في فترة سابقة كانت شخصيات الأفلام والمسلسلات تصور من يهتم بالعلم بطريقة مختلفة عن الآخرين في الملبس والمظهر وطريقة الكلام، ربما كانت تظهره بمظهر الخجول المتردد غير الناجح اجتماعيا. لكن الفن خرج من اعتماديته على الشخصيات النمطية المؤطرة في صورة معينة، وظهرت مسلسلات وأفلام غيرت كثيرا من هذه النظرة النمطية وتجاوزتها إلى تحويل الشخصية إلى شخصية جذابة وتصوير نوعية الحياة والعمل في المعمل أو في مستشفى أو في مختبر صغير في جامعة تصويرا يجذب المتلقي. بل إن الحوارات المستخدمة في هذه المسلسلات أصبحت حوارات علمية تعتمد على معلومات صحيحة. كما أن كثيرا من البرامج الحوارية في بلاد غربية أصبح يستضيف شخصيات علمية لها تواجد إعلامي. هذه الوجوه أصبحت وجوها تسويقية لبرامج علمية توصل المعلومة بطريقة مشوقة للمتلقي. فهل نحن في زمن تسويق العلم؟ ربما، فهذه البرامج ناجحة جدا، وهذه الشخصيات التي خرجت من دائرة المختبر أو قاعة المحاضرات لتصبح شخصية إعلامية لها مساهمة جادة في الخروج بالعلم من دائرة صغيرة إلى دائرة أوسع وبطريقة جذابة جدا وسهلة. فقد تشاهد برنامجا تلفزيونيا مثلا يتحدث عن علم الحاسب وعلاقته بالمنطق الرياضي فتجد عقلك مليئا بالمعلومات وأسماء العلماء وبعض الحقائق العلمية وتاريخ تطورها، وقد تحب أن تزيد من معلوماتك فتلجأ لمحركات البحث وللكتب لتعرف أكثر. فكل الذي فعله برنامج تلفزيوني مدته نصف ساعة هو أنه حفزك للمعرفة لأن طريقة تقديم المعلومة كانت طريقة جذابة تختلف عن ما تعوده عقلك من جمود في قاعة الدرس وطريقة الإلقاء، وطريقة الأسئلة وطريقة الحفظ. كل ما فعله برنامج مثل هذا هو أنه تسلل إلى عقلك بطريقة تحفزه للمعرفة وهذا ما تحتاجه كي تعرف أكثر وتبحث أكثر وتفتش أكثر. وسائل المعرفة متعددة في هذا العصر ولم تعد مقصورة على الكتب والمراجع فقط، فقد تجد معلومة تاريخية في "تغريدة" على تويتر ومعلومة سياسية في مدونة منسية، ومعلومة بيولوجية على لسان ممثل في مسرحية، لكن واجبك دائما هو أن تفلتر المعلومات وتتحقق منها عبر الرجوع للمصدر الأصلي. أنت محاط بكم من المعلومات ومصادر ثرية لها، فهل تستفيد من ذلك أم أنك مجرد متلق ملول غير مهتم؟
مشاركة :