رجل ليس بالسهل ولكنه السهل بمعناه؛ في تعامله وعلاقاته وتواضعه وأخلاقياته؛ بين فكي مرضى الأسنان وبين دفتي الصحافة والكتب تجد هذا الإنسان؛ يتمتع بروح الدعابة والمرح التلقائي يعلق في أحاديثه بالمجالس متندرا نحن أطباء الأسنان ننتزع لقمة عيشنا من أفواه المرضى؛ ودّع عالمنا بسلام قبل أربعة أعوام عن عمر يناهز التاسعة والثمانين؛ ولا يزال باقيا بيننا بقامته وهامته وإرثه الثمين.في ذاكرتنا جوهرة من جواهر وطننا الغالي؛ هذا الكنز المعرفي القدير الذي يستحق التقدير عن إضافاته المجتمعية التي أنارت مسارات الثقافة في زمن العتمة؛ مخضرم عاش بين جيلين العمالقة والمتأخرين؛ يعتبر توليفة معرفية؛ كتب المقال والقصة والرواية والمسرحية.الدكتور عصام خوقير عراب الأدب السعودي وأحد أهم الدعائم الوطنية التي أضافت للساحة السعودية والعربية الكثير من الفكر العبقري اللامع؛ هو أيقونة الأدب الحجازي من خلال إلهامه الأثيري الذي أحدث الحراك المجتمعي؛ وصنع الكثير من المتأثرين والمؤثرين بمقالاته، وروائعه الأدبية؛ أفتخر شخصيا أن أكون أحد تلاميذه تشرفت واقتفيت أثره في صناعة المقال وحبكته؛ كاتب أنيق في جوهره قبل مظهره ورشيق في فكره قبل قلمه؛ يلوح طيفه دوما في المحافل الثقافية ليتجسد متربعا في صدر المجالس الفكرية والدواوين الأدبية.أجد في هذا المقال رجعا لصدى ذكراه الجميل في مثل هذا الشهر من صباح الثلاثاء 27 نوفمبر 2018م وهو تاريخ وفاته؛ رحل في هدوء مثلما عاش في هدوء؛ آن الأوان لنطلق ضجيجا للأجيال القادمة ليتعرفوا على عملاق الأدب ونحات المعرفة ونفتح صندوق جواهره الإبداعية من خلال برنامج «بسمات» في السبعينيات والتي رسمها على محيانا ليفرحنا بـ «السعد وعد» ويجول بنا في «الدوامة» حتى يداهمنا «في الليل لما خلي» ويعالج «شرخ في الحائط الزجاجي» بـ «زغرودة بعد منتصف الليل» ليرسم صورة «السنيورة» ترقص بين الشرق والغرب؛ ويقول «الشيطان في إجازة» ليصنع المودة والرحمة في «زوجتي وأنا»؛ جميعها روايات خالدة تربينا على إيقاعاتها الطربية.أبو هالة كنيته؛ وأبو البنات ما تعارف عليه الجميع؛ برأيي الخاص وتحليلا لشخصيته العامة هو أن تربية البنات تمتاز بخصوصية جعلته مرهف الحس مشاعري السمات مما انعكس على نمطه السلوكي ليصبح حنونا متسامحا رومانسيا رقيق القلب لين الجانب؛ هو أب عظيم وصاحب قلب رحيم على زوجته وبناته وذويه؛ ناهيك عن نزعته الدينية الراسخة النابعة من نشأة مكية أصيلة تربى بها وربي عليها؛ قال عليه الصلاة والسلام في حديثه «من يلي من هذه البنات شيئا فأحسن إليهن كن له سترا من النار».طلب إلى وزير الثقافة سمو الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود راعي الثقافة والداعم الحقيقي للحركة الإبداعية والقائمين على معرض الكتاب القادم بشهر ديسمبر 2022م والذي سيقام بمشيئة الله تعالى في مدينة جدة؛ أن يحظى الدكتور عصام خوقير الذي يعتبر أحد رواد الحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية نصيبا من التكريم على ما تركه من إرث ثقافي وأدبي كبيرين؛ عرفانا لما قدمه وتذكيرا بإنجازاته؛ كونه رأس مال ثقافي وطني نفاخر به العالم بأنه أحد الأبناء البارين لهذا الوطن المعطاء.فرحمة الله عليك دكتور عصام؛ عشت أديبا ومت أديبا وستبقى أديبا.[email protected]
مشاركة :