تستمر حالة الغموض بشأن طبيعة المباحثات التي أجراها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الأسبوع الماضي، مع المتمردين الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء، خصوصًا حول تحديد زمان ومكان جولة المفاوضات المقبلة بين طرفي النزاع، الحكومة اليمنية والمتمردين، وهي المسألة المتعثرة بسبب عدم التزام المتمردين بتنفيذ بنود «إجراءات بناء الثقة» المتفق عليها في المفاوضات السابقة في «جنيف2»، والمتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز. واتهم مصدر رفيع في الحكومة اليمنية المتمردين الحوثيين بالنكث بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في «جنيف 2» بخصوص القضايا الإنسانية والمتمثل في إطلاق المعتقلين ورفع الحصار، وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يتم التقدم خطوة واحدة في أي مفاوضات، إلا بعد تنفيذ الخطوات التي تعيد بناء الثقة»، وأضاف المصدر: «الحوثيون لم يلتزموا بتنفيذ تلك المطالب، رغم أنها ليست فقط مطالب الحكومة الشرعية، بل هي شروط القرار الأممي 2216». وأقر المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ بأن الجولة الماضية من مباحثات «جنيف2» بين وفد الحكومة اليمنية مع الانقلابيين لفها التسرع، ونتج عنها بعض الأخطاء، مضيفًا أنه يريد أن يتفادى هذه الأخطاء في الجولة المقبلة التي لم يتحدد موعدها بعد. وأكد: «لا نريد أن نتسرع في الجولة المقبلة.. قد تسرعنا في الجولة الماضية، مما أدى إلى بعض الأخطاء، ونريد أن نحضر لجولة جديدة بطريقة مغايرة». وكان ولد الشيخ أجرى مباحثات في صنعاء، ولمدة 5 أيام، مع المتمردين الحوثيين وخرج، في ختام الزيارة، بإعلان عن إفراج المتمردين على إطلاق سراح عدد من المعتقلين، أبرزهم وزير التعليم الفني والتدريب المهني، عبد الرزاق الأشول، الذي ينتمي لمحافظة حجة (شمال غربي البلاد) والعضو في حزب التجمع اليمني للإصلاح، وأربعة نشطاء آخرين، إضافة إلى معلمين سعوديين. وقد أفرجت، أمس، ميليشيات الحوثيين عن الوزير الأشول و4 آخرين من القيادات في حزب الإصلاح. وزاد من غموض مهمة المبعوث الأممي إلى صنعاء ومباحثات الطويلة، عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن زمان ومكان انعقاد الجولة المقبلة من المشاورات، إضافة إلى عدم إطلاق سراح المعتقلين الرئيسيين الذين تطالب بهم الحكومة اليمنية، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس هادي، وكيل جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في محافظات عدن وأبين ولحج، واعتبر مراقبون يمنيون أن خبر الإفراج عن وزير التعليم الفني وآخرين، الذي أعلنه ولد الشيخ من مطار صنعاء، مساء الخميس الماضي، كان عبارة عن «فرقعة إعلامية تغطي فشل زيارته، وكذا الجدل الكبير الذي أثير عقب قبوله تكريمًا من المتمردين الحوثيين». كما اتهمته بعض المصادر بـ«تسويق الوهم» بالحديث عن وعود الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، في ظل نكثهم الدائم بكل الاتفاقات، حسب المصادر. إلى ذلك، تتكشف يوميًا المزيد من المعلومات بخصوص الاعتقالات التي تنفذها الميليشيات الحوثية في صفوف المعارضين لانقلابها على الشرعية والمناوئين لسياسياتها، فقد كشف المركز العربي لحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب في اليمن (آشا)، في تقرير له أمس، أن عدد القابعين في سجون الميليشيات الحوثية يتجاوز 10 آلاف معتقل، وقال المركز إن معظم المعتقلين هم الشباب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين. ومن جانبه، اتهم عبد الكريم ثعيل رئيس المجلس العام لمعتقلي الثورة الشبابية المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد بـ«التستر على اختطاف مئات من النشطاء والصحافيين اليمنيين لدى جماعات الانقلاب المتطرفة». وقال ثعيل، في بيان أمس، إنه «لا صحة لخبر الإفراج عن الصحافيين المختطفين لدى جماعات الانقلاب»، وإن «هناك المئات من النشطاء ما زالوا في غياهب سجون الانقلابيين». وفيما يتشدد الحوثيون تجاه عدد من المعتقلين، فقد أكدت عدد من المنظمات اليمنية أن الميليشيات حولت موضوع الاعتقالات إلى «سوق سوداء»، حيث يعمل سماسرة على متابعة الإفراج عن المعتقلين مقابل مبالغ خيالية، تصل إلى نحو 5 آلاف دولار عن الشخص الواحد.
مشاركة :