على مدى العقد الماضي، أصبحت الكريات الخشبية وقودا شائعا للغاية لتدفئة المنازل في البوسنة والهرسك، وهي دولة تغطي الغابات قرابة ثلثي أراضيها. ولكن مع تضاعف أسعار الكريات الخشبية ثلاث مرات هذا العام، يبدي العديد من البوسنيين الندم الآن على ما أنفقوه من أموال على تركيب سخاناتها باهظة الثمن. ويعد عليا هادزيتش، وهو عامل حراجة يبلغ من العمر 61 عاما من سراييفو، أحد هؤلاء. عندما قام بتركيب سخانه في الطابق السفلي من منزله في عام 2021، كان بإمكانه شراء طن واحد من الكريات الخشبية مقابل حوالي 150 يورو (154 دولارا أمريكيا). الآن، تحوم الأسعار حول 450 يورو للطن الواحد وأكثر، إذا كان المرء محظوظا بما يكفي للحصول عليه أساسا. وقال هادزيتش لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "حظر تصدير الكريات الخشبية حتى لم يساعد كثيرا"، في إشارة إلى الإجراءات الحكومية التي اتخذت في يونيو الماضي، والتي علقت بيع كل من كريات الخشب والحطب في الخارج. لكنه كان محظوظا لأنه اشترى خمسة أطنان في الوقت المناسب، "قبل أن تشهد الأسعار ارتفاعا جنونيا"، على حد قوله. في حين أن هادزيتش مستعد لهذا الشتاء، إلا أنه يشعر بالقلق بشأن توقعات العام المقبل. وإذا ظلت الأسعار مرتفعة إلى هذا الحد، أو إذا كان هناك نقص في الكريات الخشبية، فسوف يضطر إلى العودة إلى الحطب، وهو ما يعتبر أيسر كلفة. وأفاد "لقد ارتفع سعر الحطب أيضا ولكن ليس بنفس القدر الذي ارتفعت به أسعار كريات الخشب". قبل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، كانت الأخيرة تمثل موردا رئيسيا للحطب والكريات الخشبية بالنسبة لأوروبا. والآن تضطر الأسواق إلى البحث عن مصادر جديدة للإمداد، بما في ذلك حوالي 40 منتجا بوسنيا للكريات الخشبية. وقد أدى ارتفاع الطلب إلى زيادة أسعار كريات الخشب والحطب في السوق المحلية. وفي حالة الحطب، كانت الزيادة أكثر من 50 في المائة. وقبل حظر التصدير، كانت البوسنة تصدر ما بين 500 و700 طن من الكريات الخشبية يوميا، حسبما ذكر محمد حلاق، المالك المشارك لشركة "درفوسييكا"، التي تعد أكبر مورد في البلاد للحطب والكريات الخشبية والفحم. وفي أوائل نوفمبر، قررت حكومتا الكيانين البوسنيين، جمهورية صربسكا واتحاد البوسنة والهرسك، وضع سقف سعري للكريات الخشبية عند 280 يورو للطن. وقال أمير حسن بيغوفيتش، البالغ من العمر 56 عاما من مدينة موستار التي تقع على بعد حوالي 120 كم جنوب غرب العاصمة سراييفو، إن "هذا لا يزال ضعف الثمن الذي كنت أدفعه في السنوات السابقة"، وهو أمر يجعله غاضبا لأن البوسنة مغطاة بالغابات، لذلك يتوقع أن تكون المنتجات الخشبية أرخص. في السنوات السابقة، اعتاد على شراء أربع أطنان من الكريات الخشبية في الموسم الواحد لتدفئة منزله. لكن بسبب الارتفاع الكبير بأسعار الوقود، لم يعد هذا الأمر ممكنا اقتصاديا، على حد قوله. على موقع ((كليكس))، الموقع الأكثر زيارة في البلاد، كشف متقاعد عن "إستراتيجية" للحفاظ على الدفء بأكثر الطرق اقتصادا. وأوضح المتقاعد "أقضي أنا وصديقي الكثير من الوقت في مراكز التسوق، حيث نلتقي مع أصدقائنا الآخرين. نشرب القهوة أو الشاي، ونتسكع ثم نذهب في جولة على الأقدام وننظر من النوافذ إلى الخارج. وبهذه الطريقة يمكننا توفير المال لتدفئة منازلنا وإشغال أنفسنا أيضا عن المشاكل". وحسن بيغوفيتش هو واحد من العديد من البوسنيين الذين يتحولون إلى الكهرباء لتدفئة منازلهم. وذكرت وسائل إعلام بوسنية في تقارير لها عن ارتفاع الطلب على المضخات الحرارية وعلى أجهزة التدفئة الكهربائية الأرخص مثل مكيفات الهواء والمشعات الحرارية ومراوح التدفئة. وظل سعر الكهرباء، المدعوم من الدولة، دون تغيير هذا العام، مما يجعله خيارا أكثر تنافسية لتدفئة المنازل من المنتجات الخشبية التي كانت شائعة في السابق. ولكن ليس هناك أي ضمان حول بقاء أسعار الكهرباء منخفضة، كما ذكر أدمير أنديليجا، مدير شركة "إيلكتروبرفريدا"، وهي واحدة من شركات الكهرباء الثلاث المملوكة للقطاع العام في البلاد. وقال أنديليجا لمحطة ((بي أتش تي)) التلفزيونية المملوكة للدولة، في مقابلة، إن "الشركة ستضطر إلى مضاعفة سعر الكهرباء للأسر للجزء الإضافي من الاستهلاك الذي يتجاوز متوسط العام الماضي". وحذر خبراء من أن الزيادة المفاجئة في الاستهلاك المحلي للكهرباء قد تقوض أيضا دور البوسنة والهرسك كمصدر رئيسي للكهرباء. وتبيع البلاد حاليا ربع إنتاجها السنوي بشكل رئيسي إلى كرواتيا وصربيا. وحقق ذلك إيرادات بقيمة 450 مليون يورو في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، وفقا لشركة "إيلكتروبرفريدا".■
مشاركة :