قال محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة في المغرب (مؤسسة دستورية مختصة في محاربة الفساد)، إنه بعد استكمال تعيين أعضاء الهيئة شرعت هذه الأخيرة في وضع برنامج عملها من أجل محاربة الرشوة ومظاهر الفساد. وأوضح الراشدي خلال استضافته في لقاء لـ«مؤسسة الفقيه التطواني» بمقرها في مدينة سلا المجاورة للرباط، أن أهم ما يميز الإطار القانوني الجديد للهيئة هو «تمكينها من التوفر على محققين مستقلين، يطلق عليهم المأمورون»، وهم أشخاص يعملون تحت سلطة رئيس الهيئة مباشرة، وظيفتهم التحقيق والتحري في ملفات الفساد، وتحرير محاضر لها القوة القانونية لعرضها على القضاء. مشيرا إلى أن هؤلاء المحققين «لهم كامل الصلاحيات في مجال التحري، من قبيل الاستماع للأشخاص، وولوج مقرات الإدارات، وإنجاز المحاضر، باستثناء الاعتقال والحجز». كما أشار الراشدي إلى أن الهيئة ستلعب دورا مهما في تحديد التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية ومحاربة الفساد، وتحديد الآليات الكفيلة بتنفيذ هذه الاستراتيجيات. لكنه حذر من أن تكلفة الفساد في المغرب تتراوح بين 5 إلى 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمملكة. وقال بهذا الخصوص إن هذا الرقم يبقى غير دقيق في غياب دراسات، مشيرا إلى أن الهيئة أطلقت دراسات وأوراشا للبحث العلمي في مجموعة من المجالات للتمكن من تعميق المعرفة الموضوعية بهذه الظاهرة، وتمظهراتها وأثرها الاقتصادي. كما أوضح بالمقابل أن الدراسات والتقارير تشير إلى تأثير سلبي للفساد في دول أفريقيا، بحيث تصل كلفته نحو 146 مليار دولار، وهو ما يشكل نحو 6 في المائة من دخلها الخام القاري. أما على المستوى العالمي فتصل كلفة الفساد 2600 مليار دولار، ما يمثل نحو 3 في المائة من الناتج الدولي. في سياق ذلك، أوضح الراشدي أن هذه الأرقام تظهر أسباب عدم قدرة العديد من الدول على الاستجابة لمتطلبات المواطنين في مجال الصحة والتعليم خاصة في القارة الأفريقية. ومع ذلك سجل الراشدي وجود نماذج لبلدان أفريقية نجحت في محاربة الفساد مثل بوتسوانا، ورواندا. كما أوضح الراشدي أن محاربة الفساد تتم من خلال الردع، ومنع الإفلات من العقاب. وخلص إلى القول إنه «حتى الذين يستفيدون من الفساد يجب إقناعهم بأن التغيير سيكون في مصلحتهم، وأن بإمكانهم تحقيق مصالحهم في إطار القانون، وبعيدا عن الفساد».
مشاركة :