يحظى التراث الإماراتي الأصيل في مهرجان الشيخ زايد، باهتمام بالغ من أهل الإمارات الذين يفخرون بموروثهم العريق وتاريخهم التليد، الذي يرسخ لدى أبناء الجيل الصاعد مقومات الهوية والأصالة العربية وسط حضور عالمي ومحلي، يعززه كبار المواطنين من خلال عروضهم الحية لأهم الحرف التقليدية، حاملين رسائل تعليمية وتثقيفية تهدف إلى صون التراث الإماراتي والاعتزاز به واستدامته ضمن معرض مفتوح يزين أرجاء المهرجان، وتصميم إبداعي، يحاكي حياة الأجداد بـ«القرية التراثية» التي تقع في قلب مهرجان الشيخ زايد، وتعرض بيئات الحضارة الإماراتية الأربع، بما فيها البحرية والصحراوية والجبلية، والزراعية، بتصاميمها المطابقة لواقع البيئات الإماراتية، من خلال ورش العمل والعروض التراثية التي تثري يومياً فكر الزائر ليعيش عبق زمان وتاريخ المنطقة. تتضمن القرية مجموعة واسعة من الحرف التي يتفاعل معها الجمهور والتي درج عليها الآباء والأجداد سابقاً، وكانت تشكل مصدر قوتهم وتعكس مهارة الحرفي الإماراتي، الذي تأقلم مع الطبيعة واستثمر خيراتها بفعل ذكائه، ويعمل هذا الفضاء على تقديم الحرف اليدوية والفلكلور والمطبخ والعادات والتقاليد، كما يضم مسرحاً كبيراً وساحة لممارسة الألعاب الشعبية، ليحظى زوار المهرجان ببرنامج يومي حافل بألوان الإبداع والترفيه والثقافة والتراث المعبر عن الإرث الحضاري للإمارات، إلى جانب لآلئ التراث والفولكلور الشعبي الإماراتي، وفعاليات ترفيهية وعائلية تقدّم إلى الجماهير من كل الجنسيات. لوحات تراثية تشكل «القرية التراثية»، بما تحتويه من صناعات وحرف تراثية ولوحات بصرية، نقطة جذب كبيرة للجمهور المتعطش لمثل هذه الفعاليات، حيث تضع بين يدي المتلقي مختلف الحرف التقليدية الأصيلة، التي تربط الماضي بالحاضر وتبرز جهود الأجداد في إبداع هذه الصناعات لتنتج أجمل ما وصلت إليه يد الصانع الإماراتي الماهر، وتعريف زوارها بثراء التراث وتجسيده أمام الأجيال عبر صور من حياة الآباء والأجداد، إضافة إلى توفير تشكيلة كبيرة من مفردات التراث المحلي والتي برعت فيها المرأة الإماراتية منذ قديم الزمان، حيث تعرض الحرفيات التابعات لمركز الصناعات بالاتحاد النسائي العام مهاراتهن وحرفهن في إطار ورش حية أمام الجمهور، خاصة الحرف المرتبطة بالبيئات الإماراتية الغنية بالأشكال والألوان على امتداد جغرافيتها، حيث تقدم كل سيدة حرفة تمهر فيها أمام الجمهور متألقة بزيها التراثي وبأناملها المخضبة بالحناء وبحليها التقليدية، كما يقدمن إطلالة على العادات والتقاليد الأصيلة، مثل تقاليد الأعراس وزهبة العروس. 40 حرفية من جانبها، قالت نورة الشامسي المشرفة على مشاركة الاتحاد النسائي العام، إنه ونظراً لغنى الحرف والصناعات التراثية تشارك أكثر من 40 حرفية من مركز الصناعات التابع للاتحاد النسائي العام، على مدار أيام المهرجان، يتناوبن على الحضور وتقديم ورشات وعروض حية أمام الجمهور المتعطش للتعلم وللاطلاع على المخزون الإماراتي من الحرف التي تقدم لمحة عن فن العيش الإماراتي في الزمن القديم، من التلي والخوص والدخون وتيزيع الملابس، والخياطة والحناء والسدو والغزل وقرض البراقع والطرابيش، وسواها من الحرف التي تعبر عن ثراء وإبداع مخيلة المرأة الإماراتية، إلى جانب «خيمة العروس» التي تشمل «زهبة العروس» وما يتخللها من عادات وتقاليد متوارثة، كما يعكسن طريقة خياطة ملابس العروس ضمن حضور جماعي لنساء الفريج، مؤكدة أن المشاركة في المهرجان فخر واعتزاز، كونه يحمل اسم الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، للتعريف بالحرف التراثية والتوعية بأهمية الحفاظ عليها واستدامتها إلى الأجيال المقبلة. أخبار ذات صلة سقوط أمطار مختلفة الشدة على المناطق الشمالية محمد بن راشد: «الوطني» يرسخ نهج الشورى في الإمارات ثوب العروس وأكدت عتيجة المحيربي، خبيرة التراث بإدارة الصناعات التراثية والحرفية في الاتحاد النسائي العام، والتي تحرص على المشاركة السنوية في هذا الحدث العالمي، والتي تعمل على خياطة «الثوب الميزع» الخاص بالعروس، أن المرأة الإماراتية أسهمت في التعامل مع البيئة والمواد الطبيعية، لخلق إبداعات ورصيد ثقافي وحضاري وإنساني للمجتمع، كما أن دعم وإحياء هذه الحرف يبرز الخصوصية الثقافية التي تميز المجتمع الإماراتي، وتعبر عن أسلوب حياة الأجداد، لافتة إلى أن أغلب النساء يتوارثن هذه الحرف عن الأمهات والجدات. أما شيخة محمد المنصوري فقالت إنها تعمل على صناعة «الطرابيش» و«العُقَم»، لافتة إلى أن هذه الصناعة تعلمتها منذ نعومة أظافرها من والدتها، وهي صناعة مستدامة ومستمرة إلى اليوم، وحرفة مكملة لعمل الخياطين، كما أنها تجيد تزيين كندورة الرجال، وهي صناعة كانت تقوم بها النساء في جماعات. غزل الصوف زُيّن رواق غزل الصوف بالعديد من الألوان والأشكال، حيث تجمعت كرات الصوف المغزول أمام الحرفية مزنة راشد المنصوري لتغزله بكل إتقان، مؤكدة أن هذه الحرفة اليدوية كانت ترتبط بتربية «الحلال» حيث أوجدت المرأة بفعل ذكائها طرقاً عدة للاستفادة منها، بداية من جز الخرفان، إلى غسل الصوف وصبغه بألوان طبيعية مستدامة، وانتهاءً بمرحلة الغزل، التي تختلف في سمكها حسب الحاجة منها. «الدكان القديم» لا تكتمل صورة «القرية التراثية» إلا بتواجد «الدكان»، الذي كان مصدر تموين وتزويد الأهالي بما يحتاجون إليه من مواد استهلاكية، مما جعل «الدكان القديم» في «القرية التراثية» يعيد مشهداً من الحياة المجتمعية في الماضي، حيث يعرض احتياجات الناس من المواد الجافة، وأهمها التوابل والسكر والحبوب والأعشاب والشاي والقهوة والألعاب والملابس والحبوب والحلويات والعصائر والدمى والبسكويت والبهارات والأعشاب، وأيضاً العطور، وغيرها من السلع والبضائع المختلفة. أكلات شعبية لمتعة الزوار، تم نقل مسابقة الأكل الشعبي إلى القرية التراثية، لإضفاء مزيد من التشويق والحماس والتفاعل، في هذا الصدد قالت عفراء الهاملي من مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، إن الجمهور يرغب دائماً في جعل مسابقة الأكلات الشعبية تفاعلية وفي ساحات مفتوحة للتعرف على الأطباق التراثية الشهية، كما تشارك المؤسسة بالعديد من الحرف التقليدية، وتدريب الأطفال والأمهات على تعلّمها، للاطلاع على كنوز الموروث الإماراتي.
مشاركة :