شاعر لغوي وشاعر فيلسوف التبس في كلتا الحالتين بالشعر فقاله لغوياً وفيلسوفاً، الأمر الذي جعل عاطفته أميل إلى الغزارة في النظم، وجعل شعوره أكثر شاعرية في قول الشعر. والشاعر هنا نفسه اللغوي وكذلك الفيلسوف الذي يفكر في الشعر قبل نظمه أو قرضه فيشبعه لغة كما يملأه فلسفة. وليس ثمة عائق بين الشأنين الشعر والفكر، فكلاهما محوط بالقلب ومتعلق بالعقل، والجسور هو الشاعر المتمكن بالقالب الشعري وصبه الشعر فيه متفلسفاً ومتفهماً باللغة والفلسفة، والفقي هنا هو صاحب الشعر اللغوي والفلسفي الذي تألق في رباعياته أو أعماله الشعرية الأخرى بهذا التناول الشعري اللغوي والفلسفي.. شاعراً ومفكراً. السيرة الذاتية حمد حسن فقي، من مواليد مكة (1914 - 2004)، شاعر الرومانسية في الحجاز، ومن الرعيل الثاني في نهضته الأدبية. ومن طلائع الصحفيين بالحجاز. زاوج بين الشعر والفلسفة، واشتهرت أشعاره بالوجدانية والرؤية الغارقة في التشاؤم والزهد عن الحياة. وفضلا عن شهرته الأدبية والنقدية، كان الفقي بيروقراطياً تنقل في وظائف كثيرة في المملكة العربية السعودية، قام بتأسيس ديوان الرقابة العامة، كما عُيّن سفيراً للسعودية بإندونيسيا من عام (1955 - 1957م). تخرج الفقي من مدارس الفلاح بمكة، وتأثر بأعمال الرعيل الأول في الحجاز وبأعمال طه حسين وعباس العقاد والمازني وأحمد أمين، وباقي طلائع النهضة العربية، وشعراء المهجر؛ جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبوماضي، كما رأس الفقي تحرير صحيفة صوت الحجاز. أعماله عمل محمد حسن فقي أستاذًا للأدب العربي والخط بضعة أشهر بمدرسة الفلاح، وساهم في تحرير جريدة صوت الحجاز، ثم جريدة البلاد، وكان أول مدير عام لمؤسسة البلاد الصحفية. ثم عين رئيسًا لتحرير جريدة (صوت الحجاز) ثم صدر أمر معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ وزير التعليم العالي - رحمه الله - بتعيين الأستاذ الفقي مستشارًا للمجلة العربية، ثم انتقل للعمل بوزارة المالية والاقتصاد الوطني، ثم عين مديرًا عامًا بها، وبناء على رغبة سامية من الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - تم تعيينه سفيرًا للمملكة في إندونيسيا وحضر مع الملك فيصل بن عبدالعزيز المؤتمر الإسلامي في «باندونج». ثم عاد إلى المملكة وأمره الملك فيصل بن عبدالعزيز بتأسيس ديوان المراقبة العامة، ثم استقال من هذا المنصب لأسباب صحية. وعيّن بعد هذا المشوار الحافل بالعمل رئيسًا لمجلس إدارة البنك الزراعي. شعره نظم محمد حسن فقي القصائد الطوال، وبثَّ في أوصالها فلسفته وحكمته وألمه وتشاؤمه وإحباطه، كما نظمَ «الرُّباعيَّات»، وسواء قرأتَ له مطوَّلة أو قرأت له رباعيَّة، فلا بد أنك ستقف في هذه وتلك على شاعر جرب الحياة وخبرها، ولما كان له ذلك، صاغ تلك التجربة شعرًا، فهو شاعر قاده الشعر والفلسفة معًا إلى معنى «التَّسامح»، فكان، بذلك، شاعرًا «إنسانيًّا»، سخَّر «موهبته» للكتابة عن الإنسان، مهما كان دينه أو عرقه أو لونه أو ثقافته، فكان شعره مشابِهًا كبار الشُّعراء الإنسانيِّين في الأدب العربي، كأبي العلاء المعرِّي، وابن عربيّ المتصوِّف، فاتَّسع قلبه لكل الناس، وما ضاق بأحد، وكان صوته الشِّعري مختلفًا عن سواه مِنَ الشعراء السعوديين. وكما كان شعره يشع فلسفة وتنطق كلماته حكمة، كانت لا تخلو أشعاره من رومانسية طاغية، ذكرها د. عبدالعزيز الربيع في تقديمه لديوان الشاعر: (قدر ورجل): «تألق الفقي الرومانتيكي كمذهب أدبي شعري في الديوان، وهو مذهب يمثل تيارًا شعريًا عالميًا في أدب الحياة الحديثة في الفكر والأدب والثقافة الشعرية - إن صح التعبير - التزم به شاعرنا في نظم الشعر وقوله. ولا يستغرب فهو من المتمسكين جيدًا في هذا الأدب والشعر منه بالذات، إذ أنه الذي يربط المتلقي بالشاعر لا لشعره فحسب وإنما للروح التي فيه». ألقابه لُقب بشاعر مكة، وفيلسوف الحجاز وشاعر القافية، ويعد امتداد للشاعر حمزة شحاتة، كما يشبّه بالشاعر العربي أبو العلاء المعرّي. تكريمه كرمته المملكة في مهرجان الجنادرية ومنحته جائزة الدولة التقديرية، كما أن هناك جائزة أدبية عربية منذ عام 1994م باسم جائزة محمد حسن فقي للشعر والنقد الأدبي مقرها مصر، أسستها مؤسسة أحمد زكي يماني الثقافية الخيرية. مؤلفاته ديوان «قدر ورجل». المجموعة الشعرية الكاملة لمحمد حسن فقي، «سبعة مجلدات». «الفلك يدور». كتاب «نظرات». كتاب فلسفي بعنوان «أفكار في المجتمع والحياة». (جزءين). «هذه هي مصر». كتاب «ترجمة حياة». كتاب «رمضانيات فيلسوف». كتاب «فيلسوف». كتاب «مذكرات يومية»، (ثلاثة أجزاء). وفاته توفي عن 93 عاما في منزله بمدينة جدة في يوم السبت 16 شعبـان 1425 هـ 2 أكتوبر 2004.
مشاركة :