إيران تحل شرطة الأخلاق في أول تنازل من السلطة الدينية

  • 12/4/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

طهران - قررت إيران حل شرطة الأخلاق التي كانت سببا في تفجر احتجاجات لم يسبق لها مثيل منذ الثورة الإسلامية (1979)، في محاولة لتبريد انتفاضة أصبحت تشكل تحد كبير للنظام الديني الذي يحكم قبضته على الحكم منذ أكثر من أربعة عقود، بينما تأتي هذه الخطوة فيما تستعد طهران أيضا لمراجعة قانون الحجاب الالزامي وتوابعه من ضوابط اللباس. ولا تشير هذه التطورات إلى تغير في التوجه المتشدد بقدر ما تكشف حجم المأزق الذي تئن إيران تحت وطأته منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي. ولطالما أثنى علي خامنئي أعلى مرجعية دينية في الجمهورية الإسلامية على شرطة الأخلاق وعلى ميليشيا الباسيج، لكن يبدو أن سياسة الهروب إلى الأمام في التعاطي الأمني مع الاحتجاجات وصلت إلى طريق مسدود. وأعلن المدعي العام الإيراني حجة الإسلام محمد جعفر منتظري إلغاء شرطة الأخلاق من قبل السلطات المختصة، كما أفادت وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا) الأحد. وقال في وقت متأخر من مساء أمي السبت في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة إن "شرطة الأخلاق ليس لها علاقة بالقضاء وألغاها من أنشأها". وكان المدعي العام يرد خلال مؤتمر ديني، على سؤال طرحه عن سبب "إغلاق شرطة الأخلاق" التي تعرف محليا باسم "كشت ارشاد" (أي دوريات الإرشاد) في عهد الرئيس الإيراني الأسبق المحافظ المتشدد محمد أحمدي نجاد من أجل "نشر ثقافة اللباس اللائق والحجاب". وتضم رجالا يرتدون بزات خضراء ونساء يرتدين التشادور. وبدأت هذه الوحدة دورياتها الأولى في 2006. وفشلت حملة قمع واسعة أفضت حتى الآن إلى مقتل نحو 300 من المحتجين اضافة إلى رجال أمن أو من الحرس الثوري الإيراني، في إخماد حراك شعبي سرعان ما تحول من احتجاج على ممارسات شرطة الأخلاق التي احتجزت وعذبت الفتاة الكردية الإيرانية مهسا اميني وتسببت بوفاتها بعد أيام من احتجازها ، إلى محاكمة شعبية للنظام الديني وممارسته القمعية وتضييقه على الحريات. ويشكل قرار حل شرطة الأخلاق ومراجعة إلزامية الحجاب أول تنازل من قبل النظام الديني بعد أن أصبح مصيره على المحك مع توسع الاحتجاجات إلى مناطق ساخنة في الأقاليم النائية التي تضم أقليات دينية وعرقية وتعاني من التهميش والإقصاء. وتحاول السلطات من خلال هذه الإجراءات احتواء الغضب الشعبي داخليا، بينما تواجه ضغوطا خارجية ودعوات دولية لوقف فوري لحملة القمع إلى جانب توترات أخرى بفعل جمود المفاوضات النووية وعقوبات غربية. وفي الفترة الأخيرة أشهر النظام ورقة الإعدام بحق ممن تم اعتقالهم من المحتجين ممن تقول السلطات إنهم مخربون وإرهابيون. وقد صدرت إلى حدّ الآن 6 أحكام بالإعدام بحق متظاهرين، بينما أعلنت السلطة القضائية الإيرانية الأحد إعدام أربعة رجال قالت إنهم أدينوا بـ"التعاون" مع إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية. وأورد موقع 'ميزان أونلاين' التابع للسلطة القضائية أن "هذا الصباح، نُفّذت الأحكام الصادرة بحق أربعة من الأعضاء الرئيسيين في مجموعة من المارقة مرتبطة بأجهزة استخبارات النظام الصهيوني". وفي 22 مايو/ايار، أعلن الحرس الثوري الإيراني في بيان أنه أوقف أعضاء "شبكة تعمل تحت إدارة الاستخبارات الإسرائيلية". وسبق أن أعلن موقع 'ميزان أونلاين' الأربعاء الماضي أنه "وفقا للقرار النهائي الذي أصدرته المحكمة العليا، حُكم على المتهمين حسين أردوخان زاده وشاهين إيماني محمود آباد وميلاد أشرفي آتباتان ومنوشهر شهبندي بجندي بالإعدام لتعاونهم مع النظام الصهيوني وبتهمة الاختطاف". وبحسب بيان الحرس الثوري، فإن "هؤلاء الأشخاص ارتكبوا أعمال سرقة وتدمير لممتلكات شخصية وعامة وخطف والإجبار على اعترافات كاذبة". وأعلنت طهران في أكثر من مناسبة توقيف أشخاص قالت إنهم يعملون لصالح أجهزة استخبارات دول أجنبية لا سيما إسرائيل. في نهاية يوليو/تموز، أوقفت إيران "عملاء" قالت إنهم مرتبطون بالموساد جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، مضيفة أنهم عناصر من مجموعة كردية متمردة محظورة بتهمة التخطيط لاستهداف "مركز دفاع حساس". ويشن الحرس الثوري الإيراني هجمات من حين إلى آخر على معاقل لتنظيمات إيرانية كردية في إقليم كردستان بشمال العراق، ما تسبب في توتر مع بغداد التي اعتبرت تلك الهجمات انتهاكا للسيادة العراقية.       طهران - يراجع البرلمان والسلطة القضائية في إيران القانون الذي يفرض على النساء وضع غطاء للرأس والذي أطلق شرارة احتجاجات دامية تشهدها البلاد منذ أكثر من شهرين، وفق ما أعلن المدعي العام وذلك بهدف اسكات المحتجين. وتشهد إيران تحرّكات احتجاجية منذ وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني البالغة 22 عاما بعدما أوقفتها "شرطة الأخلاق" في 16 أيلول/سبتمبر لمخالفتها قواعد اللباس الصارمة في إيران، ودخلت في غيبوبة بعد وقت قصير، ثم توفيت بعد ثلاثة أيام. وتخلّلت الاحتجاجات إحراق متظاهرات حجابهن كما تم إطلاق هتافات مناهضة للحكومة. ومنذ وفاة أميني يتزايد عدد النساء اللواتي يرفضن وضع الحجاب، خصوصا في شمال إيران. ويرى مراقبون ان السلطات الإيرانية التي فشلت في قمع المحتجين قررت إسكاتهم عبر إعادة النظر في قانون الحجاب في أول تراجع من نوعه تقوم به السلطات في دولة تواجه معارضيها خاصة العلمانيين منهم والمطالبين بالحرية بالحديد والنار. ويشير متابعون لتطورات الملف الإيراني أن الخطوة الأخيرة مناورة للالتفاف على مطالب تتعلق بالحريات وتغيير النظام.  وأصبح الحجاب إلزاميا في إيران اعتبارا من نيسان/أبريل 1983، أي بعد اربع سنوات على الثورة الإسلامية التي أطاحت نظام الشاه. وفي مدينة قم، قال المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري إن "البرلمان والسلطة القضائية يعملان (على هذه القضية)"، في إشارة إلى تحديد ما إذا القانون يحتاج إلى تعديل. ولم يشأ منتظري تحديد ما الذي يمكن تعديله في القانون، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إسنا" الجمعة. والأربعاء التقت الهيئة المكلفة المراجعة اللجنة الثقافية في البرلمان، وقال المدعي العام إن النتائج ستصدر "في غضون أسبوع أو أسبوعين". والسبت قال الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي في كلمة متلفزة إن الأسس الجمهورية والإسلامية لإيران راسخة في الدستور.لكنه أشار إلى "وسائل لتطبيق الدستور يمكن أن تكون مرنة". وبعد أن أصبح الحجاب إلزاميا ومع تغيّر معايير اللباس بات من الشائع رؤية نساء يرتدين الجينز الضيق والحجاب الفضفاض الملون. لكن في تموز/يوليو من العام الحالي، دعا رئيسي المحافظ المتشدد "جميع مؤسسات الدولة لفرض قانون الحجاب".ومع ذلك واصلت نساء عديدات تحدي الأنظمة. وتتّهم إيران عدوّتها الولايات المتحدة وحلفاء واشنطن، لا سيما بريطانيا وإسرائيل وفصائل كردية خارج البلاد، بالتحريض على أعمال العنف التي تشهدها شوارع إيران والتي تصفها السلطات الإيرانية بأنها "أعمال شغب". وللمرة الأولى أعلن قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري العميد أمير علي حاجي زاده الأسبوع الحالي مقتل أكثر من 300 شخص في إيران منذ اندلعت الاحتجاجات على وفاة أميني. والسبت أصدر مجلس الأمن القومي الإيراني بيانا أعلن فيه مقتل "أكثر من 200 شخص" في الاضطرابات. ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن المجلس أن الحصيلة تشمل عناصر أمن ومدنيين ومسلحين انفصاليين و"مشاغبين". وأشار مجلس الأمن القومي الإيراني إلى أنه بالإضافة إلى حصيلة القتلى تقدر الأضرار التي نجمت عن أعمال العنف بملايين الدولارات. وتفيد منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها أوسلو، بأن قوات الأمن قتلت حتى الآن 448 متظاهرا على الأقل معظمهم في سيستان بلوشستان الواقعة في جنوب شرق إيران عند الحدود مع باكستان وأفغانستان. والأسبوع الماضي قال المفوّض السامي الأممي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن 14 ألف شخص بينهم أطفال أوقفوا في حملة قمع الاحتجاجات.

مشاركة :