مما لا شك فيه أن الرياضة أصبحت من أهم الوسائل الفاعلة في التقريب بين الشعوب، وتصحيح أي انطباعات خاطئة عنها، وكذلك أصبحت من أكثر العوامل المساعدة على نشر ثقافتها، بالصورة التي تليق بها وبالصورة الحقيقية التي تمثلها وترتضيها، كما أنها أيضا أصبحت معيارا بالغ الأهمية، يعتمد عليه كثيرا في قياس مدى تقدم المجتمعات وتطورها، ليس فقط رياضيا وإنما أيضا فكريا وحضاريا وثقافيا.وهذه المكانة التي أصبحت تحتلها الرياضة، جعلت كثيرا من الدول توليها أهمية بالغة وعناية فائقة، تمثلت في تشجيع ممارستها وتوفير البنية التحتية اللازمة لخلق مناخ جاذب لها يحسن من جودة مخرجاتها، وكان لها ذلك خلال توظيف كل المقومات التي تمتلكها باختلاف أدواتها، وهو ما قاد كثيرا منها لتحقيق كثير من الإنجازات والبطولات، والتفوق على غيرها من الدول، فرفع ذلك من شأنها وشأن مجتمعها، وأظهر مدى قدرتها على التميز والإبداع.ولقد تنبهت القيادة السعودية لهذا الأمر وأهميته، ما جعلها تعمل على منح كل أوجه الرياضة بمختلف صورها وأشكالها اهتماما بالغا، تمثل في تقديم الرعاية اللازمة لها ماديا ومعنويا، خاصة رياضة كرة القدم، بحكم الشعبية الجارفة التي تحظى بها داخليا وخارجيا، إذ نجدها أظهرت حرصا كبيرا على استقطاب كثير من الكفاءات الرياضية، سواء كانوا مدربين أو لاعبين، سعيا منها لتحقيق إنجازات كروية تخلق صورة مشرفة عنها وعن نمط تفكير وحياة مجتمعها.إلا أن الذي مازال يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد، هو العمل على تحفيز المجتمع أكثر، وإقناعه بأهمية تبني الرياضة كثقافة وكوسيلة حياة، وتوعيته بأن من شأن ذلك الإسهام في تحقيق أمور عدة، أهمها تحسين جودته الرياضية وحجم تمكنه منها، وهو ما سيجعله حينها قادرا على البروز والانتشار عالميا، لتكون المحصلة الختامية تقديم صورة إيجابية عنه وعن ثقافة مجتمعه، تشهد بمدى التقدم الذي حققه.وهذا الجهد المطلوب زيادة التركيز عليه لا يقتصر القيام به على الدولة فقط، بل يجب أن يشمل جميع القوى الفاعلة في المجتمع، من إعلام وتعليم وصحة وغيرها من الجهات، والتي يقول الواقع إن دورهامازال مفعوله محدودا، وتأثيره لم يصل بعد إلى المستوى المطلوب، بل إن بعض مظاهره أثبت ـ وللأسف ـ أنه يشكل عقبة وعائقا أكثر من أنه عامل يساعد على تحقيق الغاية من وجوده، وهذا ما يجعلنا في حاجة ماسة إلى توعية القائمين على الرياضة والمعنيين بها قبل غيرهم، بضرورة تقويم وتصويب هذا الدور، لجعله أكثر نضجا وكفاءة.إن تكريس الثقافة المدركة لأهمية وجود وممارسة الرياضة في حياة أي مجتمع، بعد أن تبين أن مردودها الخارجي لا يقل أهمية عن مردودها الداخلي، هو أمر في غاية الأهمية، خاصة أن الميدان يشهد بأن وجود هذا الاهتمام من شأنه الإسهام في خلق سمعة دولية تحترم صاحبه، وتدرك بأنه وصل إلى درجة من الوعي جعلته يرى في تبني هذه الثقافة ركيزة أساسية، تمكنه من إبراز صورة حضارية راقية عنه وعن مدى تطوره، كما تؤكد ذلك كل مجريات المشهد الرياضي العالمي وإفرازاته.[email protected]
مشاركة :