القاهرة- مباشر: أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية على قدرة العمل العربي المشترك بمفهومه الأشمل، على تجاوز الصعوبات والتحديات من خلال النجاح في الاستخدام الأمثل للطاقات العربية البشرية والمادية المتاحة، وتحقيق التكامل العربي الحقيقي في مختلف المجالات، والدفع قُدماً بالمنظومة العربية نحو تعزيز قدراتها وتحسين أدائها. جاء ذلك خلال كلمة أبو الغيط اليوم الجمعة، أمام أعمال اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري التحضيري لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة للدورة الـ 31، والمقرر انعقادها في الأول والثاني من نوفمبر المقبل برئاسة الجزائر، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ"، اليوم الجمعة. وشدد أبو الغيط على دور المنظمات العربية المتخصصة باعتبارها أذرعاً فنية لهذه المنظومة، مشيرا إلى دور المجالس الوزارية المتخصصة بصفتها آليات عربية تنشط في شتى المجالات التنموية، وتقدم خدمات تمس بشكل مباشر حياة الفرد العربي قبل وأثناء وبعد الأزمات والكوارث والجوائح. ودعا الأمين العام للجامعة العربية إلى دعم مؤسسات العمل العربي المشترك ومجالسه الوزارية، سواء من الناحية المالية أو السياسية، وعلى نحو يتيح لها تأدية مهامها على أفضل وجه، وبما يعود بالنفع على المواطن العربي في حياته ومعاشه. وأشار إلى أن اجتماع اليوم للنظر في الملف الاقتصادي والاجتماعي المرفوع للقادة العرب لمناقشته والنظر في اعتماد مشروعاته. وقال أبو الغيط "إن هذا الملف يشمل موضوعات جرى بحثها باستفاضة في إطار منظومة جامعة الدول العربية"، مضيفا "أن الموضوعات التي سيتم مناقشتها تشمل طيفاً واسعاً من الأولويات العربية؛ خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها منطقتنا والعالم أجمع". وتابع قائلا: "لقد شهدت السنوات الثلاث الماضية أحداثاً عصيبة، تمخض عنها وضع دولي جديد أكثر تعقيداً وسيولةً من أي وقتٍ مضى، إذ أفرزت هذه الأحداث وعلى رأسها فيروس "كورونا" المستجد، تداعيات خطيرة يصعب على أي دولة مواجهتها منفردةً، كما كشفت عن أوجه الضعف التي تعتري الكثير من المنظومات الاقتصادية، وعلى رأسها منظومة الأمن الغذائي العالمي". وأوضح أنه لا شك أن هذه الأوضاع المستجدة تدفع إلى إعادة النظر في أولويات العمل العربي المشترك بإيلاء اهتمام أكبر بموضوعات بعينها مثل الاستجابة الإنسانية في حالات الجوائح والكوارث والأزمات، وتعزيز الأمن الغذائي العربي. وأشار إلى أن جدول أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي يتضمن عددا من الموضوعات المتعلقة بموضوع الأمن الغذائي على وجه التحديد، لافتا إلى الوثائق التي أعدتها الجامعة العربية، استجابة لطلب وزير خارجية دولة الكويت بإعداد دراسة استراتيجية حول الأمن الغذائي العربي في ضوء الدراسات والبرامج والآليات السابقة، وهو الطلب الذي حظى بدعم السادة الوزراء. وقال أبو الغيط إن بعض ما تضمنته تلك الوثائق من حقائق وأرقام مقلق، مشيرا إلى أنه على الصعيد العالمي، تسببت جائحة "كورونا" في ارتفاع معدلات الدين والبطالة والتضخم، بالإضافة إلى تعطيل سلاسل الانتاج والتوريد، مع كل ما يرتبه ذلك من تبعاتٍ خطيرة كالركود الاقتصادي واتساع رقعة الفقر والجوع، كما ارتفعت أسعار سلال الغذاء الأساسية بشكل غير مسبوق، على خلفية الحرب الدائرة في أوكرانيا. وأضاف "أنه إذا كان العالم قد واجه حتى اليوم أزمة في أسعار الغذاء، فإننا قد نواجه في العام القادم، وللأسف الشديد، أزمة في توفر الغذاء الكافي". وأوضح أن مؤشرات الأمن الغذائي العربي تدهورت بشكل مقلق، ليس فقط بسبب الجائحة وما تلاها من أحداث، ولكن أيضاً بسبب تزامن عوامل عديدة وتراكم مشكلات كثيرة منها الجفاف واستمرار تراجع حصة المواطن العربي من المياه، فضلاً عن النمو السكاني المطرد، وضعف الاستثمار الزراعي. وبيّن أنه لمجابهة تلك الأوضاع الضاغطة، تقدم وثائق الأمن الغذائي العربي المعروضة على اجتماع المجلس رؤيةً شاملة للوصول للاكتفاء الغذائي المنشود، ولسد الفجوة الغذائية في العالم العربي بنهج تكاملي ورؤية تقوم على حشد الإمكانيات العربية. وأضاف: "تُعالج بعض بنود هذا الاجتماع أيضا موضوع الأمن الغذائي العربي بهذا النهج المتكامل"، مشيرا إلى الاستراتيجية العربية للتنمية الزراعية المستدامة، ومبادرة تحسين النوعية التكنولوجية للقمح المنتج محلياً، واستدامة المراعي العربية وغيرها. وتابع قائلا "إننا اليوم في منتصف المدة الزمنية التي حُددت لتنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 التي اتفق عليها قادة العالم في عام 2015، والملاحظ أن الجهود الدولية في أقاليم بعينها لا تزال تراوح مكانها تجاه العديد من الأهداف والغايات، بل إننا فقدنا للأسف بعض المكاسب المحققة". وأردف أبو الغيط "قناعتي أن المرحلة المقبلة ستتطلب التفكير والعمل في قضايا التنمية بنهجٍ تكاملي يُعالج قضايا الغذاء والطاقة والمناخ باستراتيجية تركز على الاتصال الوثيق بين هذه العناصر، وتأثيرها على بعضها البعض". واستكمل: "لقد صار واضحاً أن انتاج الطاقة ينطوي على تأثير خطير على المناخ، ولكن الطاقة، من جانب آخر، تمثل مُدخلاً مهماً في انتاج الغذاء وتؤثر الظواهر المناخية، وبخاصة الجفاف، على انتاج الغذاء أيضاً، ومن ثمّ لا يُمكن معالجة هذه القضايا الثلاث سوى برؤية تكاملية ومستقبلية، خاصة ونحن على أعتاب قمة المناخ التي تستضيفها مصر في شرم الشيخ بعد أيام، وفي العام القادم تستضيف قمة المناخ دولة عربية أخرى، هي الإمارات، بما يمنح العالم العربي فُرصة مهمة لطرح مواقفه وقضاياه وشواغله ليس فقط حيال قضية المناخ، ولكن أيضاً ما يرتبط بها من استدامة النمو وإنتاج الغذاء والطاقة.
مشاركة :