الحرب في أوكرانيا تغير الجغرافيا السياسية في العالم

  • 11/24/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭: ‬باتريك‭ ‬كوكبرن‭ ‬ قال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬البريطاني‭ ‬السير‭ ‬إدوارد‭ ‬جراي‭ ‬لصديق‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬1914‭: ‬‮«‬المصابيح‭ ‬تنطفئ‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬أوروبا،‭ ‬ولن‭ ‬نراها‭ ‬مضاءة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬حياتنا‮»‬‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬خلالها‭ ‬شرارة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬عام‭ ‬1918،‭ ‬لكنها‭ ‬استمرت‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬الأزمات‭ ‬والحروب‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬1939‭.‬ انتهت‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬بهزيمة‭ ‬تامة‭ ‬لألمانيا‭ ‬وأنتجت‭ ‬سلامًا‭ ‬مجمّدًا‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬بقي‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬–‭ ‬باستثناء‭ ‬تفكك‭ ‬يوغوسلافيا‭ ‬–‭ ‬مدة‭ ‬77‭ ‬عامًا،‭ ‬حتى‭ ‬الغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬ تعد‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الثالثة‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الصراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬القارة‭ ‬التي‭ ‬تندلع‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬أوروبا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬لا‭ ‬تشارك‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬العسكري،‭ ‬لكنها‭ ‬منخرطة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬القتال‭.‬ تبدو‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬أشبه‭ ‬بالحرب‭ ‬الأولى‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬طويلة‭ ‬وغير‭ ‬حاسمة‭. ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬1918‭ ‬سعت‭ ‬ألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬هدنة‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تعبر‭ ‬قوات‭ ‬الحلفاء‭ ‬الحدود‭ ‬الألمانية‭.‬ من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تفوز‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بانتصار‭ ‬كامل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬كليهما‭ ‬لديه‭ ‬الإرادة‭ ‬لمواصلة‭ ‬القتال‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬القيام‭ ‬بذلك‭.‬ لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬احتمال‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬مفاجئًا،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬النمط‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وليبيا‭. ‬في‭ ‬حربي‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان،‭ ‬حتى‭ ‬الاشتباك‭ ‬المباشر‭ ‬للقوات‭ ‬البرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبريطانية‭ ‬المدعومة‭ ‬بقوة‭ ‬جوية‭ ‬ساحقة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافياً‭ ‬لهزيمة‭ ‬العدو‭.‬ لم‭ ‬يحدث‭ ‬استيلاء‭ ‬طالبان‭ ‬على‭ ‬أفغانستان‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اجتاحت‭ ‬الحرب‭ ‬البلاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عامًا‭.‬ قد‭ ‬تبدو‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مختلفة‭ ‬كدولة‭ ‬فقيرة‭ ‬ولكنها‭ ‬حديثة،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬وليبيا‭ ‬قبل‭ ‬تدمير‭ ‬بنيتهما‭ ‬التحتية‭. ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وروسيا‭. ‬يركز‭ ‬الاهتمام‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬مفرط‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬الحرب‭ ‬النووية،‭ ‬وربما‭ ‬تبدأ‭ ‬باستخدام‭ ‬الأجهزة‭ ‬النووية‭ ‬التكتيكية‭ ‬منخفضة‭ ‬القوة‭.‬ يتزايد‭ ‬الخطر‭ ‬لأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعطاء‭ ‬مضمون‭ ‬لهجومه‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاستعدادات‭ ‬العملية،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬عندما‭ ‬أجرت‭ ‬روسيا‭ ‬مؤخرا‭ ‬أول‭ ‬تدريب‭ ‬نووي‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب‭.‬ إن‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬الاستخدام‭ ‬المحتمل‭ ‬لأسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬أمر‭ ‬مفهوم‭ ‬لأن‭ ‬بقية‭ ‬أوروبا‭ ‬تخشى‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الهدف‭ ‬التالي‭.‬ قليلون‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬ينتبهون‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬ثورة‭ ‬قد‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأربعين‭ ‬الماضية،‭ ‬ما‭ ‬أتاح‭ ‬للصواريخ‭ ‬ذات‭ ‬الضربات‭ ‬الدقيقة‭ ‬ذات‭ ‬التسليح‭ ‬التقليدي‭ ‬إحداث‭ ‬أضرار‭ ‬جسيمة،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬تم‭ ‬إثباته‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأربعة‭ ‬الماضية‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬مسؤول‭ ‬أوكراني‭ ‬إن‭ ‬روسيا‭ ‬ألحقت‭ ‬أضرارًا‭ ‬بالغة‭ ‬بـ‭ ‬40‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استخدام‭ ‬طائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬رخيصة‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬أوكرانيا‭ ‬ستميل‭ ‬إلى‭ ‬الانتقام‭ ‬بالمثل‭ ‬ضد‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الروسية‭.‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬طول‭ ‬أمد‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬تحولات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الخريطة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬العالمية،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬تحدث‭ ‬الآن‭ ‬بالفعل‭. ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬–‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مؤشر‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬–‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬المواجهة‭ ‬الدائمة‭ ‬بين‭ ‬قوى‭ ‬الناتو‭ ‬وروسيا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭.‬ بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬الخلافية،‭ ‬فإن‭ ‬الخوف‭ ‬والكراهية‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬القتال‭ ‬ستستغرق‭ ‬عقدًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لتبدد‭. ‬سيشعل‭ ‬كل‭ ‬جانب‭ ‬حروبه‭ ‬بالوكالة‭ ‬ويستغل‭ ‬أي‭ ‬ضعف‭ ‬بين‭ ‬حلفاء‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بين‭ ‬الغرب‭ ‬والاتحاد‭ ‬السوفيتي‭.‬ ستكون‭ ‬المواجهة‭ ‬أكثر‭ ‬حدة‭ ‬إذا‭ ‬تحركت‭ ‬روسيا‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬الصين‭. ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬حافظت‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬من‭ ‬بوتين‭ ‬ولم‭ ‬تزوده‭ ‬بالسلاح،‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬لتجنب‭ ‬عقوبات‭ ‬ثانوية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل،‭ ‬قد‭ ‬تشعر‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬بأنهما‭ ‬مضطرتان‭ ‬لتوحيد‭ ‬الصفوف‭ ‬لمواجهة‭ ‬عدو‭ ‬غربي‭ ‬مشترك‭.‬ يسعى‭ ‬بوتين‭ ‬إلى‭ ‬إضفاء‭ ‬صبغة‭ ‬المعركة‭ ‬ضد‭ ‬الإمبريالية‭ ‬على‭ ‬حربه‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬قائلاً‭ ‬إن‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬‮«‬أخطر‭ ‬عقد،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التنبؤ‭ ‬به،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‮»‬‭.‬ قد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬صحيحًا‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬لم‭ ‬يتوقع‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬عمليته‭ ‬العسكرية‭ ‬الخاصة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬متوقعًا‭ ‬انهيار‭ ‬أوكرانيا‭.‬ يقول‭ ‬بوتين‭ ‬إن‭ ‬‮«‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬نهايتها‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬ذهب،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الآلة‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬اصطدمت‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬والنكسات‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الثمانية‭ ‬الماضية‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬روسيا‭ ‬بمثابة‭ ‬توازن‭ ‬مضاد‭ ‬للهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬ولن‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬رؤيتها‭ ‬كقطعة‭ ‬قوية‭ ‬من‭ ‬رقعة‭ ‬الشطرنج‭ ‬الدولية‭.‬ من‭ ‬خلال‭ ‬شن‭ ‬حرب‭ ‬اقتصادية‭ ‬شاملة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا،‭ ‬لعب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ضد‭ ‬دعوى‭ ‬الكرملين‭ ‬القوية‭ ‬كمنتج‭ ‬للنفط‭ ‬والغاز،‭ ‬وألحق‭ ‬ضررا‭ ‬هائلا‭ ‬بنفسه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلحق‭ ‬ضررا‭ ‬كافيا‭ ‬بروسيا‭ ‬لإسقاط‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬جعله‭ ‬يغير‭ ‬مساره‭.‬ كان‭ ‬هذا‭ ‬متوقعًا‭ ‬لأن‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وبشار‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إزاحة‭ ‬نظاميهما،‭ ‬بل‭ ‬إنهما‭ ‬ازدادا‭ ‬قوة‭. ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬شنها‭ ‬الغرب‭ ‬ضدهما‭ ‬والتي‭ ‬اتخذت‭ ‬شكل‭ ‬العقاب‭ ‬الجماعي‭ ‬للعراقيين‭ ‬والسوريين‭ ‬العاديين‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬نفس‭ ‬النتيجة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭.‬ حرب‭ ‬طويلة‭ ‬سيئة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬لأن‭ ‬مستوى‭ ‬الدمار‭ ‬سيتصاعد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجانبين‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬قاضية‭. ‬لكن‭ ‬بقية‭ ‬أوروبا‭ ‬تعاني‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬دائمة‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وزيادة‭ ‬الإنفاق‭ ‬الدفاعي،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة،‭ ‬وانخفاض‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬الأوروبية‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭.‬ ومثلما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عقب‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬سنة‭ ‬1945،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬بالوكالة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬والتي‭ ‬دارت‭ ‬رحاها‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬يُطلق‭ ‬عليه‭ ‬اسم‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭.‬ يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتصور‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسير‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬وقوى‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬إذا‭ ‬عانت‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الروسية‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬الكامل‭. ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تحدث‭ ‬بعض‭ ‬التحولات‭ ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬علامة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬تتطلع‭ ‬إليها‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو،‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬أمنيات‭.‬ ومالم‭ ‬يتحقق‭ ‬انتصار‭ ‬عسكري‭ ‬حاسم‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬آخر،‭ ‬فإن‭ ‬الوسيلة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يقترح‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬يُعامل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬منبوذ،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬خائنًا‭.‬ ذلك‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرًا‭ ‬للديمقراطيين‭ ‬التقدميين‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭ ‬الذين‭ ‬أجبروا‭ ‬على‭ ‬سحب‭ ‬خطاب‭ ‬يقترح‭ ‬إجراء‭ ‬محادثات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬بعد‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬غاضب‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬المؤيدين‭ ‬للحرب‭.‬ من‭ ‬غير‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬أي‭ ‬نتيجة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬الطرفان‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬مؤقتًا‭ ‬وتكون‭ ‬المواجهة‭ ‬دائمة‭.‬ لقد‭ ‬كتبت‭ ‬سابقا‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تغير‭ ‬طبيعة‭ ‬الحرب‭ ‬الجوية‭ ‬بشكل‭ ‬حاسم‭ ‬في‭ ‬الأربعين‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس،‭ ‬باستثناء‭ ‬المتخصصين‭ ‬العسكريين،‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭. ‬باختصار،‭ ‬انتهى‭ ‬احتكار‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للصواريخ‭ ‬الموجهة‭ ‬والذخائر‭ ‬الذكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬وقت‭ ‬حرب‭ ‬الخليج‭ ‬الأولى‭ ‬عام‭ ‬1991‭.‬ في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬دمرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬قدرة‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬وتكرير‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬باستخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭.‬ نحن‭ ‬نرى‭ ‬الآن‭ ‬روسيا‭ ‬تدمر‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي‭ ‬قدرة‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬الدفاعات‭ ‬الجوية‭ ‬وإطلاق‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬الرخيصة‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬الطاقة‭ ‬وما‭ ‬شابه‭. ‬لقد‭ ‬تغيرت‭ ‬طبيعة‭ ‬التفوق‭ ‬الجوي‭.‬ هذه‭ ‬النقطة‭ ‬المهمة‭ ‬بالذات‭ ‬أثارها‭ ‬أنتوني‭ ‬كوردسمان،‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬الرئيس‭ ‬الفخري‭ ‬للاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬واشنطن،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬قدمت‭ ‬روسيا‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الاستعراضات‭ ‬الملموسة‭ ‬التي‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصواريخ‭ ‬الحديثة‭ ‬ذات‭ ‬الضربات‭ ‬الدقيقة‭ ‬الصاروخية‭ ‬المسلحة،‭ ‬وقدرات‭ ‬الحرب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬والتحليل‭ ‬الاستخباري‭ ‬للأنظمة‭ ‬والأهداف‭ ‬المدنية،‭ ‬ومجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الضربات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتطورة‭ ‬الأخرى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬أضرارًا‭ ‬هائلة‭ ‬محتملة‭ ‬بالأهداف‭ ‬والقدرات‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬والاقليمي‭ ‬والدولي‮»‬‭.‬ ‮«‬على‭ ‬عكس‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأشكال‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬غير‭ ‬النووية‭ ‬بالاقتران‭ ‬مع‭ ‬الأسلحة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬ويمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬بمرونة‭ ‬كبيرة‭ ‬ومخاطر‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬درجة‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬التدمير‭ ‬المؤكد‭ ‬المتبادل‮»‬‭.‬ لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬امتلاك‭ ‬روسيا‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬المتبادل‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬ردع‭ ‬استخدامها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الجانبين،‭ ‬مع‭ ‬خلق‭ ‬وضع‭ ‬يمكن‭ ‬فيه‭ ‬لكلا‭ ‬الجانبين‭ ‬الآن‭ ‬استخدام‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬التقليدية‭ ‬والتكنولوجيات‭ ‬الجديدة‭ ‬لتصعيد‭ ‬مستوى‭ ‬الصراع‭ ‬المدني‭.‬ تصف‭ ‬بعض‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬الصاروخية‭ ‬والطائرات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬جرائم‭ ‬حرب‮»‬،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالعراق‭ ‬خلال‭ ‬عنصر‭ ‬الحملة‭ ‬الجوية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬عاصفة‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬العقد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬الماضي‭.‬ أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬معرفة‭ ‬المزيد‭ ‬عما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬مهتمين‭ ‬بهذا‭ ‬الحساب‭ ‬الخبير‭ ‬للحملة‭ ‬الجوية‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬مكتب‭ ‬المحاسبة‭ ‬الحكومي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1997‭..‬ كتب‭ ‬وزير‭ ‬الخزانة‭ ‬السابق‭ ‬كواسي‭ ‬كوارتنج‭ ‬أطروحة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬كامبريدج‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬لأزمة‭ ‬إعادة‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬1695‭-‬167‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬قبولها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬ كانت‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬الصارمة‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬كواسي‭ ‬كوارتنج‭ ‬مستشارًا‭ ‬حول‭ ‬المدى‭ ‬الذي‭ ‬ساعده‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أزمة‭ ‬مالية‭ ‬حديثة‭. ‬على‭ ‬غرار‭ ‬كارثة‭ ‬الميزانية‭ ‬المصغرة‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬سبتمبر2022‭.‬ لم‭ ‬يكن‭ ‬معروفاً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬محاولة‭ ‬لكوارتنغ‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬قبولها،‭ ‬وقد‭ ‬قيل‭ ‬لي‭ ‬ذلك‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬مرجع‭ ‬جيد‭. ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬كواسي‭ ‬كوارتنج‭ ‬إعادة‭ ‬كتابة‭ ‬أجزاء‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬رسالته،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬نادرًا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأطروحة‭ ‬دون‭ ‬المستوى‭.‬ إن‭ ‬المغامرات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬لتريز‭ ‬كوفي،‭ ‬نائبة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ووزيرة‭ ‬الصحة‭ ‬سابقاً‭ ‬ووزيرة‭ ‬البيئة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬سوناك،‭ ‬معروفة‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭. ‬فقد‭ ‬التحقت‭ ‬بكلية‭ ‬سومرفيل‭ ‬في‭ ‬أكسفورد‭ ‬لدراسة‭ ‬الكيمياء‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬وطُلب‭ ‬منها‭ ‬الانسحاب‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬التمهيدي‭ ‬مرتين‭. ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الاختبارات‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬طلاب‭ ‬جامعيين‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬مبكرة‭ ‬لا‭ ‬يقومون‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬يفشلون‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الموضوع‭ ‬الذي‭ ‬يختارونه‭.‬ قلة‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يفشلون‭ ‬في‭ ‬اجتياز‭ ‬هذه‭ ‬الاختبارات‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفشل‭ ‬مرتان‭ ‬يعد‭ ‬أمرا‭ ‬غير‭ ‬شائع‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬سرا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الشخصية‭ ‬لا‭ ‬تذكر‭ ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭. ‬على‭ ‬عكس‭ ‬تيريز‭ ‬كوفي‭ ‬حصلت‭ ‬مارجريت‭ ‬تاتشر،‭ ‬طالبة‭ ‬كيمياء‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬سومرفيل،‭ ‬على‭ ‬شهادتها‭. ‬تخرج‭ ‬تيريز‭ ‬كوفي‭ ‬لاحقًا‭ ‬بدرجة‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬الكيمياء‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كاليفورنيا‭.‬ كومونز

مشاركة :