على مدار السنتين الأخيرتين انكشف «اللثام» عن الوجه الأسود للفساد والذي كان ورماً مستشرياً في جسد التنمية وظل معول هدم لأصول «النماء» وتعطلاً لأهداف العطاء. تقوم الجهات المعنية بجهد جبار ومتكامل في نبش الملفات وفي «مراقبة» الأموال وفي رصد «الاستغلال الوظيفي» وكشف قضايا «الرشوة « ورأينا الأعداد المهولة من موظفي قطاعات من كل الدرجات كانوا ضمن خلايا فاسدة سلبت المال العام وبددت الميزانيات وامتلات أرصدتهم بالمال واقتنوا السيارات الفارهة والقصور الفخمة. هنالك العديد من مشاهد الفساد التي كانت تتراءى أمام الجميع في سنوات مضت وفي حينها ظل الكثير من الرماد ينثر في العيون بحكم سلطة مسؤول أو سطوة قيادي فساد «الصمت» الذي أطبق «الأفواه» عن أحاديث وأحداث باتت في عصرنا الآن «مسؤولية» وطنية يتشارك فيها الجميع من أجل القضاء على شلل المفسدة وأعوانهم. هنالك جوانب أخرى تتعلق بالفساد تقتضي مصلحة «الوطن» أن توضع تحت «المجهر» فالفاسد في بادئ الأمر ومنتهاه «إنسان» ولديه نفس أمارة بالسوء وأخرى لوّامة وثالثة مطمئنة لذا فإن الجوانب النفسية تعد جانباً مهماً ينبغي «التركيز» عليه وأن يخضع لدراسات عميقة ودقيقة لنصل إلى «عمق» الشخصية وتداعيات الاتجاهات الفاسدة فيها وانعكاسات الموضوع على التنمية سواء في المسؤولين المعاصرين للمتورطين أو القادمين إلى سدة «المسؤولية» أو المتلقين والجمهور بشكل عام الذي تأثر بالفساد وعانى منه في سنوات ماضية وما ينعكس من إيجابيات «المرونة» الحكومية في التبليغ عن المفاسد المتعلقة بالجهات الحكومية والمال العام. بجب أن تكون هنالك «إستراتيجية» نفسية لدراسة جوانب الفساد وتحليل شخصية الفاسدين من أجل الوصول إلى مكامن «الدوافع» التي دفعت بالمسؤول الفاسد إلى «سرقة» مال الدولة وإلى الآخر المفسد المتورط في سلب «حقوق» المواطن وصولاً إلى بتر كل «الجذور» التي من الممكن أن تنشأ في دوائر «كامنة» فلا تزال هنالك العديد من «الخلايا» النائمة التي تحاول التعتيم على أوضاعها والتضليل في أموالها. ينبغي أن يكون هنالك متخصصون في التحليل النفسي لدراسة الجانب السلوكي في «شخصية» الفاسد وأن تعقد المؤتمرات والندوات للتركيز على هذا الجانب لحماية «مقدرات» الوطن من لصوص قادمين أو فاسدين محتملين إضافة إلى أهمية زرع الوعي في «أرضية» الأجيال القادمة حتى يكونوا في «تفاعل» حقيقي مع الحرب على «الفساد» وأن يتم تثقيف «المجتمع بأهمية الحفاظ على مال الدولة وأن يعي الجميع بأنهم جنود في كتيبة الدفاع عن ممتلكات ومقدرات الدولة حتى تتحقق أهداف الحاضر والمستقبل. بقراءة سريعة ونظرة متفحصة لأسماء الفاسدين فإن بعضهم من أصحاب الدخل العالي وآخرون أصحاب مناصب عليا ويملكون أرصدة عالية قبل نيل المنصب ونوع أخير كانوا مجموعة فاسدين من عائلة واحدة أو ورثوا الفساد من سابقيهم ممن كانوا يعملون كنواب لهم أو مساعدين الأمر الذي ينبئ بوجود «الطمع» وسيطرة «الجشع» بحثاً عن «المبالغ» المليونية التي لا تتوقف وأيضاً مسابقة «الزمن» وملاحقة «عقارب» التكليف حتى يملأ خزانته وخزائن أبنائه وأحفاده بالمال العام إضافة إلى ما تم رصده من الفساد الكبير في «الوظائف العائلية» وما تم الكشف عنه من استغلال موارد القطاعات الحكومية في جلب أموال «الصفقات» الوهمية واقتسام «كعك» المفسدة مع شركات وقطاعات خاصة إضافة إلى استغلال المنصب في إبعاد «أصحاب» الكفوف البيضاء من دوائر المسؤولية والاستعانة بالشلل المقربة الذين يسيرون مع الفاسد في ذات الاتجاه إمعاناً في التخفي والمداراة على تلك الأعمال الفاسدة. هنالك سمات نفسية أتمنى أن تدرج ضمن تخصص مستحدث وهو «علم النفس التنموي» تتعلق بقابلية الفاسد للسرقة والكذب وميوله الكبيرة لاستخدام الحيل الدفاعية كالتضليل والإعلاء والإسقاط وأيضاً احترافيته في إبراز «الجانب» المضيء ومبالغته في الظهور «الإعلامي» لكسب ثقة «الدولة» وتفننه في السيطرة على المقربين منه وشراء صمتهم وذممهم أو إيهامهم بأن ما يعمله «حق» ناهيك عن الحرص في تمرير «الخداع» و»الاحتيال» والظهور بشخصية الأمين وروح المتفاني وأيضاً العمل على الإكثار من المديح والثناء على جهات «الرقابة» أو الجهات المسؤولة عنه في سعي متواصل لكسب «الرضا» وإبعاد «الشبهات» عن محيطه العملي.
مشاركة :