إنّ الإزار مختصٌّ بالذكور دون الإناث بالإجماع، ويقف من أراد الائتزار فيضع الإزار بمحاذاة خصره، ثم يجعل أحد أطراف الإزار حول جسده، ويُطبق عليها في الجهة الأخرى جيدًا حتى يصل إلى نهاية الإزار، ثم يُمسك بالإزار من الأعلى ويَلفّه حتى يرتفع عن الأرض ليصل إلى نصف الساق، فقد قال عكرمة -رضي الله عنه- وهو يصف ابن عباس -رضي الله عنه- كيف يأتزر: "رأيت ابن عباس -رضي الله عنهما- يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدميه، ويرفع من مؤخره، فسأله عن سبب ائتزاره بهذه الطريقة؟ فقال له: إنّه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتزرها". ويجوز لمن لبس الإزار أن يلف عليه خيطًا حتى يُحكمه ويُثبّته فلا يقع وتنكشف عورته، ولا بأس بأن يجعل فيه حُجرة ليضع فيها النقود مثلًا أو أهم الحاجات، كما لا بأس لمرتديه بأن يضع طرف ردائه داخل الإزار. وقد أجاز العلماء عقد الإزار بِعقدةٍ إذا خشي المحرم انكشاف عورته، أو لم يستمسك معه الإزار إلا بهذه الطريقة، وممّن أجاز ذلك الشافعية والحنابلة، واختاره ابن حزم وابن تيمية -رحمهما الله-، وقد أجاز العلماء وضع التكّة للإزار -وهي كل ما يربط أو يشدّ به الإزار-، فلم يرد في الشريعة ما يمنع ذلك، وخالفهم في ذلك فقهاء المالكية فلم يجيزوا وضعها. ولا يجوز للمُحرم أن يلبس المخيط، فقد قال سُئل رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (يَا رَسولَ اللَّهِ، ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لَا يَلْبَسُ القُمُصَ، ولَا العَمَائِمَ، ولَا السَّرَاوِيلَاتِ، ولَا البَرَانِسَ، ولَا الخِفَافَ إلَّا أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ، فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أوْ ورْسٌ). وحول ما هو الإزار والفرق بينه وبين الرداء الإزار: هو الثوب الذي يُغطَّى به النصف الأسفل من البدن، والرداء: هو ما يُغطّى به الجزء العلوي من الجسد، والإزار: هو الملحفة، ومن أسمائه الإزْر والمِئْزر والمِئْزرة، وقيل: إنّ الإزار يأتي بمعنى كل ما يستر العورة، وقد جاء عن أعرابي أنّه رأى رجلًا يمشي في بيته عريانًا، فتعجّب وسأله لماذا يفعل ذلك، فأجابه الرجل قائلا: إنّ داره هي إزاره. والإزار والرداء متشابهان، فكلاهما غير مخيط، أي إنّهما يتكوّنان من قطعة من القماش، تأتي بأطوالٍ مختلفة حسب رغبة الشخص، وغالبًا ما يرتدي الشخص الرداء مع الإزار، وقد يرتديه مع ألبسة أخرى، ومن أسماء الرداء: الوشاح؛ وذلك لأنّه يُلَف على الكتف الأيسر ليغطّي الظهر والصدر كذلك، ثم يجتمع ويُعقد عند اليد اليمنى. الحكمة من لباس الإزار والرداء في الحج إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج أمرٌ يبعث في نفس المسلم التواضع والخضوع والخشوع لله -سبحانه وتعالى-، فلا يشغله لباسه عن استشعار روح العبادة والتوحيد لله -تعالى-. إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج من شأنه أن يُذكّر الإنسان بيوم القيامة، حيث يأتي الناس حفاة عراة مقبلين على ربهم، فيهاب الإنسان هول الموقف فيلجأ للتوبة وطلب الغفران من الله -تعالى- للنجاة من أهوال يوم القيامة. إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج يرمز إلى اتحاد المسلمين فيما بينهم، فالّلباس موحد، ولا فرق بين غنيٍّ ولا فقير، فتتحقّق المساواة التي من شأنها أن تؤلّف بين قلوب المسلمين وتوحّد صفوفهم. إنّ ارتداء الإزار والرداء في الحج يذكّر الإنسان طوال الوقت أنّه في حالة إحرام، فيحذر من ارتكاب أي ذنب كان، ويكثر من العبادات المختلفة والدعاء. حكم استبدال الإزار بالسراويل يجوز استبدال الإزار بالسراويل في الحج والعمرة في حال لم يجد المسلم ما يأتزر به مطلقًا، ولا يلزمه أن يشقّ السروال حتى يظهر بهيئة الإزار، بل يلبسه كما هو ولا فدية عليه، فقد قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبَسِ السَّرَاوِيلَ، ومَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ)، وهذا هو رأي الجمهور، وخالفهم بذلك الأحناف.
مشاركة :