إذا أصرّ "حزب الله" على رئيس للبنان بمواصفات أميل لحود وميشال عون فالتسوية ...وهم!

  • 12/14/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

منطق التسويّة الرئاسيّة في لبنان يتقدّم على منطق إجراء انتخابات حقيقيّة. ولهذا التقدّم أسباب عدّة يتشارك جميع الفرقاء في صناعتها، فعجز الرافضين للتسويّة الرئاسيّة عن فرض منطق انتخاب رئيس جديد ديموقراطيًّا بات ثابتًا ومؤكّدًا، في ضوء خلاصات تسع جلسات خصّصها مجلس النوّاب لهذه الانتخابات، والوقوف ضدّ الحدّ من سيّئات الشغور الرئاسي بتفعيل الأداء الحكومي، أصبح جامعًا للأضدّاد في الساحة المسيحيّة برعاية واضحة من البطريركية المارونيّة، المرجعيّة الروحيّة المسيحيّة الأبرز في البلاد، أمّا الدول المعنيّة بلبنان فلن تدخل على الخط، إلّا على قاعدة تذليل العوائق التي يمكن أن تقف في وجه تسوية تناسبها. ولكنّ تقدّم منطق التسوية الرئاسيّة على منطق الانتخابات الديموقراطيّة لا يفتح الطريق أمام الاتفاق على رئيس جديد للجمهوريّة، لأنّ الخلافات الفعليّة تتركز على الأسماء، فالأكثريّة النيابيّة، وفق التوزيع الحالي، هي ضدّ رئيس "تيّار المردة" سليمان فرنجيّة، المرشّح المعلن للثنائي الشيعي المدعوم من بعض التجمعات النيابيّة السنيّة ولا سيّما منها تلك التي تتماهى، ولو بنسبة معيّنة، مع رئيس "تيّار المستقبل" سعد الحريري الذي قاطع الانتخابات النيابية الأخيرة وعلّق عمله السياسي وغادر البلاد الى دولة الإمارات العربية المتّحدة التي لم تُعِد بعد فتح سفارتها في بيروت. وتجمع معارضة انتخاب فرنجيّة كلًّا من كتل "القوات اللبنانيّة" و"الكتائب اللبنانيّة" و"اللقاء الديموقراطي" و"التيّار الوطني الحر" والنوّاب "التغييريّين". وفي وقت يوحي فيه "الثنائي الشيعي" إعلامًّيا بأنّه لا يضع "فيتو" على قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، يقف "التيّار الوطني الحر" ضدّه، صراحة، فيما القوى السياسيّة الأخرى تشترط من أجل تأييده تعديل الدستور الذي يحول دون انتخاب قائد الجيش، وهذا شرط لا يبدو أنّه متوافر، نظرًا لحاجته الى أغلبيّة ثلثي عدد النوّاب الذين يتألّف منهم المجلس النيابي. وهذا يعني أنّ أكثر اسمين تداولًا في موضوع رئاسة الجمهورية يعانيان صعوبات كبيرة، ليس في الداخل فحسب بل في الخارج أيضًا، إذ إنّه في وقت ينقسم العرب حول الموقف من فرنجيّة، ترفض روسيا دعم العماد جوزف عون، بسبب رفضه القيام، طوال السنوات الماضية، بأيّ زيارة لموسكو، في وقت كان ينتقل الى الولايات المتحدة الأميركيّة، في زيارات شبه سنويّة. وإذا كانت الدول المعنيّة بلبنان لها ملاحظات، إيجابيّة أو سلبيّة، على أبرز مرشحَيْن رئاسيّين، فهي تخلّت عن أفكار اقتراحات كانت تحملها في وقت سابق، كما هي عليه حال فرنسا التي سحبت من التداول اسمي كلّ من جهاد أزعور وسمير عسّاف، على اعتبار أنّ طبيعة النظام السياسي اللبناني لا تسمح لأمثالهما بالنجاح في مهام رئاسيّة. ويحاول هؤلاء الذين باتوا جزءًا من منطق التسوية أن يعرضوا أسماء بديلة لكلّ من فرنجيّة وعون، وهنا يبرز إصرار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وهو أحد أركان "التكتل العوني"، على الاقتراع، منذ ثلاث جلسات نيابيّة، لمصلحة الوزير السابق زياد بارود، في وقت تلقى فيه النائب السابق صلاح حنين إشارات إيجابيّة لإعلان ترشيح نفسه، بحيث يكون، وسط عدم اعتراض النواب التغييريين، في اللائحة التي يمكن التوافق على اسم منها. وفي حال كانت نيّة التوافق قائمة، فإنّ لا شيء يحول دون أن يتّفق الأطراف على تنظيم خلافاتهم، بحيث يذهبان بإسمي بارود وحنين الى جلسات الإقتراع، وليربح...الأقوى. ولكنّ الأمور ليست بهذه البساطة، فمفهوم التسوية بالنسبة لـ "حزب الله"، "خاص جدًّا"، فهو لا يبحث عن تسوية من أجل إزالة العوائق التي تحول دون ملء الشغور الرئاسي، بل عن شخصيّة تلائمه ومشروعه وسلاحه وتوجهاته، وتكون على قياس من تصفهم شرائح كبيرة بالبلاد بأسوأ نموذجين رئاسيّين: ميشال عون الذي سقط لبنان خلال ولايته في الجحيم المالي والإقتصادي والإجتماعي والحياتي، وأميل لحود الذي سقط لبنان خلال ولايته في الجحيم الأمني! أكثر من يعرف هذه الحقيقة هو رئيس "التيّار الوطني الحر"، ولذلك فهو يعمل على حرق كل الأسماء التي يمكن أن يرى فيها "حزب الله" نموذجي ميشال عون وإميل لحود، ليبقى هو وحده في الميدان، وحينها-وهذا ما يأمله-يأخذ "حزب الله" الى السيناريو نفسه الذي كان قد اعتمده حتى أوصل العماد ميشال عون الى الرئاسة، على الرغم من أنّ الأكثريّة النيابيّة، في العام 2016 كانت مع فريق 14 آذار المناوئ لعون. وفي مقابلته التلفزيونيّة الأخيرة قال باسيل إنّه غير مرشّح للرئاسة الآن، ولكن لا يوجد شيء اسمه "لن أترشّح". بالنسبة لكثيرين، إنّ "حزب الله"، في حال ثابر على التفتيش عن رئيسين من عياري لحود وعون، فإنّ الأفضل للبنان أن يذهب الى مواجهة سياسيّة شاملة، لأنّه لم يعد هناك أيّ مجال ليختبر اللبنانيّون، جحيمًا ثالثًا!

مشاركة :