يوم الرجل.. مجاملة جندرية

  • 11/20/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يوم الرجل.. مجاملة جندرية المنظمات النسوية العربية لا تتوقف عن المطالبة بالتغيير، وبناء حداثة عربية بديكور جديد ورجل جديد ومدونة جديدة. أخذ بالخاطر أكثر منه إلى احتفال حقيقي يفترض أن العالم احتفل أمس السبت باليوم العالمي للرجل. والهدف هو “تسليط الضوء على الدور الإيجابي ومساهمة الرجال في الحياة في الأرض وتعزيز المساواة بين الجنسين”. يبدو هذا الاحتفال أقرب إلى المجاملة والأخذ بالخاطر أكثر منه إلى احتفال حقيقي مثلما يحدث في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس من كل عام، وهو يوم شهير تسمع فيه الكثير من المديح للنساء واللعنات على الرجل، المتسبب لوحده في إنتاج “ثقافة ذكورية” وصياغة قوانين رجعية “تمتهن” المرأة وتستعبدها، وتقف ضد حريتها. وتحت وقع هذا التقريع التاريخي صار الرجال أكثر حرصا على الاحتفال بيوم المرأة، ويسمّيه البعض منهم عيد المرأة لإظهار السعادة والولاء، ولا يقف دورهم عند إهداء الورود وإرسال بطاقات المعايدة على مواقع التواصل الحديثة، وبصيغ جاهزة وجذابة وبألوان حمراء قانية، للاعتذار عن الخطأ التاريخي الذي اقترفه الرجل الأول، الرجل البدائي، الذي حمّلنا وزرا ليس أكبر منه وزرا وذنبا ليس منه توبة. حماس وتنافس بين الرجال في بلدان العالم الثالث على وجه الخصوص لبناء مدونات جديدة للأسرة وصياغة قوانين وفق إستراتيجية تستهدف إقناع النساء بأن رجل القرن الحادي والعشرين جاد للتكفير عن أخطاء سلفه، فقط لا يحتاج سوى لفتة كريمة تقول له أحسنت وسعيك مشكور وذنبك التاريخي مغفور، ولكن عليك بالمزيد من التضحية وشد الأحزمة في السباق نحو محو ثقافة أجداده “الذكورية”. المنظمات النسوية العربية لا تتوقف عن المطالبة بالتغيير، تغيير كل شيء يذكّرها بالماضي، وبناء حداثة عربية بديكور جديد ورجل جديد ومدونة جديدة. لكن الأمر لا يقف عند حدود الاستعراض الكلامي، سياسيا وإعلاميا، لكن لا شيء يتغير فعليا، فلا تيار النسوية جاد فعلا في إحداث التغييرات الصادمة لثقافتنا النائمة في العقول والقلوب، ولا المجتمعات تشعر بأن ثمة صوتا يريد أن يخرجها من سباتها القديم. القصة أكبر من صراع النساء والنسوية مع الرجل وثقافة أجداده الذكورية. هناك ما هو أعمق، وأكثر تعقيدا هو أن تجديد الثقافة/الحضارة لا يتم بالبيانات وروايات تيار الوعي النسوي الصارخ ضد ظلم الرجال. التجديد حراك مجتمعي متعدد الأوجه، فلا معنى لتجديد مدونة أسرة وإضافة فصول “حداثية” في حين أن الأسر العربية ما يزال أغلبها يستبطن عدالة الماضي وينافح عن حكاياته ويعتبرها مرجعية سواء ما تعلق بتعدد الزوجات أو النظر إلى المرأة من زاوية واحدة هي زاوية الجسد، تحرر المظهر أم ما يزال بمعالمه القديمة. فرصة، ونحن نجامل الرجل بعيده الجندري، كي نغوص إلى المشهد في عمقه وألا نكتفي بنظرة عابرة على سطح مضلل. مختار الدبابي كاتب وصحافي تونسي

مشاركة :