إقطاعيو العصر الجديد - فهد عامر الأحمدي

  • 1/18/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

يوجد في السعودية 85000 ثري يملكون في الخارج 700 مليار دولار. ومن هذه ال700 تستحوذ البنوك الأميركية على 420 مليار دولار فيما تتوزع البقية على بنوك سويسرا وأوربا والشرق الأقصى.. وهذه "السبع مئة مليار" قادرة حسب تقديري المتواضع على: بناء 14 ألف مدرسة جديدة، و2333 مستشفى كبيراً، و26 مطاراً (بحجم مطار جدة الجديد) وسبع مدن سكنية، و17 شبكة مترو، وتوفير آلاف المنازل والحدائق والورش الصغيرة (علما أنني كنت متواضعاً في كل الأرقام)! إذاً مشكلتنا ليست في وفرة المال بل في إقناعه بالعودة ومزاولة العمل (فرأس المال ليس جباناً كما يشاع، بل ذكي يفضل العيش في المناطق الآمنة والقابلة للنمو)!! والبحث عن المناطق الآمنة هو الذي يجعل الثروات الخاصة تتسرب من الدول النامية والفقيرة إلى الدول المستقرة والثرية أصلاً.. وتقدر مؤسسة ميريل لينش المالية أن المصارف الأميركية تدير لوحدها 7000 مليار دولار من الثروات العالمية الخاصة تليها المصارف اليابانية ب3400 مليار ثم الأوربية ب3100 مليار... هذا التسرب واستقطاب الثروات العالمية يذكرني بكتاب جميل يحذر من عودة العالم الى "عصر الإقطاع" السائد في العصور الوسطى.. والكتاب يدعى (ألف اقطاعي يحكمون العالم) للمفكر السويسري جان زيغلر الذي عمل لفترة طويلة كمندوب متنقل لبرامج الأمم المتحدة الإنمائية. ويركز زيغلر في كتابه على حقيقة أن ثروات العالم بدأت تتركز في أيدي قلة محدودة من المليارديرات لا يتجاوز عددهم الألف شخص في العالم كله. ومقابل هؤلاء الأثرياء (أو الإقطاعيين الجدد) تتزايد مساحة الفقر بين بلايين الناس ممن تذهب أموالهم بانتظام إلى شركات عالمية كبرى يملكها إقطاعيون أجانب أو يعيشون خارج بلادهم! ... أما بين الدول ذاتها فهناك تقارير كثيرة تفيد بأن الدول الغنية تزداد ثراء والفقيرة تزداد فقراً.. فدول الشمال الغني مثلاً لم تكتف باستقطاب الثروات العالمية فقط؛ بل وتتنافس على إغراق الدول الفقيرة بالسلع والقروض والاستيلاء على مقدراتها الضعيفة أصلاً.. أضف لهذا أقرضت الدول الثرية الدول الفقيرة بلايين الدولارات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بطريقة أدت في النهاية إلى إعاقة مشروعات التنمية والتطوير فيها.. وبدل أن تساهم هذه الأموال في تطوير وتحسين أوضاع الدول الفقيرة زادت فجوة الدخل بين الطرفين بثلاثة أضعافها منذ عام 1970 بسبب أرباحها الربوية المركبة (رغم اعترافنا بالدور المشبوة للمسؤولين الفاسدين في الدول الفقيرة ذاتها).. والنتيجة التي نراها اليوم هي أن الناتج القومي لبعض الدول الأفريقية (مثل تنزانيا والكونغو وسيراليون) يوجه معظمه لخدمة القروض الغربية بدل توجيهها للتعليم والصحة وتحسين مستوى المعيشة! ... هل ترغب في اختصار المقال في 14 كلمة فقط: رأس المال ليس جباناً، بل ذكي يفضل العيش في المناطق الآمنة والقابلة للنمو.

مشاركة :