الدوحة - تمكّن المهاجم أوليفييه جيرو من نسج قصته بتصميم وبصورة غير نمطية ليتحدى كل الصعاب والتحديات التي واجهته في مسيرته ويصبح على مشارف دخول التاريخ، حيث يكفيه تسجيل هدف واحد في مرمى بولندا الأحد في ثمن نهائي مونديال 2022، ليصبح الهدّاف القياسي للمنتخب الفرنسي. في سن السادسة والثلاثين، يحتاج المهاجم المخضرم الى هدف واحد فقط ليتخطى المهاجم تييري هنري وينفرد في المركز الاول في صدارة الهدّافين التاريخيين لبلاده (يتساوى اللاعبان بـ 51 هدفًا). بعد ثنائيته، في المباراة الافتتاحية ضد أستراليا (4-1)، حذر أيضًا لاعب ارسنال الإنكليزي السابق، الذي بات يشعر بأنه قريب منه اكثر من اي وقت مضى "'تيتي'، كن حذرًا أنا قادم!". فقط قبل اشهر قليلة وتحديدا في ايلول/سبتمبر الماضي، كان جيرو يظن انّ مشاركته في مونديال قطر بعيدة المنال. قبل عام، لم يكن المدرب ديدييه ديشان يقوم باستدعائه طالما أنّ كريم بنزيمة حاضر للمشاركة. لكن مهاجم ميلان الايطالي جعل نفسه خياراً دائماً، وفاز بمكانه مرّة أخرى. ثم ادّت اصابة بنزيمة وغيابه عن مونديال قطر بانتزاعه موقعاً أساسياً. وفي حال استحال على جيرو تخطي هنري، فهو سيشعر بالندم لانّ لاعبين آخرين يقتربون شيئا فشيء، كزميله الحالي أنطوان غريزمان (42 هدفًا) والنجم الشاب كيليان مبابي الذي يتقدم بشكل صاروخي (31 هدفًا)، لذا فإنّ الأمر هو مكافأة لا تعوّض لجيرو عن رحلة مذهلة مليئة بالمزالق والتحديات. من غرونوبل فوت 38، وهو ناديه الذي تأسّس فيه، وصولا الى استاد المدينة التعليمية في الدوحة، كتب جيرو قصته بمرونة، ووفاء لأحلامه. الصعوبة تجعلني أستمر قال جيرو في عام 2020 في مقابلة مع بي ان سبورتس "لقد بنيت نفسي دائمًا في المحن، هذا يشبه إلى حد ما قصة مسيرتي". وتابع "هناك أوقات كنت أفضّل فيها أن يكون الأمر أسهل، ولكن عليك أن تؤمن بأن الصعوبة تجعلني أمضي قدمًا". تألق جيرو، المولود في مدينة شامبيري، بشكل متأخر مقارنة بنجوم المنتخب الفرنسي عادة: بعد غرونوبل وإيستر وتور، بلغ أخيرًا الدوري الفرنسي للدرجة الاولى "ليغ1" في سن 23 عن طريق مونبلييه. فُتحت ابواب المنتخب الفرنسي لجيرو في تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وهو في الـ 25 عامًا. بعد بضعة أشهر، تحقق حلم آخر، بانتقاله الى الدوري الإنكليزي الممتاز. في غضون خمس سنوات ونصف في صفوف آرسنال، كشف "المدفعجي" الفرنسي عن معدنه. في الوقت نفسه، أصبح الرجل الأساسي لديشان، الى جانب بنزيمة، ثم بدونه بمجرد غياب لاعب ريال مدريد. في بعض الأحيان، يحمّله الجمهور مسؤولية عدم وصول بنزيمة الى شباك الخصم، بطريقة "غير عادلة" تمامًا حسب ديشان. بين الفترات الغزيرة والخالية، كما كان الحال في كأس العالم 2018 التي فاز بها المنتخب الفرنسي، يجد جيرو الإجابة على كل شيء. وقال في عام 2021، بعد أن سجل هدفين اثر حلوله بدلا من بنزيمة "أصدقائي يدعونني بطائر الفينيق غرونوبل. إنها مجاملة، فهذا يعني أنه بغض النظر عن الظروف ، فأنا لا أستسلم". لا استسلام يتمتع أيضًا بمغفرة سهلة تجاه بنزيمة الذي قال مرة في مقابلة انه لا يمكن الخلط بين "الفورمولا 1" و"الكارتينغ". وقال جيرو مازحا "سوف أدعوه إلى حلبة الكارتينغ وسنقاتل بعضنا البعض، هذا كل شيء!". إنه يستخدم نفس النبرة مع هنري عندما يمازحه الأخير من خلال تسميته بـ "الرجل العجوز". وقال متوجها لبطل العالم 1998 "إنه يمتعني، 'تيتي'!". على مر السنوات، خسر جيرو الذي خاض 117 مباراة دولية، وقته على ارض الملعب مع اندية عدة سواء في أرسنال ثم تشلسي. لكن في كل مرة، كان يمنحه منتخب فرنسا نفسا جديدا، فهو حاسم هناك. اختار جيرو بعد ذلك ميلان الايطالي. اصبح المطلوب منه الكثير بعد فوز "روسونيري" بلقب الدوري الايطالي. وعندما تراجعت مكانته مع "الزرق" في عام 2022، كان يلتهم كل "فتات" بشهية الغول، ويقبل دوره كبديل لبنزيمة بينما ينتظر وقته. اليوم، يملك جيرو الفرصة للانفراد بالرقم القياسي واثبات قيمته التي استخف بها الكثيرون.
مشاركة :