بيروت - أطلقت قوات الأمن السورية اليوم الأحد الرصاص الحي على متظاهرين في السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب البلاد، كانوا قد اقتحموا مبنى حكوميا وأنزلوا منه صورة للرئيس السوري بشار الأسد تنديدا بتدهور الوضع المعيشي، ما تسبب في مقتل محتج وإصابة العشرات إصابات متفاوتة الخطورة. كما ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية بأن شرطي لقي حتفه خلال المواجهات وأعمال الشغب في المحافظة. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان وشبكة إخبارية محلية تظاهر المئات احتجاجا على تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية، قبل أن يقتحم محتجون غاضبون مبنى المحافظة الحكومي، ما أدى إلى أعمال شغب وإطلاق قوات الأمن السورية المكلفة بحماية المبنى الرصاص لتفريق المتظاهرين. وأفاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن "بمقتل متظاهر على الأقل برصاص قوات الأمن بعد اقتحام مبنى المحافظة ونزع صورة كبيرة للرئيس بشار الأسد كانت معلقة على واجهته". وقال الناشط ريان معروف من شبكة "السويداء 24" المحليّة للأنباء إن "المتظاهر توفي متأثرا بإصابته بعد نقله وأربعة مصابين إلى المشفى". والحكومة السورية موجودة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية عبر المؤسسات الرسمية والمراكز الأمنية، فيما ينتشر الجيش في محيطها. وتشهد بين الحين والآخر تظاهرات مماثلة. وذكر التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل "خارجون عن القانون يقتحمون مبنى محافظة السويداء ويحرقون الملفات والأضابير الرسمية"، من دون تفاصيل أخرى. وبدأت أعمال الشغب، إثر وصول المتظاهرين إلى أمام مقر المحافظة، حيث حصل "توتر أمني بعدما هاجموا المبنى بالحجارة واقتحمه عدد منهم"، وفق المرصد. وتوتّر الوضع، بحسب معروف "إثر إقدام عنصر أمني من قوات النظام على إطلاق الرصاص في الهواء لتفريق محتجين تجمعوا حوله، ما أثار غضب المتظاهرين الذين أحرقوا سيارته لتحصل بعدها أعمال شغب". وبثّت شبكة السويداء 24، مقاطع فيديو تظهر العشرات وهم يرددون هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" أمام المحافظة، بينما يقف مقابلهم عدد من الضباط وعناصر الأمن السوري. وفي مقاطع أخرى، تظهر عربة عسكرية مصفحة وهي تحترق وإطارات مشتعلة في شارع رئيسي في المدينة. كما تُسمع أصوات إطلاق رصاص كثيف. وتعيش مدينة السويداء كما معظم المدن السورية الأخرى واقعا خدميا مترديا، زاد سوءا في الأسابيع الماضية تزامنا مع شحّ كبير في المحروقات دفع موظفين وطلابا إلى عدم التوجه إلى أماكن عملهم ودراستهم في مدن عدة. وأصدرت الحكومة خلال الأيام الماضية عدة قرارات تقشفية مرتبطة بنقص المحروقات وزيادة ساعات التقنين الكهربائي. وشكّلت مدينة السويداء استثناء طيلة سنوات النزاع، إذ تمكن دروز سوريا الذين يشكلون ثلاثة بالمئة من السكان، إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته، فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد دمشق ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات آلاف الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم. وبقيت محافظة السويداء بمنأى نسبيا من الحرب باستثناء هجمات محدودة بين 2013 و2015 شنتها فصائل معارضة بعضها إسلامية متطرفة وتصدت لها مجموعات محلية، إضافة إلى هجوم واسع لتنظيم الدولة الإسلامية عام 2018 تسبّب بمقتل أكثر من 280 شخصا. وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبّب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان داخل البلاد وخارجها.
مشاركة :