سبع سنوات وأكثر مرت وملف مقترح نظام مكافحة السمنة لم يحسم بمجلس الشورى، وهو المقترح الذي أيًّدت اللجنة الصحية بالمجلس ملاءمة دراسته لتشريع نظام يتصدى لمرض السمنة ويكافحها حتى بعد تفعيل المركز الوطني للوقاية من الأمراض المعدية بسبعة أشهر، وصوت أعضاء المجلس حينها بالأغلبية لإجراء دراسة لهذا النظام وفق ما قدمه الأعضاء السابقون الدكتور عبدالله العتيبي والدكتور فهد العنزي والدكتور أحمد آل مفرح والدكتور عدنان البار -رحمه الله- والعضو الحالي الدكتورة منى آل مشيط، ولكن عدلت اللجنة الصحية عن توصية الملاءمة بعد ذلك وخلصت في رأي جديد إلى عدم مناسبة الاستمرار بدراسة نظام مكافحة السمنة، وجاء بمقدمة مبرراتها أن إحالته للجنة في 23 صفر عام 1438 سبق تفعيل المركز الذي صدر قراره في نهاية شهر ذو القعدة من نفس العام..!، وهي التي أيَّدت المقترح وطالبت في الرابع من شهر جمادى الآخرة عام 1439 أي بعد قرار تفعيل المركز الوطني للوقاية من الأمراض، وأكدت حينها الحاجة لإيجاد نظام يكافح السمنة، مشيرةً إلى أن الاحصائيات تبين أن معدل السمنة وزيادة الوزن بين المواطنين بلغ أكثر من 70%، خاصة بين الأطفال والشباب الذين يمثلون ما لا يقل عن 50% من عدد السكان، كما تشير الاحصائيات إلى أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل بالمملكة مصابون بالسمنة، وأكثر من 36% من سكان المملكة مصابين بمرض البدانة القاتلة، الأمر الذي أدى إلى الإصابة بالعديد من الأمراض ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم، وكذلك زيادة الدهون والكولسترول وحصوات المرارة والسكري، إلى جانب بعض أنواع السرطانات والتهاب وآلام المفاصل، وأمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية. صحية الشورى..! وفي دلالة على قناعة اللجنة الصحية بوجاهة المقترح، شددت على أهمية إيجاد نظام يعنى بمكافحة زيادة الوزن وتوحيد الجهود القائمة والتنسيق بين الجهات المعنية، ويلزم بموجبه اتخاذ إجراءات للحد من زيادة السمنة والبدانة، وتخفيض معدلاتها بين الناشئة على وجه الخصوص وللمجتمع بعمومه، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة وبرنامج التحول الوطني، ويفضي إلى خفض الموازنات المخصصة لعلاج البدانة وجراحة السمنة، ويحد من إجراء عمليات الجراحة التي بلغ مستوى الهدر فيها نحو 80% من نسبة العمليات. تضمين الصحة والتغذية بالمناهج وذهبت اللجنة الصحية إلى إمكانية القيام بالعديد من الإجراءات في ظل وجود نظام مكافحة السمنة مثل إدراج برامج الصحة العامة في جميع السياسات والنهج الشاملة للحكومة ككل والنهوض بتنفيذ الاستراتيجية العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن أنماط التغذية والنشاط البدني والصحي، ووضع إجراءات تستهدف التشجيع على الأنظمة الغذائية الصحية وزيادة النشاط البدني بين أفراد المجتمع، وتنظيم التربية البدنية والنشاط البدني المعزز للصحة بمستويات مكثفة في مدارس البنين والبنات، إضافة إلى تهيئة البيئات الصحية الآمنة في المتنزهات العامة، والأماكن الترفيهية بهدف تشجيع النشاط البدني، وزيادة ساعات النشاط البدني في المدارس، وتضمين المناهج الدراسية منهجاً عن الصحة والتغذية، ودعم برامج التغذية الصحية التثقيفية وتشجيع الرضاعة الطبيعية وحمايتها ودعمها للتقليل من خطر الإصابة بأمراض السمنة والأمراض غير المعدية، ونشر وتكثيف حملات التوعية في وسائل الإعلام. السمنة تهدد 70 % من الأطفال والشباب وصحية "الشورى" تتراجع عن تأييد مقترح لمكافحته تراجع وتناقض..! وفي تقريرها الذي ينتظر عرضه للمناقشة تحت قبة الشورى ليكون للتصويت كلمة الفصل في قبول أو رفض توصية اللجنة، أشارت صحية الشورى إبان رئاسة الدكتور محمد خشيم - عضو الشورى السابق - لها إلى أن المركز الوطني للوقاية من الأمراض قد بدأ بوضع نظام للصحة العامة ومن ضمنها مكافحة السمنة واتخذ بعض الإجراءات وبدأ بمبادرة رشاقة وإصدار دليل الإشراف الموحد للمقاصف المدرسية ولديها خطة تستهدف ستة آلاف مدرسة بحلول العام المقبل وقام بتجهيز 40 مركزاً صحياً لزيادة رشاقة النساء بمسمى مشروع صالات اللياقة النسائية في مراكز الرعاية الصحية الأولية، كما يتم العمل حالياً مع وزارة التعليم لوضع التوعية اللازمة عن السمنة في المناهج الدراسية، كما أوضحت اللجنة بأن المركز يقوم وبمشاركة الهيئة العامة للغذاء والدواء بعمل مبادرة الغذاء الصحي والتشريعات اللازمة ووضع آليات المراقبة المطلوبة، وقد تم تكوين اللجنة الوطنية للتغذية التي تختص بوضع مواصفات الغذاء الصحي وتوعية المجتمع بجميع القطاعات والأنظمة، وأيضاً التعاون مع الهيئة في عمل المسح الغذائي الموحد وإنتاج أطلس الغذاء السعودي، وتؤكد اللجنة الصحية أن لدى المركز الآن القدرة من خلال مبادراته وتمثيله والميزانية المصروفة له في العمل على مكافحة السمنة وغيرها، وأن المشروع المقترح للأعضاء في مكافحة السمنة أصبح من مسؤوليات وواجبات المركز الوطني للوقاية من الأمراض ولديه ميزانية مستقلة وتمثل فيه جميع القطاعات الصحية المختلفة والأخرى ذات العلاقة وعددها 12 قطاعا، وترى اللجنة منعاً للازدواجية أن مشروع مكافحة السمنة المحال إليها أصبح من واجبات ومسؤوليات المركز ولذلك رأت عدم مناسبة الاستمرار في دراسته. شوريًّون: الإحصائيات خطيرة وتستدعي مواجهة المرض وتكاليف علاجه لماذا لم يقتنع أعضاء المقترح..؟ من ناحيته، لم يقتنع أصحاب المشروع المقترح بتوصية اللجنة الصحية وأكدوا في تقرير المشروع أنه نص على اتخاذ التدابير الكفيلة بتنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية الرامية إلى التقليل من أثر تسويق الأطعمة غير الصحية والمشروبات الغازية وإلزام القطاع الخاص بذلك، وأوضح تقرير مشروعهم لمكافحة السمنة أن 70% من الرجال و75% من النساء مصابون بالسمنة وزيادة الوزن، مرجعين أسباب انتشارها وسط المجتمع السعودي وخصوصاً شبابه وشاباته، إلى العديد من العوامل ومنها وجود مدن وبيئة غير مساعدة على الحركة وممارسة الرياضة والمشي كما أن الغذاء والنشاط البدني في المدارس سيئ جداً، إلى جانب كثرة مطاعم الوجبات السريعة وغياب القوانين التي تلزمها بتوفير البدائل الصحية وغيرها من القوانين التي تراعي الصحة العامة، وأيضاً اعتبار الطعام من وسائل الترفيه، وكذلك الكسل والاعتماد على الآخرين، وقلة اللعب الحركي، إضافة إلى إطالة الجلوس أمام شاشة التلفاز والتأثر بإعلاناتها، وهوس التسوق وخاصة للعروض التجارية، وعدم الاهتمام بنصائح المختصين، ويؤكد الأعضاء أن الإحصائيات والأرقام تبين بشكل جلي خطورة الوضع القائم وضرورة تدخل الجهات المعنية بالشأن الصحي لوضع حد لهذه الآفة التي لا تهدد فقط البالغين بل لها تأثير سلبي بارز على الأطفال وحياتهم في المستقبل وما ينتج عن ذلك من تكاليف باهظة الفاتورة لعلاج الأمراض التي يكون لها السبب الرئيس فيها هو داء السمنة، وبات ضرورياً تضافر الجهود لوضع التشريعات اللازمة لمكافحة داء السمنة والنص على ذلك في الأنظمة المتعلقة بالصحة في المملكة. رأي الصحة وهيئة الغذاء وفي ثنايا تقرير اللجنة الصحية بمجلس الشورى أوردت اللجنة ردود من حديث المندوبين الذين استضافته أثناء دراسة مشروع نظام مكافحة السمنة المقترح وجاء في حديث المندوبين أن وزارة الصحة لديها مبادرات كثيرة في الصحة العامة من ضمنها مبادرة إنشاء المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها، وتم تشكيل مجلس إدارته وبدأ العمل فعلياً، كما قامت الوزارة خلال السنتين الماضيتين بوضع عدد من المبادرات لمكافحة السمنة من خلال قياسات محددة وهي تنطلق من رؤية المملكة 2030 التي تنص على زيادة عمر الإنسان في المملكة إلى 80 عاما، كما أن المركز حسب قرار مجلس الوزراء يتبع لوزير الصحة من ضمن هيكلة الوزارة ونأمل أن يُفصل مستقبلاً على غرار الهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة السعودية للتخصصات الصحية. السمنة بمشروع التحول و قدمت – حسب حديث المندوبين - ثلاثة موضوعات استراتيجية لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من مشروع التحول وهي: مكافحة السمنة، ومكافحة التبغ، والسلامة المرورية، وتم إضافة بعد ذلك (13) مبادرة جديدة، من ضمنها التطعيمات والأمراض المعدية وغيرها، والركائز الأساسية التي ترتكز عليها المبادرات هي الأمراض المعدية وغير المعدية، واستجابة طوارئ الصحة العامة، كما أن من ضمن مبادرات المركز إعداد نظام للصحة العامة، وهو يشمل جميع المبادرات ويشترك فيه المجلس الصحي، والهيئة العامة للغذاء والدواء، وأغلب القطاعات ذات العلاقة، كما أن السمنة ليست مشكلة وزارة الصحة لوحدها بل تشترك فيه قطاعات كثيرة وهذا يقوم به المركز الوطني للوقاية من الأمراض للتنسيق بين هذه القطاعات وتوحيد الجهود. استراتيجية تنظيم الغذاء الصحي %36 من سكان المملكة مصابون بمرض البدانة القاتلة و75 % من النساء بزيادة الوزن أما الهيئة العامة للغذاء والدواء فقد رأت بداية من ربيع الثاني عام 1438 أن تسهم في تنظيم عملية الغذاء الصحي وأن تشارك في استراتيجية تنظيم الغذاء الصحي وأقرت هذه الاستراتيجية في ذات العام وبعدها تم إنشاء برنامج الغذاء الصحي في الهيئة وانطلقت الاستراتيجية من ممارسات دولية وما تنادي به منظمة الصحة العالمية بوجود ثلاثة عناصر غذائية مسببة للأمراض المزمنة، ومن ضمنها السمنة وحدد الملح والسكر والدهون نقاط رئيسة للعمل عليها وتكون مجال للتشريع والتنفيذ للتخفيف منها، وترتكز الاستراتيجية على مكافحة السمنة، بخفض نسبة السكر في جميع العناصر الغذائية وتحسين مستوى الدهون وخفضها في جميع المنتجات الغذائية، قامت هيئة الغذاء والدواء بالتوقيع مع (9) شركات عالمية في مبادرة ذاتية طوعية لخفض مكونات منتجاتها من الملح والسكر والدهون، وفيما يخص مواصفة البيانات التغذوية في صورة إشارة ضوئية، فبينت الهيئة أن هذا نظام عالمي وتم إقراره من مجلس الإدارة السابق على أن يكون في المرحلة الأولى اختياري، وإذا ثبت جدواه سيتم تطبيقه بشكل إلزامي، كما ألزمت هيئة لغذاء والدواء الشركات بوضع كمية السكر المضاف في البطاقة التغذوية، وفيما يخص الدهون فقد صدر فيها تنظيم ملزم أن لا تتجاوز نسبة الدهون في المنتج (5%) إذا كان صلب ، و(2%) إذا كان عبارة عن زيوت، كما تم إنشاء لجنة وطنية للتغذية وكانت وزارة الصحة والهيئة العامة للغذاء والدواء ترغب أن تكون في المركز الوطني للوقاية من الأمراض، ولكن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وضعتها في الهيئة وتم تشكل اللجنة وستبدأ عملها الشهر القادم وهي موجودة في أغلب دول العالم تقوم برصد الحالة التغذوية للمجتمع، ووضع توصيات فيما يخص المعروض الغذائي، والأمراض المرتبطة به وهي لن تختص فقط بالسمنة بل هي شاملة، تشمل نقص الفيتامينات والعناصر الغذائية. أطلس الغذاء السعودي وجاء في تقرير صحية الشورى عبر حديث المندوبين، أن العامل الوراثي لا يشكل إلا حوالي (5%) من عوامل السمنة، كما أن للمركز الوطني للوقاية من الأمراض المعدية تمثيل من أكثر من قطاع وهو ممثل من أغلب القطاعات ذات العلاقة، ومن ضمن استراتيجية المركز وضع برنامج لمكافحة السمنة يرصد مؤشرات السمنة بالتعاون مع القطاعات الأخرى، وكذلك التوعية، وأيضاً بالتعاون مع الهيئة العامة للغذاء والدواء سيتم عمل المسح الغذائي الموحد وإنتاج أطلس الغذاء السعودي. أ.د. عبدالله العتيبي د. فهد العنزي د. محمد خشيم
مشاركة :