نتائج قمة العشرين وأزمة الاقتصاد العالمي

  • 11/26/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعد‭ ‬عامين‭ ‬من‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬انعقدت‭ ‬قمة‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬جزيرة‭ ‬‮«‬بالي‮»‬،‭ ‬الإندونيسية‭ ‬يومي‭ ‬15‭ ‬و16‭ ‬نوفمبر،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أزمة‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬نتيجة‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وتداعياتها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وما‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬طاقة‭ ‬وغذاء‭ ‬وتضخم،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬التوتر‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬بسبب‭ ‬تايوان‭. ‬ وتتسم‭ ‬المجموعة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬عام‭ ‬1999،‭ ‬بأنها‭ ‬تضم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬المتقدمة‭ ‬دولا‭ ‬نامية،‭ ‬حيث‭ ‬تضم‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بريطانيا،‭ ‬فرنسا،‭ ‬ألمانيا،‭ ‬إيطاليا،‭ ‬اليابان،‭ ‬كندا،‭ ‬روسيا،‭ ‬الصين،‭ ‬البرازيل،‭ ‬الأرجنتين،‭ ‬المكسيك،‭ ‬أستراليا،‭ ‬الهند،‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬تركيا،‭ ‬السعودية،‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭). ‬وتمثل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬معًا‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬و80%‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية،‭ ‬وثلثي‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مساحة‭ ‬الأرض،‭ ‬ما‭ ‬يؤهلها‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬العالم،‭ ‬وتتسم‭ ‬بدرجة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬أكبر،‭ ‬وتداول‭ ‬أوسع‭ ‬للقضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬الدولية،‭ ‬لكنها‭ ‬بخلاف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لا‭ ‬تصدر‭ ‬قرارات،‭ ‬وغاية‭ ‬ما‭ ‬تصل‭ ‬إليه‭ ‬توصيات‭ ‬يتوافق‭ ‬عليها‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وإلى‭ ‬جانب‭ ‬قادة‭ ‬دول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬فإنه‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬أعمالها‭ ‬واجتماعاتها‭ ‬وزراء‭ ‬المالية‭ ‬والخارجية‭ ‬ومحافظو‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.‬ وإذ‭ ‬جاء‭ ‬انعقاد‭ ‬هذه‭ ‬القمة،‭ ‬مواكبًا‭ ‬لانعقاد‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬للمناخ‮»‬،‭ ‬في‭ ‬نسخته‭ ‬الـ‮«‬27‮»‬‭ ‬بشرم‭ ‬الشيخ،‭ ‬المصرية،‭ ‬مع‭ ‬تخوف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬زيادة‭ ‬درجة‭ ‬احترار‭ ‬كوكب‭ ‬الأرض‭ ‬فوق‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬وما‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ومواكبًا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لأزمات‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء‭ ‬والتضخم؛‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تهيمن‭ ‬هذه‭ ‬المسائل‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬المجموعة،‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬16‭ ‬نوفمبر،‭ ‬مواصلة‭ ‬الجهود‭ ‬لمنع‭ ‬زيادة‭ ‬الاحترار‭ ‬فوق‭ ‬النسبة‭ ‬المحددة‭ ‬عالميا،‭ ‬فيما‭ ‬أدان‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬بهذا‭ ‬الاستخدام،‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬تداعياتها‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وغياب‭ ‬الالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي‭.‬ وفي‭ ‬مواجهة‭ ‬أزمة‭ ‬الغذاء،‭ ‬رحب‭ ‬البيان‭ ‬بمبادرة‭ ‬تصدير‭ ‬الحبوب‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأسود‭ ‬وأهمية‭ ‬تنفيذها‭ ‬واستمرارها،‭ ‬وعدم‭ ‬عرقلتها،‭ ‬وأوجب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عاجلة‭ ‬لمنع‭ ‬الجوع،‭ ‬وبناء‭ ‬سلاسل‭ ‬توريد‭ ‬الغذاء‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لحل‭ ‬أزمة‭ ‬التضخم،‭ ‬دعم‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬المتشددة‭. ‬وفيما‭ ‬تعني‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬التضخم،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬كبير‭ ‬لسعر‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬مقابل‭ ‬العملات‭ ‬الأخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعترف‭ ‬به‭ ‬البيان،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العملات‭ ‬قد‭ ‬تحركت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬ولأن‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬رفع‭ ‬أسعار‭ ‬الفائدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وسير‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الطريق،‭ ‬هو‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الأموال‭ ‬للاستثمار،‭ ‬وارتفاع‭ ‬عبء‭ ‬سداد‭ ‬الديون‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬الناشئة؛‭ ‬فقد‭ ‬حث‭ ‬البيان‭ ‬توجه‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬نحو‭ ‬التقييم‭ ‬المناسب‭ ‬لوتيرة‭ ‬تشديد‭ ‬السياسة‭ ‬النقدية‭ ‬بطريقة‭ ‬واضحة‭.‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬مجموعة‭ ‬‮«‬أوبك‭ ‬بلس‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬قد‭ ‬خفضت‭ ‬إنتاجها،‭ ‬لموازنة‭ ‬معروض‭ ‬الطاقة‭ ‬مع‭ ‬الطلب‭ ‬عليها،‭ ‬فقد‭ ‬شدد‭ ‬البيان‭ ‬على‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬إمدادات‭ ‬الطاقة‭ ‬معقولة‭ ‬التكلفة،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والأسواق،‭ ‬مؤكدا‭ ‬ضرورة‭ ‬تنويع‭ ‬أنظمة‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬أمنها،‭ ‬واستقرار‭ ‬أسواقها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسريع‭ ‬وضمان‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬طاقة‭ ‬نظيفة‭ ‬ومستدامة‭ ‬وميسورة‭ ‬التكلفة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬المستدام‭.‬ وحتى‭ ‬تخرج‭ ‬القمة‭ ‬بهذه‭ ‬النتائج،‭ ‬فقد‭ ‬تجنبت‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬محاولات‭ ‬إدانة‭ ‬روسيا‭ ‬وعزلها،‭ ‬كما‭ ‬بدا‭ ‬واضحا‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬ونظيره‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬شي‭ ‬جين‭ ‬بيانج‮»‬،‭ ‬والحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تحول‭ ‬المنافسة‭ ‬بينهما‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭. ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬السابق‭ ‬لاجتماع‭ ‬قمة‭ ‬العشرين،‭ ‬عُقدت‭ ‬محادثات‭ ‬مهمة‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬مهدت‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات،‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياتها‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬شخصي‭ ‬بينهما،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬سار‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬رئيسًا‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭ ‬الأخير‭ ‬بأنه‭ ‬ملتزم‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬خطوط‭ ‬الاتصال‭ ‬مفتوحة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الشخصي‭ ‬والحكومي‭ ‬مع‭ ‬بكين‭. ‬ واستمرارًا‭ ‬لهذه‭ ‬الحجة،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬التعاون‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الصراع‮»‬،‭ ‬هو‭ ‬النهج‭ ‬الذي‭ ‬دعت‭ ‬إليه‭ ‬إندونيسيا‭ ‬مع‭ ‬رئاستها‭ ‬للقمة،‭ ‬ووضعت‭ ‬شعارًا‭ ‬لها‭ ‬‮«‬نتعافى‭ ‬معًا‭.. ‬نتعافى‭ ‬أقوى‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬حددت‭ ‬لجدول‭ ‬أعمالها‭ ‬ثلاث‭ ‬قضايا‭ ‬رئيسية،‭ ‬هي‭: ‬‮«‬النظام‭ ‬الصحي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬‮«‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬‮«‬قضايا‭ ‬تحول‭ ‬الطاقة‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬أضافت‭ ‬عدة‭ ‬قضايا‭ ‬وملفات‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬القمة،‭ ‬شملت‭ ‬أزمات‭ ‬الطاقة،‭ ‬والغذاء،‭ ‬والتضخم،‭ ‬وتباطؤ‭ ‬معدلات‭ ‬النمو،‭ ‬وتأثير‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة‭ ‬لملايين‭ ‬الأشخاص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭. ‬ ولمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الطارئة‭ ‬بحلول‭ ‬فعالة‭ ‬يمكن‭ ‬اتباعها،‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬المجموعة‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬المالية‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي،‭ ‬استنكارها‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وتسببها‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬أسعار‭ ‬الغذاء‭ ‬والطاقة،‭ ‬وأن‭ ‬التعافي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بعد‭ ‬كورونا‭ ‬قد‭ ‬تعرقل‭. ‬وفي‭ ‬اجتماع‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أكدت‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الالتزام‭ ‬بسياسات‭ ‬مالية‭ ‬مخططة‭ ‬جيدًا‭ ‬لدعم‭ ‬التعافي‭ ‬المستدام‭ ‬والتأقلم‭ ‬مع‭ ‬الآثار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للحرب،‭ ‬والسعي‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بغالبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬ وبحسب‭ ‬بيانات‭ ‬‮«‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬يعد‭ ‬التضخم‭ ‬أكبر‭ ‬المخاوف‭ ‬والتهديدات،‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬اقتصادات‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬المقبلين،‭ ‬حيث‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬فبلغ‭ ‬8‭.‬7%‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬و10%‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬و5‭.‬6%‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬و10‭.‬7%‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬و5‭.‬9%‭ ‬في‭ ‬إندونيسيا،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تعاون‭ ‬عالمي‭ ‬مثمر‭ ‬تقوده‭ ‬دول‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة؛‭ ‬لتجنب‭ ‬الأزمات‭ ‬المحتملة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬النمو‭ ‬والإنتاجية،‭ ‬وتخفيف‭ ‬حدة‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكلفة‭ ‬المعيشة‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغنية،‭ ‬المبادرة‭ ‬بمنح‭ ‬مساعدات‭ ‬عاجلة‭ ‬للدول‭ ‬المحتاجة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التمويل‭ ‬الثنائي‭ ‬أو‭ ‬المتعدد‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬برنامج‭ ‬الأغذية‭ ‬العالمي‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬اجتماعات‭ ‬القمة‭ ‬وبيانها‭ ‬الختامي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬التفاؤل،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هي‭ ‬آليات‭ ‬تنفيذها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬وعلى‭ ‬خلاف‭ ‬أزمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬2008‭ ‬و2009،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬الاقتصادات‭ ‬الكبرى،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطة‭ ‬لإعادة‭ ‬رسملة‭ ‬البنوك‭ ‬المتدهورة،‭ ‬وتحفيز‭ ‬اقتصاداتها‭ ‬بالدعم‭ ‬المالي‭ ‬والنقدي؛‭ ‬فإن‭ ‬أزمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬هذا‭ ‬التوافق‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭. ‬وبحسب‭ ‬وزيرة‭ ‬المالية‭ ‬الإندونيسية،‭ ‬‮«‬ففي‭ ‬الأزمة‭ ‬السابقة‭ ‬كان‭ ‬جميع‭ ‬القادة‭ ‬في‭ ‬القارب‭ ‬نفسه،‭ ‬ولديهم‭ ‬القلق‭ ‬والعدو‭ ‬ذاته،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فهم‭ ‬أعداء‭ ‬لبعضهم‭ ‬البعض‮»‬‭.‬ يأتي‭ ‬هذا‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬نموا‭ ‬بمعدل‭ ‬2‭.‬7%‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الاقتصادات‭ ‬انكماشا‭ ‬لربعين‭ ‬متتاليين،‭ ‬وهو‭ ‬مقياس‭ ‬للركود‭. ‬وفي‭ ‬استطلاع‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬استريت‭ ‬جورنال‮»‬،‭ ‬أكد‭ ‬63%‭ ‬احتمالية‭ ‬ركود‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي،‭ ‬كما‭ ‬توقع‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬حدوث‭ ‬الأمر‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭. ‬وأظهرت‭ ‬البيانات‭ ‬انكماش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البريطاني‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الثالث‭ ‬لعام‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬نمو‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬19‭ ‬دولة‭ ‬ككل‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬5%،‭ ‬وفيما‭ ‬يشهد‭ ‬الاقتصادان‭ ‬الألماني‭ ‬والبريطاني‭ ‬تراجعًا‭ ‬في‭ ‬2023،‭ ‬فإن‭ ‬الركود‭ ‬يخيم‭ ‬على‭ ‬الصين‭ ‬أيضًا،‭ ‬ما‭ ‬يترك‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بلا‭ ‬قاطرة‭ ‬واضحة‭ ‬للنمو‭.‬ ولمواجهة‭ ‬خطر‭ ‬الانزلاق‭ ‬إلى‭ ‬ركود،‭ ‬تعهدت‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬العشرين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬بيانها‭ ‬الختامي،‭ ‬بالتقييم‭ ‬المستمر‭ ‬لوتيرة‭ ‬رفع‭ ‬الفائدة،‭ ‬وتجنب‭ ‬التداعيات،‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬تباطؤ‭ ‬النمو،‭ ‬وارتفاع‭ ‬الدولار‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وما‭ ‬يفاقمه‭ ‬من‭ ‬أعباء‭ ‬على‭ ‬مديونية‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬تخلي‭ ‬الحكومات‭ ‬عن‭ ‬السداد،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية،‭ ‬فيما‭ ‬توقع‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬نتيجة‭ ‬ذلك‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭.‬ وإذا‭ ‬كان‭ ‬صدور‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يعد‭ ‬‮«‬مؤشرَ‭ ‬نجاح‮»‬،‭ ‬لهذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬حيث‭ ‬تمت‭ ‬صياغته‭ ‬بطريقة‭ ‬تجعله‭ ‬يخرج‭ ‬إلى‭ ‬النور،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬‮«‬بالي‮»‬‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬القمة،‭ ‬يضيف‭ ‬إلى‭ ‬نجاحها،‭ ‬فإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬بين‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصيني،‭ ‬كان‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحفي‭ ‬للرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬نوفمبر،‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬فيه‭ ‬دعم‭ ‬بلاده‭ ‬للانضمام‭ ‬الكامل‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين،‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬قواعد‭ ‬إدارة‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدولية،‭ ‬كما‭ ‬نوه‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬حول‭ ‬توفير‭ ‬تمويل‭ ‬لدول‭ ‬الجنوب‭ ‬الأشد‭ ‬فقرًا‭ ‬ومعاناة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تهيئة‭ ‬الظروف‭ ‬لدفعة‭ ‬تمويل‭ ‬قوية‭ ‬لهذه‭ ‬الدول،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬إعادة‭ ‬تخصيص‭ ‬حقوق‭ ‬السحب‭ ‬الخاصة‭ ‬بصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الغرض‭.‬ واستمرارا،‭ ‬صرح‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬بأن‭ ‬باريس‭ ‬تعهدت‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬بإعادة‭ ‬تخصيص‭ ‬30%‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬السحب‭ ‬الخاصة‭ ‬لديها‭ ‬للبلاد‭ ‬الأكثر‭ ‬هشاشة،‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬اجتماع‭ ‬قمة‭ ‬العشرين،‭ ‬سمح‭ ‬بإحراز‭ ‬تقدم،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬هشاشة،‭ ‬وضرورة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬للدول‭ ‬الأشد‭ ‬فقرًا،‭ ‬وحشد‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ثورة‭ ‬الطاقة‭ ‬والزراعة‭ ‬والصناعة‭.‬ وفي‭ ‬تقييمه‭ ‬للقمة،‭ ‬صرح‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬أولاف‭ ‬شولتس‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬ناجحة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬و«جدت‭ ‬تفهمات‭ ‬تجاوزت‭ ‬بكثير‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬متوقعًا‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬صرح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني،‭ ‬‮«‬ريشي‭ ‬سوناك‮»‬،‭ ‬بأننا‭ ‬‮«‬في‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬المهمة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين‭ ‬للقيام‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬أحدثتها‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬تداعياتها‭ ‬على‭ ‬تدفقات‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬لأوروبا‮»‬‭. ‬ وإدراكًا‭ ‬لهذا‭ ‬الوضع‭ ‬عمل‭ ‬المسؤولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬والأوروبيون‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬التفاصيل‭ ‬المتعلقة‭ ‬ببرنامج‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسمح‭ ‬للنفط‭ ‬الروسي‭ ‬بتجاوز‭ ‬العقوبات‭ ‬بشكل‭ ‬فعال،‭ ‬لكن‭ ‬فقط‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬بيعه‭ ‬بخصم‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬تطلبه‭ ‬الدول‭ ‬بالفعل‭ ‬من‭ ‬موسكو‭. ‬ويقوم‭ ‬المفاوضون‭ ‬بصياغة‭ ‬التفاصيل‭ ‬النهائية‭ ‬للخطة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مستوى‭ ‬خفض‭ ‬السعر‭ ‬قبل‭ ‬5‭ ‬ديسمبر‭ ‬موعد‭ ‬فرض‭ ‬الحظر‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬نجاحات‭ ‬الرئاسة‭ ‬الإندونيسية،‭ ‬تدشين‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬الوساطة‭ ‬المالية‭ ‬للوقاية‭ ‬والاستعداد‭ ‬والاستجابة‭ ‬للجائحة‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬جمع‭ ‬تمويلات‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬ثراء‭ ‬للدول‭ ‬متوسطة‭ ‬ومنخفضة‭ ‬الدخل،‭ ‬استعدادًا‭ ‬لأي‭ ‬جائحة‭ ‬مستقبلاً‭. ‬وتأسس‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬ونجح‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬في‭ ‬جمع‭ ‬تمويل‭ ‬بلغ‭ ‬1‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬يبدو‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬القمة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جوانب‭ ‬أزمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬مرتبط‭ ‬بإرادة‭ ‬الدول‭ ‬الأطراف‭ ‬وتصرفاتها،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬فإن‭ ‬وقفها‭ ‬يعد‭ ‬مقدمة‭ ‬أساسية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخرجات‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر،‭ ‬خاصة‭ ‬معالجة‭ ‬أزمة‭ ‬التضخم،‭ ‬ومنع‭ ‬انزلاق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬الركود،‭ ‬حيث‭ ‬يسمح‭ ‬ذلك‭ ‬بإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لأزمات‭ ‬الطاقة‭ ‬والغذاء،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتعهداتها‭ ‬بشأن‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬منع‭ ‬ارتفاع‭ ‬الاحترار‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬5‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬ وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الخلافات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬قد‭ ‬ألقت‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ -‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬منتدى‭ ‬سياسيا‭ ‬–‭ ‬فإن‭ ‬مخاوف‭ ‬العالم‭ ‬المشتركة‭ ‬من‭ ‬انزلاقه‭ ‬إلى‭ ‬ركود،‭ ‬وتوافق‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والصيني،‭ ‬وتصريحات‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬لمخرجات‭ ‬هذه‭ ‬القمة‭ ‬طريقا‭ ‬للتنفيذ‭.‬

مشاركة :