبرة وعلي البخيتي، وجناح آخر، على النقيض، يتزعم التوجهات المناهضة للتحالف مع صالح ومن أبرز قياداته عبد الخالق الحوثي شقيق زعيم الجماعة وعبد السلام فليته الناطق الرسمي ومحمد العزي مدير مكتب الحوثي وضيف الله الشامي الرئيس المعين من الحوثيين في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) التي سطا عليها المتمردون. من جهته، اعتبر الباحث اليمني المتخصص في دراسة ظاهرة الجماعات المتطرفة في اليمن عبد الخالق أحمد سلام في تصريح لالخليج، أن جماعة الحوثي كحركة تمرد مسلحة، تتسم بتوجهات أيدلوجية منحرفة ومتطرفة، نشأت وهي تحمل بذور نهايتها، منوهاً إلى أن تداعيات الفرز الطائفي والعنصري الداخلي والتمييز بين الأطر القيادية داخل الجماعة ذاتها خلقت حالة من الاستياء والسخط المتصاعد وهو ما سارعت قيادة الجماعة إلى محاولة احتوائه باتخاذ إجراءات وتدابير ذات طابع قسري، تمثل في إقصاء القيادات والشخصيات التي بدأت تبرز كتيار مناهض لممارسات زعيم الجماعة والمعايير المنتهجة في المفاضلة بين القيادات المؤثرة في التركيبة القيادية الداخلية لها. ولفت سلام إلى أن الانتماء لأصول هاشمية هو المعيار الأول المعتمد من قبل قيادة الجماعة في التمييز وعملية الفرز العنصري للأطر القيادية داخل الجماعة ويحدد هذا المعيار طبيعة الحصانة والامتيازات الاعتبارية التي تنفرد بالحصول عليها هذه الشريحة من المكونات الممثلة للجماعة. من ناحيته، أكد الأكاديمي اليمني المتخصص في دراسة تعقيدات البنية القبلية في اليمن عبد الحميد حسين السماوي لالخليج، أن تصاعد مظاهر الصراع داخل الأطر القيادية المكونة لجماعة الحوثي تمثل أحد نقاط الضعف الذي ستسهم بشكل موثوق في تقويض هذه الجماعة الإرهابية المتطرفة من الداخل، معتبراً أن الظهور الاستثنائي للحوثيين منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014، لم يكن نتاجاً لتغول حضور ونفوذ الجماعة في المجتمعات المحلية اليمنية كتيار فكري وأيدلوجي، وإنما نجم عن حاله طارئة من التحالف الانتهازي بين ما يمكن وصفه بامتياز الدولة العميقة وحركة تمرد متهالكة، تمكنت من خلال تكريس إمكانات هذه الدولة وقدرات مؤسساتها وبخاصة العسكرية والأمنية وشبكة علاقاتها المتشعبة والمزمنة مع مراكز قوى قبلية مؤثرة التي سخرها لها الرئيس المخلوع في تنفيذ مخططها التوسعي باستخدام لغة القوة وهو ما قابله فشل مماثل في الظهور كسلطة أمر واقع، تحولت وخلال سقف زمني محدود منذ 21 سبتمبر 2014 إلى واجهة مقززة لحالة فساد صارخة ضاعفت من معاناة اليمنيين وإصرارهم على التسريع بالخلاص من هذا التحالف الشيطاني الذي دمر اليمن، وتسبب في دخول البلاد في أزمة كارثية سيظل الشعب اليمني يتذكر تداعياتها بأسى لعقود قادمة.

مشاركة :