خلق الحرفيون والحرفيات في محافظة الأحساء لهم موقعاً رائداً من بين الحرفيين ليس على مستوى المملكة وحسب، وإنما على مستوى الخليج والوطن العربي، فحرفيتهم وتميزهم في المهن التي مارسوها منذ عقود منحت اسماً تجارياً واسع الانتشار، فحينما يذكر على سبيل المثال البشت الحساوي تتوقف المقارنة معه بأي بشت آخر، وهذا مؤشر على التفرد في الجودة الذي تولد حتماً من خبرة وإبداع. الحرفيون والحرفيات خلقوا من الإبداع بوابة اقتصادية لهم ولوطنهم، فحين النظر لحائكي البشوت من المواطنين "ورغم محدودية عددهم" فإنهم أصّلوا لهذه المهنة في الأحساء، وباتت تدر على أصحابها مبالغ كبيرة، وبات البشت الحساوي مطلوباً في كل دول الجوار لتميزه. وحين القيام بجولة على وسط مدينة الهفوف التاريخي وكذلك في قرى الأحساء المتعددة سيجد الزائر نفسه يقف أمام إرث اقتصادي وحضاري ضخم، ما دفع اليونيسكو لضم الأحساء خلال العام 2016 لشبكة المدن الإبداعية العالمية بمنظمة اليونسكو العالمية في المجال الإبداعي الخاص بالحرف اليدوية والفنون الشعبية كأول مدينة خليجية والثالثة عربياً، وبطبيعة الحال فإن خلف هذا الإبداع أنامل الحرفيين حفرت اسم الأحساء في مجال الحرف المختلفة. وتضم الأحساء حرفاً عديدة منها صياغة الذهب، وصناعة الفخار، وحياكة البشت، والقفاص، الصفّار، وصناعة الجلديات، وصناعة البسط، وخباز التنور، وصناعة الخوصيات وغيرها الكثير. أمانة الأحساء وللأخذ بيد الحرفيين نحو الاستمرار في حرفهم حفاظاً عليها، ولضمان ديمومة هذا البعد الاقتصادي والسياحي فقد أطلقت هذا العام النسخة الأولى من مهرجان محوره الرئيس الحرفيون، واختارت للمهرجان مكاناً في (سوق القيصرية) في وسط الهفوف التاريخي، وكأنها بذلك أرادت أن تلفت نظر الجميع من الباحثين والاقتصاديين إلى أهمية الحرف في الاقتصاد والتراث والثقافة، وبحسب أمينها م. عادل بن محمد الملحم فإن المهرجان ولد ليبقى في كل عام، ولم تكتفِ الأمانة في دعمها للحرفيين بإطلاق هذا المهرجان رغم أهميته، فعملها لإنشاء سوق للحرفيين يمضي على قدمٍ وساق، وكشف م. عادل ل"الرياض" عن أن العمل في سوق الحرفيين وصل مرحلة جيدة، وتوقع أن يتم الانتهاء من العمل فيه في غضون 18 شهرا، لافتاً إلى أن الموقع اختير لأن يربط بسوق القيصرية عبر شارع الحداديد، مؤكداً أن السوق سيستفاد منه مستقبلاً في إقامة الفعاليات، وشدد على أن عمل الأمانة لم يكن ليحظى بالنجاح إلا بمتابعة واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، وصاحب السمو الملكي الأمير بدر بن جلوي محافظ الأحساء رئيس مجلس التنمية السياحية، ودعم وزير الشؤون البلدية والقروية م. عبداللطيف آل الشيخ. وحث أمين الأحساء جميع المواطنين والمسؤولين على الاستفادة من هذه الفترة المهمة بعد ضم محافظتهم للمدن الخلاقة عالمياً، مشيراً إلى أن محبي التراث من كل دول العالم سيأتون للأحساء ليروا ويتعرفوا على ما لديها من إرث حرفي وثقافي شعبي، فلابد من الاستفادة من هذا الحدث اقتصادياً وسياحياً. ولابد من الإشارة إلى أن الحرفيين في المملكة يجدون دعماً لافتاً من رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز عبر البرنامج الوطني لتنمية الحرف والصناعات اليدوية (بارع)، الذي يتولى دعمهم وإشراكهم في المناسبات الوطنية والثقافية، كما أنهم يحظون بتكريم سنوي، ولكون حرفيو الأحساء لهم حضور لافت على صعيد المشاركات؛ فهم ينالون نصيب الأسد من تكريم هيئة السياحة، فالعام الماضي 2015 فاز سبعة حرفيين. وفي ذات السياق فإن الأحساء تضم مركز النخلة للصناعات الحرفية وهو المركز الوحيد من نوعه في المملكة والذي يهدف لإيجاد جيل جديد من الشباب الحرفيين لضمان ديمومة الحرف والحرفيين في الأحساء.
مشاركة :